ترك برس
عبر الساسة الأتراك قبل أعوام عن عدم رضاهم من تناول الإعلام الغربي لأحداث غيزي بارك التي حدثت في صيف 2013، حيث أشاروا إلى أن الإعلام الغربي لا يتحلى بالمصداقية والحيادية والمهنية في نقل أنبائه، إذ "حولوا ما يجري في تركيا، من مظاهرات صغيرة لا تمثل 2% من رؤية المواطنين الأتراك، إلى حرب أهلية مستعرة!".
وفي هذا الإطار، سُلطت الأضواء من جديد على الشكل الذي تناول به الإعلام الغربي محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في تركيا بتاريخ 15 تموز/ يوليو، وكان الخبير الإعلامي تاج الدين كوتاي قد رصد الآلية التي تقمصها الإعلام الغربي لنقل أحداث المحاولة في مقاله "الإعلام الغربي ومحاولة الانقلاب الفاشلة" بأسلوب السؤال والإجابة كما يلي.
ما هي ردود الأفعال الأولية التي صدرت عن الإعلام الغربي تجاه محاولة الانقلاب الفاشلة؟
أما الإجابة على ذلك السؤال فكانت: "اتبع الغرب بشكل عام استراتيجية "انتظر وراقب"، ولم يستعجلوا في دعم أو معارضة أي فريق، ورؤية الغرب المذكورة عكستها وسائل الإعلام والمنظمات السياسية والاقتصادية الكبرى العاملة باسمه، بل أن الأمم المتحدة أظهرت نفس ردة الفعل، لتثبت من جديد بأنها تدار من قبل ثلة من الدول حول العالم، ولكن ما إن تأكد للجميع بأن الشعب قضى على محاولة الانقلاب، حتى بدأ المسؤولون الغربيون ووسائل إعلامهم تصدح بضرورة الاحتكام لأسس دولة القانون والديمقراطية أثناء التحقيق مع المنقلبين، وعلى الرغم من تزامن ذلك مع تأكيدهم على دعمهم للحكومة الشرعية، إلا أن اتجاههم لمنع الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء على بواقي الكيان الموازي المتغلغلة داخل أضلع الدولة."
ويوجز كوتاي ردة فعل الإعلام الغربي تجاه الانقلاب بالإشارة إلى أن الغرب فضل انتظار نتيجة الانقلاب النهائية، للنأي بنفسه عن أي حرج ممكن أن يعود عليه، في حين فشلت محاولة الانقلاب، ولكن من المؤكد بأنه كان سيدعم الانقلاب بشكل مبطن في حين حقق النجاح المنشود.
ما هي التغيّرات التي طرأت على آلية تناول وسائل الإعلام الغربية لخبر محاولة الانقلاب بعدما تم الإعلان عن فشله؟
لخص كوتاي التغيّر الذي طرأ على تناول وسائل الإعلام الغربي للأحداث في تركيا من وجهة نظره في عدة نقاط أساسية أهمها:
ـ تشتيت التركيز.
ـ التقليل من أهمية الحدث في تركيا.
ـ توجيه اهتمام القارئ نحو المواضيع الغير متعلقة بالانقلاب.
ـ إظهار عدة إشاعات سوداء ضد تركيا.
ويعرب كوتاي عن استغرابه من غض الغرب نظره عن عملية انقلاب كادت أن تكون الأكثر دموية في عصرنا الحالي، بينما يدعم الإجراءات التي تقوم بها الحكومة التركية لإحباط التغلغل القائم داخل الدولة من قبل جماعة تحاول السيطرة على الدولة وإقصاء كل ما يعارض فكرها.
وفي هذا الإطار يُشير كوتاي إلى نيويورك تايمز واندبندنت كانتا الأشهر في توجيه القارئ نحو الأفكار الخاطئة.
هل كان هناك فارق في آليات تناول وسائل الإعلام الغربي للقضية؟
يؤكّد كوتاي أن من الصعب الحديث عن وجود فارق في آلية تناول وسائل الإعلام الغربي لمحاولة الانقلاب الفاشلة، موضحًا أن معظم وسائل الإعلام الغربي بل كلها تتمحور حول نظرية "الشعب الذي ألقى بديمقراطيته للخطر"، غاضين النظر عن نظرية "الشعب الذي أنقذ ديمقراطيته".
ومن الأمثلة الواضحة على محاربة الإعلام الغربي للنجاح الذي أحرزه الشعب التركي، مجيء مراسل تلفزيون "أورف" النمساوي "روشان تيمور" في السابع عشر من يوليو، إلى إسطنبول، لنقل جنازة المستشار الإعلامي لأردوغان "أرول أولجاك" بالقول "ثمة عروض معادية للعلمانية أصبحت تظهر بشكل علني في إسطنبول"، وهذا ما يزعج بدوره القسم العلماني من الشعب، طارحًا أسئلة جدلية تثير التفرقة الاجتماعية مثل؛ "هل سيتمكن أردوغان من القضاء على هذه التفرقة، أم سيزيدها اشتعالًا؟".
ويقول كوتاي إن الغرب يريد من خلال سياسته الإعلامية غير الموضوعية تأجيج كراهية المواطن الغربي لشخص أردوغان، على أنه رجل هدفه الأساسي البقاء في السلطة على حساب وحدة وطنه وشعبه، مشيرًا إلى أنه في حال معرفة الجميع أن كلمة أردوغان وحدت الشعب تحت راية واحدة، يظل المواطن الغربي يعتقد بأن ما حدث في تركيا هو عبارة عن عملية "تمرد محقة" انطلقت من داخل الجيش الذي سئم تحرك "أردوغان التفريقي"، والعامل الرئيس في ذلك هو الإعلام البعيد كل البعد عن الموضوعية.
وتتعرض تركيا لعملية هجوم شرسة ليس فقط من قبل وسائل الإعلام الغربية، بل أن المؤسسات والحكومات الغربية أيضًا تطالب تركيا بالالتزام بمبادئ الديمقراطية أثناء عملية تطهير مؤسسات الدولة من عناصر فتح الله غولن، مما جعل المواطن التركي يتساءل: هل فعلًا الغرب يدعم الديمقراطية أم يدعم ثلة انقلابية رأى فيها إمكانية لتكون أداة بيده فيما بعد؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!