عمار الكاغدي – خاص ترك برس
عندما أطلق "باراك أوباما " شعار "Yes we can"أجل نحن نستطيع، استبشر الشعب الأمريكي خيرًا وترجم أحلامه وطموحاته بانتخاب صاحب الشعار حيث تصوّر عمومُ الأمريكيين أن وصول أوباما إلى البيت الأبيض سيطوي صفحة العنصرية في بلادهم وإلى الأبد...
أما خارجيًا فكثير من شعوب العالم وبالأخص ما يوصف بشعوب العالم الثالث ردّدت أصداء شعار أوباما وترجمته إلى لغاتها ونظرت إلى نجاحه كنموذج لنجاح الشخص النّزيه وقد تبوّأ بالفعل أعلى منصب نافذ وفعّال على مستوى العالم فالعالم إذًا ولا شك مقبلٌ على تغيير جذري ولا محالة...!!
خطاب أوباما الشهير في جامعة القاهرة عام 2009 والموجّه من خلالها إلى العالم الإسلامي كُتِبَ بعناية ليكون البلسم لجراحه المفتوحة والتي أثخنت فيها أمريكا ما قبل أوباما بشكل رسمي، ولكن الواقع أن فعالية هذا الخطاب كانت بالفعل كالبلسم الذي لا ينفع في حالات تتطلب التدخل الجراحي العاجل...
"طيبة القلب" و"التّعلّق بأصغر قشة" كانت وما تزال الآلية النّفسية التي نتلقّف ونحلّل من خلالها مثل هذه الأحداث والحقيقة المرّة الثابتة هي: ليس باليد حيلة.
في دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية كما هو معلوم تتغير الوجوه ولا تتغير السياسات، والسؤال هنا إذا لم يفلح أوباما صاحب الشخصية الأكثر "كاريزما" وتأثيرًا في تنفيذ وعدٍ قطعه مرارًا بإغلاق "معتقل غوانتانامو" فهل سيتمكن من يخلفه من الشخصيات المهزوزة كـ"هيلاري كلينتون "أو المَوتُورة مثل "دونالد ترامب" أن يقوموا بما عجز عنه؟؟!
العديد من الحركات السياسية عالميًا ما تزال تصرّ على تبنّي شعار أوباما ذاته أو بعد تعديلات شكلية طفيفة عليه وفي خبر جديد: أعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أنها ستتخلى عن شعارها "سننجح في ذلك" الذي يختصر سياستها المشجعة لاستقبال المهاجرين وبات عرضة للنقد الشديد حتى في قلب معسكرها.!!!
بعيدًا عن الشعارات الرّنانة فالداخل الأمريكي الآن يغلي بعنصريةٍ كانت نائمةً وهي تطلّ برأسها بين الحين والآخر.
على الجانب الآخر من العالم فِكرٌ آخر و فلسفةٌ أخرى لها شعاراتها والتي لم يكن من بينها يومًا:
"Yes we can" ولكنّ لسان حالها نطق مؤخرًا و بصوت أسمع العالم أجمع "yes we did" نعم لقد فعلناها، لقد تمكّنت تركيا بالفعل من صدّ موجة عاتية من الإرادة الخارجية بأذرعها الداخلية العميلة العابثة بمقدّرات هذه الأمة، وها هو ذا المشروع التركي السياسي والاقتصادي ماضٍ قدمًا والأهم من ذلك على المدى المتوسط والبعيد هو مشروعها الحضاري بأبعاده الإنسانية المتكاملة، فالنجم التركي الصاعد أضحى بلا شك مطمحًا لشعوب المنطقة كنموذج واقعي مستند لإرث ديني ثقافي تتشاركه دول العالم الإسلامي وهو في الوقت عينه مطمعٌ للأعداء أقضّ مضاجعهم طويلًا والقادم بالنسبة إليهم أدهى وأمرّ كما يصرحون على الدّوام.
عندما تكون الديمقراطية بضاعة تستورد من الخارج ستصل إليك ولا بد فاسدة منتهية الصلاحية تسمّم الشعب والدولة بكل مفاصلها، أما إذا نشأت الديمقراطية وترعرعت في بلدك فهمًا وسلوكًا ومراعاةً للخصوصيات فستكون النتيجةُ حجرًا من البرلمان التركي المقصوف، هو كأيّ حجر ولكنّه يقدّم لنائب الرئيس الأمريكي "جو بايدن" خلال زيارته للبرلمان التركي كياقوتة محلية الصنع ليقارنها بما يصدّره من بضائع ديمقراطية مغشوشة، لعلّه بعد ذلك يتوصل للفارق فلا يخلط بين الانقلاب الحقيقي وبين ما توهّمه من "خدعة إنترنت" الخلط الذي تذرّع به لتأخر أمريكا عن إدانة الانقلاب وربّ عذرٍ أقبح من ذنب...
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس