كورتولوش تاييز - صحيفة أقشام - ترجمة وتحرير ترك برس
بينما كانت تركيا تحيي الاحتفالات بذكرى عيد الجمهورية في التاسع والعشرين من تشرين الأول / أكتوبر، وجهت الخارجية الأمريكية أمرا إلى قنصليتها في إسطنبول، يدعو فيه عائلات العاملين فيها إلى مغادرة الأراضي التركية، هذه التعليمات وكما سابقاتها أثارت في الشارع التركي حالة من القلق بشأن هجمات إرهابية محتملة.
الحقيقة أن السفارات الغربية تلجأ إلى مثل هذه الألاعيب منذ فترة طويلة، بين الحين والآخر يخرج علينا أحد السفراء أو القناصل ليوجه دعوة عبر مواقع الإنترنت إلى عائلات العاملين في سفارة بلاده داعيا إياهم إلى مغادرة تركيا تحت مسمى "تحذيرات من هجمات إرهابية" مما يثير حالة من التوتر والقلق في أنحاء تركيا.
إنها ليست لعبة ولا وسيلة للمرح أواللهو، وإنما هي سياسة متبعه تهدف إلى إخافة تركيا والنيل منها، هذا الأمر الذي تؤكده رسائل هيلاري كلينتون الإلكترونية والتي كُشف عنها مؤخرا. ففي إحدى التقارير التي يعود تاريخها إلى عام 2014 م والتي أرسلتها كلينتون إلى اللجنة التي تدير حملتها الانتخابية تقول: " إن تركيا ومن جديد تسير وبجدية نحو تبني الحقائق الإسلامية، عليها-تركيا- أن تعي جيدا أننا وفي سبيل المحافظة على مصالحنا الوطنية والقومية وحمايتها سنقوم بخطوات معينة".
أما طبيعة الخطوات التي ستقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية في سبيل حماية مصالحها الوطنية وطبيعة سير هذه السياسة المتبعة فتكشفه إحدى مراسلات هيلاري كلينتون الإلكترونية والتي تعود إلى يناير- كانون الثاني من هذا العام. في هذه المحادثة الالكترونية التي دارت بين كلينتون ومستشارها للشؤون الخارجية يدور الحديث عن اجتماع ضم أربعة من السفراء السابقين للولايات المتحدة في تركيا وعملاء في الاستخبارات إضافة الى أشتون كارتر وزير الدفاع الأمريكي (مجلس السياسات الدفاعية) حيث تم مناقشة التدابير التي يجب أن تتخذها الولايات المتحدة الامريكية ضد تركيا.
في نقاشات المجلس المتعلقة بالعلاقات التركية الأمريكية وما يحيط بها من مشاكل، يمثل أردوغان ورؤيته الخاصة المتعلقة بالولايات المتحدة سبب التوتر بين البلدين، فحسب رأيهم: أن أردوغان يرى بأن حاجة الولايات المتحدة الامريكية إلى تركيا أكبر وأعظم من حاجة تركيا للولايات المتحدة.
في هذه الاجتماعات كان هناك مطالب من الإدارة الأمريكية بأن تتبع سياسات أكثر حدة وأن ترفع لهجتها إلى مستوى أكثر شدة ليتم الاثبات لأردوغان خطأ رؤيته وتفكيره. في حين كانت هناك توصيات أخرى باتباع الولايات المتحدة سياسة وتدابير من شأنها أن تفسح المجال نحو تقارب تركيا من الولايات المتحدة. كما تم في الاجتماع ذاته أيضا مناقشة فكرة استخدام التهديدات الأمنية والأزمات الاقتصادية التركية كوسيلة تدفع تركيا إلى الاقتراب من الولايات المتحدة الأمريكية.
من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ عام 2014م تسعى إلى إقناع رئيس الجمهورية رجب أردوغان بأن حاجة تركيا للولايات المتحدة الأمريكية أكبر من حاجة الأخيرة إلى تركيا. وإذا ما تسألنا عن الوسائل التي اتبعتها؟ سيكون الجواب من خلال استخدام كل من حزب العمال الكردستاني وداعش وجماعة غولن "لإشعار تركيا بالخطر الذي يهدد أمنها" وتدفع بالتالي أردوغان إلى التراجع والاقتراب من الولايات المتحدة، مفترضين في سياستهم التي اتبعوها أن "المصالح القومية " للولايات المتحدة أهم من مصالح الأمة التركية وتتقدم عليها. (خصوصا أن هناك الكثير من السياسيين الأتراك على استعداد لتبني هذه الفكرة والعمل على خدمتها). في سبيل ذلك وخلال السنوات الثلاث الأخيرة حاولوا فرض مناخ من الخوف على تركيا. فبداية حاولوا اعتقال ثم إدانة رئيس الجمهورية، ومؤخرا استهدفوا شخصه وعائلته في محاولة اغتيال فاشلة.
حسنا لكن، ما الذي فعله رجب أردوغان؟ هل أدار دفة الخوف ووجهها إلى الولايات المتحدة الأمريكية؟
إن سياسة رئيس الجمهورية رجب أردوغان في الأعوام الثلاث الأخيرة متمثلة في حملات ذكية شرع بها بعد اتخاذ كل الإجراءات والتدابير اللازمة ومتمثلة كذلك في السير قُدما بشجاعة بعد كشف خطط الولايات المتحدة والتنبه لها. في المقابل تخلت الولايات المتحدة الأمريكية عن محاولات تخويف تركيا وبدأت تستهدف بشكل مباشر وحدة المجتمع التركي وتستهدف كذلك السياسة التركية.
إن عماد الدولة وروحها ليس في البيروقراطية التي تسير وفق تعليمات تتلقاها من أطراف أجنبية ودول أخرى، ولا هو كذلك في الحكومات التي تدهس إرادة الشعب ولا تقيم له اعتبارا. إن الدولة قائمة بالشعب. والشعب هو الداعم الحقيقي لهذا الصراع الذي يقوده أردوغان في سبيل الدولة والأمة ضد هذه العصابة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس