محمد حسن القدّو - خاص ترك برس
الكونغرس الامريكي مستمر بعالمه المسرحي والسينمائي وكتاب السيناريو من لجانه يلتقطون أبرز وأهم القضايا الساخنة والتي من شأنها أن تواكب تغيرات المرحلة والذي يتناول في كل فترة إحدى الملفات التي تدعم السياسة الأمريكية وهيمنتها على العالم فمن خلال تلك الملفات التي تنجز ويتناولها تكون بطبيعة الحال ورقة ضغط هائلة على كل دولة ترى فيها تهديدا لهيمنتها، وهذه على الأغلب تكون ضد الدول العربية أو الإسلامية وأحيانا الدول الشرقية وروسيا على رأس القائمة، وتستمر فصول مسرحية الكونغرس حتى تصل متكاملة الأركان إلى مكتب الرئيس فيأمر بتاجيلها أو لا يوافق عليها أو يطلب تجاوزها وهكذا دواليك لكل المسرحيات والأفلام التي تنتجها هذه المؤسسة الديمقراطية.
لكن الغريب أن هذه المسرحيات والأفلام المنتجة قد ازدادت في عهد الرئيس أوباما وربما هي الأكثر على الإطلاق في تاريخ الرؤساء الأمريكيين والذي يعطي انطباعا معينا على هذه الإدارة، كما أن هناك الكثير من الأسئلة التي يجب أن تطرح وأهم هذه الاسئلة هي لماذا ازدادت هذه الملفات التي تدين بعض الدول وأيضا ماهو سبب التراشق واشهار ملفات الإدانة للدول الصديقة لأمريكا ومن ضمنها تركيا العضو النشيط والفعال في حلف الناتو وكذلك السعودية الصديقة للولايات المتحدة والتي تربطها مع أمريكا أقوى علاقات سياسة واقتصادية وثقافية في المنطقة والسؤال الأهم لماذا تمت توقيت طرح هذه الملفات في عهد الرئيس أوباما.
والذي يهمنا الآن هو لماذا يتم تداول هذه الملفات في عهد الرئيس أوباما تحديدا للاجابة على هذا السؤال يجب علينا التذكير بألامور التالية وربما الأسئلة التالية:
1- هل هناك صراع حقيقي بين الكونغرس والمسيطر من قبل الجمهوريين وبين الرئيس أوباما الديمقراطي؟.
2- هل هي لعبة أمريكية مشتركة بين كل الجهات المؤثرة لتقوية مركز أمريكا من جديد في هذه الفترة؟.
3- هل يشهد العالم حرب باردة حقيقية بين روسيا وأمريكا؟.
4- وعلى ضوء ذلك هل تخشى أمريكا من أن بعض أصدقائها وحلفائها القديمين قد يكونون على الحياد في أحسن الأحوال عند تقاطع المصالح بينها وبين الروس؟.
5- هل قررت أمريكا استبدال بعض حلفائها في المنطقة بحلفاء آخرين من النطقة ذاتها؟.
6- هل الفوضى العارمة في المنطقة هي التي تلبي طموحات أمريكا لدعم مصالحها؟.
نقول بداية إن هناك صراع حقيقي في أمريكا بين الكونغرس وبين إدارة أوباما وكذلك بين إدارة أوباما نفسها مثلما هناك صراع بين الشيوخ الجمهوريين، وفي عهد الرئيسين بوش الابن والأب كان هناك صراع بين طرفي الصقور والحمائم في دائرة الرئيسين، لكن من المؤكد كانت هذه القوى ومازالت تتنافس وتتزايد على المزيد من الهيمنة على دول العالم بل انهم لم يكونوا على طرفي نقيض من أحداث المنطقة بين مؤيد ومعارض للسياسة الأمريكية بل الاستباق للحصول على مكتسبات شخصية لزعماء الجمهوريين والديمقراطيين.
ولذا فإن الصراع الأمريكي الأمريكي هو صراع موحد أمريكي شرق أوسطي أو صراع مع روسيا أو غيرها من البلدان مهما تكن الجهة الحاكمة سواء الديمقراطيين أو الجمهوريين ولكن في هذه الفترة التي ظهرت فيها روسيا من ثان وأصبحت ندا لأمريكا وخوفا من مؤازرتها من قبل بعض الدول التي استهجنت سوء تصرف الإدارة الأمريكية حيال مشكلات المنطقة أصبح لزاما على الأمريكيين إشهار ورقة ضغط حقيقية على بعض الدول كما حصلت مع تركيا سابقا حول مشكلة الأرمن وكذلك مع السعودية في هذه الفترة خوفا من تقوية علاقاتها مع الروس وجعلها علاقات مصيرية، وأيضا من المفيد أن نطرح الاسئلة التالية:
أ - سبب توقيت إشهار هذه القضايا بالنسبة إلى تركيا والسعودية؟.
ب - امتناع الكونغرس عن مناقشتها في فترات الحكم السابقة، بوش الابن الولاية الثانية ولاية أوباما الفترة الأولى والثلاث سنوات الأولى من الولاية الثانية؟.
ج - امتناع الكونغرس الأمريكي عن تناول هذه القضايا في العهد الذي سبق عهد الملك سلمان وكذلك امتناعها عن طرحها قبل مجيء حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان إلى الحكم في تركيا لأن القضية الارمنية قد تمت مداولتها على نطاق أوسع بعد سقوط الاتحاد السوفيتي في بداية تسعينات القرن الماضي؟.
إن هذه التساءلات المطروحة والتي تعيننا على فهم السياسة الأمريكية تعطي دليلا قاطعا أن أمريكا صاحبة مصلحة دائمة بالإضافة إلى أنها تنظر إلى علاقاتها مع غيرها من الدول نظرة هيمنة فقط وليست تبادل مصلح فقط، وكلنا يتذكر أن في إحدى زيارات الرئيس الصيني إلى الولايات المتحدة صرحت وزيرة الخارجية رايس بثلاث تصريحات لغرض فرض الإرادة الأمريكية عليها فالتصريح الأول كان قبل موعد الزيارة بيومين والتصريح الثاني كانت أثناء وجود الزعيم الصيني في الطائرة في طريقه إلى الولايات المتحدة وتصريحها الثالث كانت قبل استقبال الزعيم الصيني في البيت الأبيض بعد وصوله إلى العاصمة الأمريكية وكل تصريحاتها كانت حول حقوق الإنسان في الصين وهذه هي النقطة الوحيدة التي تشبتت بها الوزيرة ضد زعيم الصين مع العلم أنها كانت زيارة ذات طابع اقتصادي ومالي في وقت الغزو التجاري الصيني للأسواق الأمريكية.
لذا فإن المسألة التي يجب أن نفهمها أن الأمريكان لهم خاصية قد تعلموها منذ بداية نشوء دولتهم وهي فرض الهيمنة على الباقين ومن غير المسموح وحسب نظريتهم هي الخروج عن هذه الهيمنة وقد لمسوا هذا الشي في السعوديين في عهد الملك سلمان وكذلك في تركيا بعد وصول الرئيس أردوغان إلى الحكم، فعهد الملك سلمان قد تميز بالعهد الجديد في السياسة السعودية بحق وذلك لشفافية التعامل مع القضايا المصيرية في المنطقة وخصوصا في المسألة اليمنية إضافة إلى المسألة السورية والعراقية كذلك رد الفعل السعودي السريع حولها، كما ان قطع علاقاتها مع إيران كانت أيضا شاهد على الدور السعودي في المنطقة، وفي تركيا في عهد الرئيس أردوغان أصبحت الإدارة التركية مزعجة لأمريكا وللغرب عموما ولهذا بدات التحضيرات للإيقاع بنظام الرئيس أردوغان في الوقت التي بدات التحضيرات للنيل من السيادة السعودية.
وكيف لو التقت الدولتان وصممتا على إقامة تحالف استراتيجي بينهما وهما قد طردا من رحمة أمريكا.
إن هذه التهم والتي من شأنها أن تضع الإدارتين التركية والسعودية في حرج حقيقي بسبب تأثيرها غير المباشر على التنمية الاقتصادية باعتبارها دول لا زالت تحت طائلة المساءلة الأممية وأن كانت الرئاسة الأمريكية قد امتنعت عن المصادقة عليها لكنها لا تمنع من أن يتحرز منها هذه الدول لأن قرار الكونغرس ربما يكون ضغطا مستداما على هاتين الإدارتين، وأيضا يجب أن تكون هذه القوانين المتخذة من الكونغرس هي ناقوس خطر لجميع الدول طالما الكونغرس الأمريكي مستعد لفتح ملفات وإشهارها كورقة ضغط حقيقية عليها ساعة ما تشاء ولمن تشاء.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس