عمار الكاغدي - خاص ترك برس
ليس من شيَم المسلم أن يتربّص بأخيه المسلم شرًّا أو ينتظر السّوء ليحيق به من كل جانب وهو يراقب صامتًا قانعًا، فما جرى وسَيجري بعد إقرار الكونغرس لقانون "جاستا" ضد السعودية والتمثيلية السّخيفة للفيتو الرئاسي الفاشل، كل هذا كفيلٌ بأن يكون النداء الذي يطرق أسماع وقلوب كل ذي بقيةٍ باقية من ضمير حيّ من أصحاب المسئولية والقرار في هذه الأمة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مراكز القوة المتبقية فيها اقتصاديًا وعسكريًا وحتى سياسيًا.
عندما تُقرَع أجراس الإنذار فالعاقل كلَّ العقل والحكيم كلَّ الحكمة هو من يستحضر السيناريو الأسوأ ويبني خطة الطوارئ بعد ذلك على هذا الأساس، كلا ليست سوداويّة فالسواد حالكٌ بالفعل ونظريّة المؤامرة تمّت البرهنة عليها بالفعل بطرقٍ عدة، ونصف الكأس المليئ أوشك على النفاد.
الجريمة الكبرى بحق الأمة أن يقوم البعض في هذه اللحظات الحرجة بتسويق "التفاؤل" كمخدّر عام وذلك باسترجاع لحظات الوداد والصفاء مع الولايات المتحدة وأنّ هذا العشق الذي استمرّ لعقود لا يمكن أن ينتهي بشحطة قلم أو تصويت على قانون من قبيل "جاستا".
يا أهل الخير هذا الحب الذي تولّدَ مع أول دفقة نفط على رمال الخليج العربي كان حبًّا من طرف واحد هو"نحن"، نحن الذين تلقينا بدورنا الضربة تلو الأخرى من هذا الحبيب الذي لم يعترف يومًا بحبّنا، ولعقود مضت فهمنا ضرب الحبيب زبيبًا.
أشدُّ علينا من الموت - نحن العرب - عزٌ بعد ذلّ، وافتقار بعد غنى، وانفضاضُ حليفٍ من حولك بعد قوة ومَنَعَة، أمّا القاضيةُ فهي تكالب الأعداء وتداعيهم إلى قصعتنا التي نخشى أن لا تسدّ لنا بعد حينٍ رمَقًا.
ليس خافيًا على أحَدٍ أنّ الخلاف الحادّ بين تركيا والسعودية كان سيّد الموقف بشأن الانقلاب على الشرعية في مصر، ولكن فلنتخيل لِلحظة الصورة كاملةً كما كان يُخطّط لها:
نجاح محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا 15 تموز/ يوليو، ونكوص تركيا عن دورها الرّيادي الحالي على مستوى الأمة الإسلامية، وأكثر من ذلك تسخير قوتها تحت جناح القائمين على "جاستا" اليوم، لنصل إلى نتيجة مفادها أنّه كان ينبغي علينا - نحن العرب - أن نكون أشدّ فرحًا بفشل الانقلاب من الأتراك أنفسهم، لأنّ ثمار "التحالف العتيد" مع تركيا التي نقطفها الآن لم تكن لتوجد فيما لو تمّ بالفعل اجتثاث شجرة الدولة التركية من أصلها، نعم لقد فشلت معظم مشاريع التحالفات الاستراتيجية الفاعلة بين الدول الإسلامية عندما كانت حاجةً ملحّة أما الآن فهي "ضرورة وجود" سيكون بديلها صورةً لا بد أنها ستكوي فؤاد كل من سيمرّ عليها يومًا ما ندمًا وحسرةً، صورةٌ صادمةٌ لمجدٍ آفلٍ وأمّةٍ بائدة "بئرٌ معطّلةٌ وقصرٌ مَشيْد".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس