ترك برس

بعد إتمام مشروع مرمراي الذي تحدث عنه السلطان عبد المجيد عام 1860 وناقش مخططه السلطان عبد الحميد الثاني تحت اسم "مشروع النفق البحري" عام 1905، تُتِمّ تركيا مشروعًا تاريخيًا مماثلًا يحمل اسم "دارا يول" أو "طريق البحر الأبيض ـ الأسود."

يربط المشروع المذكور بين المدن التركية الواقعة على ساحل البحرين الأبيض المتوسط والأسود والمدن الواقعة بينهما بطول 600 كيلومتر، ذُكر هذا المشروع في عهد السلطان عبد العزيز وطلب السلطان عبد الحميد الثاني من المهندسين تخطيطه، ولكنه لم يتمكن من إتمامه.

وصرح رئيس غرفة تجارة وصناعة الإسكندرون "لفانت حقي يلماز" بأن المشروع سيساهم بنقل جميع منتجات البحر المتوسط إلى مناطق القوقاز من خلال مرورها عبر البحر الأسود، أما المنتجات البحرية الموجودة في البحر الأسود فسيتم نقلها إلى مدن البحر الأبيض بأقل التكاليف وفي فترة زمنية قصيرة.

وأضاف أن المشروع الذي مثّل حلم السلطان عبد الحميد الثاني قبل 140 عام سيصبح واقعًا بحلول عام 2017، موضحًا أن المشروع سيربط بين 40 مدينة تركية.

صورة لأعمال التشييد الخاصة بالمشروع، المصدر: يني شفق

ومن جانبه، أشار رئيس بلدية أوردو "أنور يلماز" إلى أن المشروع يمر من مدينته عبر 22 نفقًا نظرًا لتضاريسها الجبلية، موضحًا أن طريق المشروع المارة من مدينته انتهت تقريبًا.

وأوضح يلماز أن الحكومة تبذل جهودًا كبيرة لإتمام المشروع، ولا تأخذ بعين الاعتبار العقبات التي تظهر أمام المشروع، فتفتح الأنفاق في الجبال وتنشئ الجسور فوق الأنهار كذلك، مضيفًا أن الجسر الذي تم إنشاؤه فوق نهر مالات هو بطول 370 مترًا.

وبيّن يلماز أن المشروع خفض المسافة بين البحرين الأبيض والأسود، في أقرب نقطة، من ثلاث ساعات إلى ساعة ونصف الساعة، وأن المشروع يحتوي على 22 نفقًا بطول 30 كيلومتر، ومن المرتقب أن تكون مدينة سيواس الواقعة في شرقي تركيا النقطة الأخيرة للطريق المذكورة.

وألمح يلماز إلى أن الانتقال ما بين ضفتي نهر مالات كان يستغرق ما بين 30 إلى 40 دقيقة، ولكن بعد إتمام المشروع ستنزل المسافة إلى 10 دقائق، متمماً أنه بشكل عام سيعمل على المشروع على تسريع عملية النقل الاقتصادي والخدماتي وهذا ما سيعود على المستثمرين والصناعيين بالمردود المديد.

وذكر يلماز أن هذا المشروع من مآثر السلطان عبد الحميد الثاني التي تكاد لا تنتهي، موضحًا أن المهندسين الفرنسيين رسموا مخططه، واُعجب به السلطان عبد الحميد ليصدر قرارًا بإنشائه، ولكن فترة حكمه لم تكفي لإتمام هذا المشروع وغيره الكثير من المشاريع العملاقة.

وفي سياق متصل، نوّهت صحيفة يني شفق إلى أن المشروع بدأت عملية تنفيذه عام 2004، وبلغت تكلفته 506 ملايين ليرة، تُعادل 168 مليون دولار، أما طوله فيتراوح ما بين 600 إلى 650 كيلومتر.

وأردفت الصحيفة أن المشروع سيسهم في تقريب المسافة بين المدن التي لا تُطل على البحر والمدن البحرية، بحث سيتصبح المسافة بين قيصري وسيواس وكهرمان مرعش التي لا تُطل على البحر وبين أوردو البحرية أقل من 3 ساعات.

وذكرت الصحيفة في تقريرها "مشروع العصر" نقلًا عن مسؤولين على صلة بالمشروع أن 90% من أعماله بنائه انتهت ولم يبقَ سوى 10%.

وحسب تقرير الصحيفة فإن نقطة البداية هي نفس النقطة التي حددها السلطان عبد العزيز عام 1873 في إسطنبول، ويستمر المشروع في طريقه وفقًا للمخطط الذي رسمه المهندسون في عهد السلطان عبد الحميد، وقد كان لوالي سيواس آنذاك خليل رفات باشا دور كبير في إقناع السلطان عبد الحميد بقبول المشروع.

ووفقًا للتقرير فقد حاولت الحكومة التركية تنفيذ المشروع ما بين الأعوام 1926 ـ 1928، ولكنها لم تستطع تنفيذه نظرًا لتكلفته الباهظة، وقد حاول والي أوردو كمال أق سوت في عام 1929 وضع حجر الأساس لطريق المشروع المارة من مدينته ولكن كل محاولته لجمع التكاليف اللازمة للمشروع لم تنجح.

ويُذكر أن المشروع عُرض في مطلع السبعينات على البرلمان التركي، ولكن تم رفضه بذريعة إمكانية بسطه طريقًا سهلةً للدبابات السوفييتية إلى داخل الأناضول إن أراد الاتحاد السوفييتي احتلال تركيا.

وفيما يتعلق بذلك، أكّد رئيس غرفة تجارة وصناعة أوردو ثروت شاهين أن المشروع لن يساهم في توطيد العلاقات الاقتصادية بين المدن التركية فحسب، بل سيكون له دور كبير في توثيق العلاقات الاجتماعية أيضًا، الأمر الذي سيزيد من قوة وتماسك الجبهة الداخلية لتركيا.

وأوضح شاهين أن السياح ستكون أمامهم أيضًا فرصة كبيرة للتجول بين المدن التركية بكل سهولة وبفترة زمنية قصيرة جدًا، مشيرًا إلى أن المشروع قد يمثل نموذجًا فريدًا للكثير من الدول النامية.

مخطط المشروع، المصدر: يني شفق

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!