ترك برس
رأى المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات، أنّ تعامل روسيا، وبقية الدول العظمى في حقيقة الأمر، مع القضية الكردية هو تعامل أداتي غير مبدئي، وليس أفضل من تعاملها مع العرب.
جاء ذلك في تقرير أعدته وحدة تحليل السياسات التابعة للمركز، بعنوان "دوافع التدخل التركي في سورية واحتمالات توسعه"، حيث أشار إلى وجود جملة عوامل ساهمت في دفع تركيا إلى التدخل مباشرة في الصراع السوري، بعضها مرتبط بالوضع الداخلي التركي السياسي والأمني، وبعضها الآخر مرتبط بالوضعين الإقليمي والدولي وتغير علاقة تركيا بالقوى المؤثرة في الموضوع السوري.
وأوضح التقرير أن التدخل العسكري الروسي في سورية يوم 30 أيلول / سبتمبر 2015 وضع نهاية لإمكانية قيام تركيا بفرض المنطقة العازلة التي طالما سعت إلى اقناع واشنطن بها في شمال سورية، لكن إسقاط الطائرة الروسية التي دخلت المجال الجوي التركي يوم 24 تشرين الثاني / نوفمبر 2015 أغلق سماء سورية في وجه الطيران التركي فوق الأراضي السورية.
وعلى الرغم من أنّ تركيا داومت على قصف قوات حماية الشعب الكردية بالمدفعية لمنعها من التمدد على طول الحدود الجنوبية، خاصة غرب النهر انطلاقًا من عفرين باتجاه اعزاز والمناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، فإنّ نتائج القصف كانت محدودة في المجمل. إذ استمر الأكراد في ظل دعم أميركي - روسي مشترك من السيطرة على المزيد من الأراضي سواء شرق الفرات أو غربه.
وأضاف: "مع توجه الرئيس التركي إلى إنهاء القطيعة مع روسيا، خاصة بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، تمكن من تحييد الموقف الروسي في الصراع مع الأكراد. وفور وصوله إلى سانت ببطرسبورغ، استقبلت موسكو أردوغان بإغلاق مكتب التمثيل التابع لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي (وهو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني) الذي تعدّه أنقرة حزبًا إرهابيًا.
وكانت موسكو سمحت لهذا الحزب بفتح مكتب تمثيلي في موسكو، بعد أزمة إسقاط الطائرة، ليواكب دعمها السياسي والعسكري لهذا الحزب في سورية وحتى داخل تركيا نفسها. لقد اتضح أنّ تعامل روسيا، وبقية الدول العظمى في حقيقة الأمر، مع القضية الكردية هو تعامل أداتي غير مبدئي، وليس أفضل من تعاملها مع العرب.
وتابع التقرير: "تبدو العملية العسكرية التركية حتى الآن محدودة، وينحصر هدفها الرئيس في إبعاد تنظيم الدولة عن الحدود التركية، ومنع وحدات حماية الشعب الكردية من ملء الفراغ الذي يخلفه انحسار التنظيم، ومن ثم السيطرة على الشريط الحدودي مع سورية خاصة في مناطق غرب الفرات".
وشدّد على أن العملية تمثّل أيضًا اختبارًا لقدرة الحكومة التركية على قيادة المؤسسة العسكرية وإخضاعها للسلطة المدنية، وتحقيق حالة من التوازن بين الدعم الأميركي المشروط، وغض الطرف الروسي المقصود، وتوافق المصالح مع إيران للحد من تطلعات الأكراد الاستقلالية. في الوقت نفسه، يمثّل هذا التدخل فرصة للمعارضة السورية لإثبات جدارتها في مواجهة تنظيم الدولة، ومن خلاله إعادة فرض نفسها طرفًا لا يمكن تجاوزه في أي تسوية سياسية للمسألة السورية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!