ترك برس
قال الخبير الاقتصادي في مركز "سيتا" التركي للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أردال كاراغول، إن التحرك السياسي لوقف تراجع الليرة التركية أمام الدولار ينسجم مع العوامل السياسية التي تسببت بذلك التراجع.
وتراجع سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة التركية متأثرا بإقبال المواطنين على تحويل مدخراتهم من العملة الأجنبية إلى المحلية، استجابة لدعوة أطلقها الرئيس رجب طيب أردوغان.
وبلغ صرف الدولار أمس الخميس، 3.45 ليرات تركية للبيع بعدما بلغ أعلى مستوياته يوم الاثنين الماضي حيث صرف بقيمة 3.6 ليرات.
وأوضح كاراغول خلال حوار مع "الجزيرة نت" أن سبب هبوط قيمة أي عملة مالية هو الاختلال بالاقتصاد أو تراكم الديون الخارجية أو الأزمات الداخلية، وهي ثلاثة عوامل لا تتوفر في تركيا، ما يعني أن تراجع الليرة يعود لأسباب سياسية خارجية.
وأشار كاراغول إلى أن أردوغان اتخذ ردة الفعل المناسبة حين طلب من الشعب أن يصرف ما لديه من عملة صعبة لتوفيرها في الأسواق دعما لليرة وبالتالي للاقتصاد.
وأوضح كاراغول أن الشعب كان قد تصرف بكيفية مغايرة في الأزمتين الاقتصاديتين اللتين شهدتهما البلاد عامي 1994 و2001، مبينا أن الجمهور هرع وقتذاك إلى المصارف لشراء الدولار والعملة الأجنبية.
واعتبر التحرك الشعبي والمؤسساتي في مواجهة ارتفاع سعر الدولار بــ"المجدي" وقال إنه ساهم بشكل إيجابي في عودة الليرة إلى التعافي، متوقعا أن يتواصل ارتفاع سعر صرف الليرة أمام الدولار.
وسجل أردوغان أول تدخل رسمي تركي الثلاثاء السادس من ديسمبر/كانون الأول 2016، حين دعا شعبه إلى استبدال الليرة والذهب بما يملكه من عملة صعبة لتعزيز قوة اقتصاد البلاد.
ولقيت دعوة الرئيس أصداء واسعة لدى مؤسسات الدولة وقطاعها الخاص والجمهور على السواء، حيث شهدت محال الصرافة إقبالا كبيرا أول أمس الأربعاء على تبديل العملات، ما انعكس على تراجع سعر صرف الدولار بشكل سريع ولافت للأنظار.
كما بادرت العديد من المؤسسات إلى تقديم حوافز لتشجيع المواطنين على شراء "ليرتهم الوطنية" لتقليل الطلب على الدولار الأميركي الشحيح في الأسواق المالية المحلية.
و في هذا الصدد فقد أعلن رئيس شركة "مترو" للقطارات والنقل عن تقديم تذكرة مواصلات مجانية لكل من يقوم بتصريف مبلغ خمسمئة دولار فأكثر إلى العملة الوطنية.
ونشر غالب أوزتورك في تغريدة على حسابه بــ"تويتر" رقم هاتف خاص مع خدمة واتساب لاستقبال صورة عن إيصال الصرف من المواطنين، ولتزويدهم بالتذاكر المطلوبة.
وفي مدينة إسطنبول، قدمت بعض مراكز التسوق و"المولات" خدمة إعفاء المتسوق من أجرة موقف السيارة في مرآبها إذا أبرز إيصال صرف عملة بقيمة تزيد على المئة دولار عند دفع تذكرة المرئاب.
كما قدمت بعض المحال عروضا طريفة مثل تقديم وجبة مجانية أو حلاقة مجانية مقابل تحويل العملة، وقد قيل إن بعض المطاعم أعلنت عن "أطباق حلوى" مجانية لكل من يأكل لديها ويثبت أنه قام بصرافة الدولار إلى الليرة.
كما استجاب لاعبو كرة قدم محترفون في الدوري التركي لدعوة الرئيس التركي إلى تحويل العملات الأجنبية إلى الليرة التركية أو الذهب؛ بهدف إنعاش وتقوية العملة المحلية أمام نظيراتها الأجنبية.
على الصعيد الحكومي، حوّلت البورصة (سوق الأوراق المالية) في إسطنبول جميع أصولها النقدية إلى الليرة التركية، بينما قررت هيئة تنظيم أسواق الطاقة إجراء مناقصات توزيع الغاز الطبيعي بالعملة المحلية.
كما أعلنت شركة الخطوط الجوية الوطنية عن تحصيل أجور النقل والضرائب المترتبة على سفر الحجاج والمعتمرين بالليرة، في حين ألغت مؤسسة البريد والتلغراف الضريبة على تحويل العملة الأجنبية إلى الليرة، وقدمت تخفيضا بنسبة 10% على مصاريف الشحن لكل من يحول عملة أجنبية إلى المحلية.
أما وزارة الدفاع فحولت موجودات صندوق دعم الصناعات الدفاعية -والتي تبلغ قيمتها 262.7 مليون دولار أميركي و31.1 مليون يورو إلى الليرة- وأعلنت أنها ستتعامل منذ الآن بالعملة المحلية فقط.
ودخل موضوع سعر صرف الليرة على خط المناكفات الحزبية والسياسية، وفي مجادلات رموز الدولة والمعارضة.
ومن جهة اخرى فقد اتهم رئيس حزب الشعب الجمهوريكمال كليتشدار أوغلو الرئيس أردوغان، بأنه يحتفظ بحساب جار له بقيمة مئتي ألف دولار في بنك البركة، رغم دعوته للمواطنين باستبدال عملتهم.
لكن وزير العدل بكير بوزداغ أظهر أمام البرلمان إيصالا بنكيا يثبت تحويل أردوغان حسابه المذكور إلى الليرة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!