محمد قدو أفندي أوغلو - خاص ترك برس
من البديهي أن نذكر من البداية أنه لا يختلف اثنان على صدق إخلاص أهالي الموصل عموما بالارتباط بالدولة العراقية وكذلك وحدة تراب أرض العراق واستقلاله وكذلك ارتباطهم بالأمة العربية فقد كان معظم أهالي الموصل ينتمون إلى التيار القومي ثم من التيار القومي الناصري وعشقهم لعروبتهم وللزعامات القومية مشهود عليه في كل حين ومن قبيل التذكير نتذكر أن أهالي الموصل حملوا عربة المشير علي عامر مبعوث الرئيس جمال عبد الناصرعند خروجه من مقر إقامته في دار الضيافة قرب مبنى المتصرفية القديم.
هذه وغيرها من الشواهد التي تؤكد حرص أهالي الموصل على الارتباط بالعراق وبالعاصمة بغداد وهذا شيء طبيعي أما الأمر الغير الطبيعي هو عدم رغبة أهل الموصل بقيام المليشيات العراقية بخوض معركة تحرير الموصل والأكثر من ذلك أن تخوف أهالي الموصل يتعدى المليشيات بل إنهم يتخوفون من العناصر الطائفية المندسة في القوات المسلحة والشرطة الاتحادية.
يكمن التخوف الحقيقي للموصليين ولأهل محافظة نينوى بشكل عام من مشاركة هولاء في عملية التحرير وخصوصا بعد الانتهاكات الصارخة لهذه القوات والميلشيات في مدن وقصبات أخرى كانت تحت سيطرة داعش وهذه الانتهاكات كانت تحصل بعد دخول الجيش والميليشيات إليها.
هناك جملة من الأمور الأخرى زادت من تخوف أهالي الموصل من الجيش والميليشيات وأهمها:
1- اعتقال ثم اختفاء أكثر من ثلاثة آلاف شخص من أهل الأنبار بعد عمليات التحرير حيث تم اعتقالهم قرب بحيرة الرزازة هاربين من جحيم المعارك وتبين أخيرًا أن الجهة التي اعتقلتهم وأخفتهم كانوا من حزب الله العراقي.
2- اعتقال واختفاء أكثر من سبعمائة شخص من أهالي الفلوجة في منطقة الصقلاوية عند صدور الأوامر لهم بترك الفلوجة عند بداية المعارك.
3- تصريحات لقادة إيرانيين بأن إيران تسيطر على ثلاثة عواصم عربية زادت من تخوف الأهالي لأن إيران التي تسعى إلى السيطرة وإلى بسط نفوذها بواسطة عباءة التشيع.
4- وجود عناصر حزب العمال الكردستاني التركي في معظم مناطق الموصل وخصوصا المناطق الغربية المتاخمة للحدود مع سوريا وهذه هي إحدى مشتركات التخوف الموصلي والتركي وكذلك الكردي البرزاني.
5- إنكار رئيس الوزراء حيد العبادي أن يكون قد دعا الجانب التركي لمساعدة القوات العراقية في التدريب والتجهيز في عمليات الموصل أعطى دليلًا واضحًا على أن هناك أجندة خارجية خفية تسعى إلى تغيير الواقع الديموغرافي للمدينة.
6- وزاد من قلق أهالي الموصل بعربه وأكراده وتركمانه وباقي الطوائف الأخرى التنسيق المباشر بين حزب العمال الكردي وكذلك المليشيات الكردية السورية والحشد الشعبي الشيعي وباقي الأحزاب الكردية المؤيدة لإيران وبعض جماعات الأيزيدين مع إيران وقادة التحالف الشيعي في العراق، لأن هولاء جميعا يملكون سمات أيديولوجية مختلفة لا يمكن لها أن تتحالف إلا تحت ظرف الصيد في الماء العكر، وهذه النقطة أيضا تحمل التخوف المشترك للموصل وتركيا وكذلك للبرزانيين ومعظم الدول العربية.
7- إعفاء محافظ نينوى أثيل النجيفي من منصبه بأمر المحكمة الاتحادية بدون ذريعة قانونية وهو الذي شكل قوات الحشد الوطني لغرض المشاركة في عمليات الموصل.
8- عزل وزير الدفاع خالد العبيدي وهو من أهالي الموصل من منصبه أثناء التحضير لعمليات تحرير الموصل عنوة بالتواطؤ بين نواب القائمة الشيعية والمحكمة الاتحادية، وبإعفاء أثيل النجيفي وخالد العبيدي أيقن أهالي المدينة أن هناك مشروعا طائفيا يتنفذ عند بداية وأثناء وما بعد المعارك يشمل تغييرا حقيقيا لديموغرافية الموصل.
أدرك أهالي الموصل أن مصيرهم المستقبلي لا يمكن إلا أن يكون تحت إرادة خارجية إيرانية وأن القيادة العراقية تتلقى الأوامر وليست التوجيهات في كافة الأمور السياسية وإن الجامعة العربية لا تحرك أي ساكن ضد التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لقطر عربي بل زادت من الطين بلة عندما استنكرت وعلى لسان أمينها أبو الغيط الوجود العسكري التركي في العراق.
ومن الجدير بالذكر أنه تم تأسيس ميليشيات الحشد الشعبي عند بداية إعادة تنظيم قدرات الجيش العراقي لخوض معارك تحرير المدن كرديف للجيش إلا أن القيادات الشيعية عمدت إلى جعلها مؤسسة منفصلة لا تتلقى تعليماتها الفنية والعسكرية والإدارية من قيادات الجيش الفرعية والرئيسية وأصبحت بذلك أداة للقيادات الشيعية التي تتلقى أوامرها من إيران تحديدا، وإن بانتهاء عمليات الموصل ستكون هذه الميليشيات قد أفرغت من مهامها الرئيسية المتشكلة من أجلها وهي تحرير المدن العراقية من سيطرة داعش - لكن هذه المليشيات الجاهزة للحفاظ على موطئ القدم للسلطة الإيرانية هل سيتم تفريغها والاستغناء عن خدماتها وإنهاء وجودها وبذلك تخسر إيران هذه الفرصة المتاحة أم ستقوم بتدبير المزيد من المشاكل للحفاظ على استمرارية وجود هذه الميليشيات في ظل الصمت العربي المخيف ووجود أبو الغيط على رأس المؤسسة العربية اللا رسمية.
هذا هو السؤال والجواب بعد اجتماع وزراء مجلس التعاون الخليجي مع تركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس