جميل إرتم – صحيفة ملييت – ترجمة وتحرير ترك برس
بعد مرور بضعة أيام على الانقلاب بدأت حقائق الأمر تتبين، ومن ذلك حقيقة تنظيم فتح الله غولن الإرهابي ومن يقف خلفه من المنظومة العالمية بالدعم السياسي والاقتصادي، ومن أجل أن نعرف خريطة تحركاتنا المستقبلية يجب أن نفكك هذه المنظومة ونفهمها جيدا. في البداية يجب أن نعلم أن هجوم تنظيم فتح الله غولن على تركيا كان مباشرا ويستهدف تركيا لا أي شيء آخر، كما ينبغي أن نعرف أيضا بأن هذا الهجوم ما هو إلا بداية لمشروع المحافظين الجدد بتحويل تركيا لبلقان جديد.
المحافظون الجدد البارعون
ظهرت في هذه الأيام الكثير من الخفايا والمعلومات السرية الاستخبارية التي تدور حول حقيقة الانقلاب، ومن ذلك مثلا وجود معلومات استخبارية تفيد بأن الذي كان يدير الانقلاب هو فريق استخباري تابع لفولر، وهناك معلومات أخرى تفيد بأن غرهام فولر نفسه كان موجودًا في تركيا يوم الانقلاب ولكن تم تهريبه إلى دولة مجاورة في اليوم التالي بعد فشل مهمته. في ظل هذه الحقائق وغيرها الكثير نعلم أن تنظيم غولن لا يمكن أن يكون تشكيلًا تركيًا؛ وإنما هو ذراع أخرى للسياسة العالمية للمحافظين الجدد، فتنظيم غولن الإرهابي الذي يدّعي خدمة "المدنيين" يسعى جاهدا وبكل الطرق لخلق تركيا من دون أردوغان ورؤيته المستقبلية، ليُطرح السؤال هنا: من الذي سيستلم زمام الأمر في تركيا بعد تنحية أردوغان وحزبه؟
ماذا يريدون؟
تريد أمريكا من خلال إشعال الحروب في كل أنحاء المعمورة الحفاظ على مكانتها كشرطي وقوة ذات قطب واحد مسيطر على العالم وفي قمة هرم تسلسل القوى العالمية، فبالحروب التي أشعلتها منذ فترة بوش وما جاء بعدها من تطورات كاستخدام تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني، وبالتعاون مع إنجلترا التي انفصلت عن أوروبا لتشارك أمريكا مخططها، وباستخدام القوى البرلمانية داخل الحكومة التركية أرادت أمريكا إسقاط أردوغان وتنحيته عن الصورة الكلية. مع التطورات الأخيرة في السياسة التركية بدفع المنطقة إلى السلام العالمي كما ظهر بمبادرات التطبيع مع إسرائيل وروسيا، أرادت أمريكا استعجال أمر التنحية فبدأت بالانقلاب، لكن دعم الشعب لأردوغان ومقاومته التي امتدت لسنتين واكتملت بإفشال الانقلاب كانت السبب في منع ذلك.
روسيا وإيران
الرؤية الاستراتيجية للحرب العالمية: في البداية تريد أمريكا إدخال تركيا في حروب الشرق الأوسط بعد إحكام السيطرة عليها، كما ستستخدمها في إحكام نفوذها على دول شرق أوروبا ودول شرق آسيا، فأمريكا تريد إيقاف نمو النمور الآسيوية وتركيا، كما تريد تحجيم الدور الروسي في حوض المحيط الأطلسي. وحتى يُحكِم المحافظون الجدد قبضتهم على سياسات المنطقة فإنهم بحاجة إلى إضعاف تركيا والسعودية وإيران، والعكس كذلك صحيح؛ فلمنع كل هذه الأزمات العالمية التي تخلقها أمريكا يجب أن تكون تركيا والسعودية وإيران قوية، كما ينبغي أن تلعب بعض الدول الأوربية دورًا مؤثرًا لمنع هذه الأزمات.
ألمانيا
تساهم ألمانيا وغيرها الكثير من الدول في الدعاية والبروباغاندا للتنظيم الموازي، لكنها تنسى في هذه اللحظات المهمة مواقف تركيا السابقة، ففي تسعينيات القرن الماضي ولما سرّحت ألمانيا الغربية 90 ألف عسكري من ألمانيا الشرقية عندما استحوذت عليها وتركتهم عاطلين وادعت أن ذلك من أجل المصلحة الوطنية العليا وقفت تركيا ودول أخرى إلى جانب ألمانيا، فلماذا الآن وفي هذه الظروف لا يريدون ولا يقبلون سؤال تركيا عن سبب الانقلاب والأطراف المتورطة به؟
في النهاية أقول: ستفشل محاولة الانقلاب وغيرها الكثير من المحاولات التي تستهدف ضرب تركيا اقتصاديا وسياسيا، فتركيا ستأخذ بالتدابير اللازمة، وستنفتح على العالم، وستستقبل الاستثمارات، وستستمر في دورها القيادي والريادي العالمي...
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس