برهان الدين دوران - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
تمر العلاقات التركية الأمريكية بمرحلة حرجة، وعلى كلا الطرفين أنْ يتصرفا بحذر شديد إلى حين انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
هناك سببان لتأرجح العلاقات التركية الأمريكية، الأول يعود إلى ميل أوباما لنقل هذه المسؤوليات والأزمات للرئيس الأمريكي الجديد، والسبب الثاني يكمن في النظرة السلبية لمؤسسات الدولة الأمريكية، من البيت الأبيض والخارجية والبنتاغون، تجاه أردوغان وتركيا، وهذا الامر عبّر عنه بوضوح السفير الأمريكي السابق لدى أنقرة جيمس جيفري.
الأمر لا يتعلق بموضوع "الاستبداد"، هذه مجرد ذريعة وغطاء، بل أصل سبب النظرة السلبية الأمريكية تجاه تركيا واردوغان، يرجع إلى أنّ تركيا وجيشها يُبدي ممانعة تجاه الطلبات الأمريكية، لأنّ ما يهم تركيا وأردوغان هو مصالحها، التي ربما تتعارض مع المصالح الأمريكية، وهذا يجعل أمريكا تتضايق من تركيا. ومثال ذلك حديث أردوغان وتركيا المُستمر وانتقاداتها للنظام العالمي لانه يتعامل بمعايير مزدوجة، وهذا يسبب إزعاجا للولايات المتحدة الأمريكية. كما أنّ كلا الطرفين لا يُحسنان إدارة الأزمة، برغم أنهما حلفاء منذ عشرات السنوات.
ولهذا سيقوم أوباما بإرسال نائبه بايدن إلى تركيا بتاريخ 24 آب/ أغسطس، بعد إدراكه تصاعد الأزمة بين البلدين خصوصا بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، لأنّ تركيا وجهت انتقادات "للأصدقاء" من الغرب الذين لم يأتوا لزيارتها بعد انقلاب 15 يوليو.
تهدف زيارة بايدن إلى تخفيف حدة التوتر، ومحاولة التأكيد على الصداقة والتحالف بين البلدين، وسيكون موضوع إرجاع غولن على رأس جدول الأعمال، ولكن على ما يبدو لن يكون هناك تطورات سريعة في موضوع غولن وموضوع حزب الاتحاد الديمقراطي.
لا تزال واشنطن تُصر على موضوع الإجراءات القانونية في مسألة إعادة غولن، وهذا ما لاحظته خلال زيارتي إلى واشنطن الأسبوع الماضي، حيث تعتبر الإدارة الأمريكية بأنّ مسألة إعادة غولن ليست "سياسية" بل يجب أنْ تمر عبر إجراءات قانونية، وهو ما سيصعب الأمر ويجعله يستمر لفترة طويلة.
ولن يكون من المستغرب أنْ تقبل المحكمة الدعوى المقدمة، وحينها ستتحول المسألة "السياسية" إلى مسألة "قانونية"، مما يُكسب الإدارة الأمريكية المزيد من الوقت لتسليم هذا الملف للرئيس الأمريكي الجديد. وستكون العملية القضائية مرتبطة بقبول ذلك من المسؤولين السياسيين، وهذا الأمر لن يكون مطمئنا لأنقرة.
على الطرف الأمريكي أنْ يُظهر تعاونا أكبر في قضية منظمة فتح الله غولن، وربما الخطوة الأولى على هذا الطريق تتمثل بقطع الاتصالات بين غولن وبين مسؤولي المنظمة، وتشارك المعلومات الاستخباراتية بحق المنظمة مع تركيا.
محاولة الإدارة الأمريكية تمديد قضية إعادة غولن لأطول فترة زمنية، لن يُساهم في تخفيف حدة التوتر في العلاقات بينها وبين تركيا، خصوصا وأنّ هذا يظهر جليا من خلال ارتفاع نسبة الذين يعتقدون بوجود تعاون بين منظمة غولن وحزب العمال الكردستاني.
كما أنّ أنقرة كانت منزعجة ومنذ زمن من قضية الدعم الأمريكي المقدّم لحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب في شمال سوريا. وزيادة حدة العمليات التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني بعد المحاولة الانقلابية، سيقود الأنظار مجددا نحو الإدارة الأمريكية.
ولا بد من الإشارة إلى حديث أردوغان عن أنّ تركيا ستتخذ دورا أكثر فعالية في مكافحة الإرهاب، وأنها ربما توجه ضربات وتنفذ عمليات ضد حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب في شمال سوريا. ويبدو هذا الآن مُمكنا خصوصا بعد تطبيع العلاقات بين روسيا وتركيا.
وهذا يعني أنّ زيارة بايدن وإظهار "الصداقة" لن تكون كافية بالنسبة لأنقرة، بل إنّ تركيا تنتظر من أمريكا التعاون أكثر في مكافحة حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني ومنظمة فتح الله غولن.
وينبغي أن تكون زيارة بايدن بداية الطريق نحو تحقيق هذا المطلب التركي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس