عبدالله عيسى السلامة - خاص ترك برس
"كانت الأسـطورة القديمة تقول: إنّ الأرض على قرن ثور، فإذا أراد أن يريح قرنـه، نقل الأرض إلى القرن الثاني.. فيحدث الزلزال..! أمـّا أسطورة، اليوم، الحيّة التي يراها النّاس، صباح مسـاء، فتقـول: إنّ الأرض في مواجهة قرن ثور مجنون، وإنّ الزلزال الذي ينتظرها، سيدمّرها تدميرًا، لم تشهد له مثيلًا، من قبل"!
أ- الارتفاع الشاقولي، في ابتكار أسلحة الدمار الشامل، والانخفاض الشاقولي، في القيم والاخلاق، والمثل الإنسانيّة.. هذه المعادلة البائسة، هل تحفظ استقرارًا على وجه الأرض، عالميًّا كان، أم إقليميًّا، أم محليًّا!؟
ب- أذرع أمريكا الطويلة والشرسة، الملتفّة كالأخطبوط الخرافيّ حول العالم، هل حمت القلب الأمريكي المتغطرس من ضربة أليمة، (وجّهتها مجموعة صغيرة، من الشباب المتحمّس المصمم - حسب وسائل الإعلام الأمريكية- أو مجموعة من المخابرات الأمريكية المتصهينة، حسب أكثر التحليلات دقة ومنهجية وموضوعية!) فأحالت أمريكا، كلها، إلى ثور مجنون - أصابه جنون البقر-..!؟
ج - الأهداف الثابتة، من مبانٍ حكوميّة، ومطارات، وجسور، وسفن، ومنشآت صناعيّة، وموانىء، ومصافٍ نفطيّة، وغير ذلك..
هل تستطيع أن تحمي نفسها، أو أن تحميها الأذرع العسكريّة، من ضربات مفاجئة، توجهها مجموعة متحركة من الأشباح، التي تتحرك في الخفاء، بما يلائمها من سرعة ومرونة.. واختيار: للزمن، ولأسلوب الضرب، ووسيلته!؟
وإذا كانت بعض المنشآت، محميّة بحراسات شديدة، وجدران صفيقة، فلا تصل إليها سيّارة مفخخة، أو مجموعة فدائيّة مصمّمة على الموت.. فهل تعجز قذائف الهاون، وقذائف البازوكا، وغيرها من الأسلحة التي يحملها، رجل على كتفه، ويتجول بها كما يشاء.. هل تعجز هذه الأسلحة، عن توجيه قذائفها، إلى هذا المبنى أو ذاك، سواء أكان مبنى وزارة أو سفارة، أم قصرًا رئاسيًّا، أم مستودعًا للذخيرة.. وإصابة هدفها الثابت الضخم، على بعد آلاف الأمتـار، أو السقوط في فنائه، أو بجواره..!
د– المظلومون الذين لا يجدون على الظلم ناصرًا، داخل بلادهم أو خارجها.. والجياع الذين يمتصّ سادتهم دماءهم، وأصحاب الآراء والعقائد، الذين تسحق أفكارهم داخل رؤوسهم، ومبادؤهم داخل صدورهم، أو تسحق رؤوسهم وصدورهم، إذا ظلّت محتفظة بمحتوياتها..
هؤلاء وهؤلاء وأولئـك جميعًا، ما الذي يكبح ثورتهم على الظلم والقهر، إذا وجدوها أقلّ بدائلهم سوءًا، وأهون الشرور التي تحيط بهم، من بين أيديهم ومن خلفهم!؟
هـ– المحبطون، والبائسون، والمحرومون من كل شيء - بما في ذلك إحساسهم بإنسانيّتهم -..
هؤلاء، جميعًا، ما الذي يمسكهم، عن تخريب أيّ شيء، في العالم، بدءًا بالدولة التي يعيشون فيها، وانتهاءً بالعالم كلّه، مردّدين شعارات عدميّة بائسة، مثل: (العالم الذي يسحقني سأسحقه)..
و(العالم الذي لا يقوم إلاّ على جمجمتي، لا أبالي به بأي وادٍ هلك)..!؟
وما أكثر وسائل التدمير، التي اخترعها (المتحضّرون) لتهديد غيرهم، بالدمار بها.. ما أكثر هذه الوسائل، وما أشدّ تنوّعها، وما أيسر الحصول عليها، وما أشدّ متعة البائس، بها، حين يوجّهها، إلى صدور ظالميه، وإلى كل من يلوذ بهم، وإلى كل ما يحرصون على حمايته، من مال أو متاع..!
و– الفيتناميون حاربوا أمريكا، سنوات عدّة، وتحمّلوا أقسى أنواع البطش والقتل والدمار، وضحّوا بملايين الأنفس، ووجّهوا لأمريكا، ضربات قاسية، شديدة الوطأة على المزاج الأمريكي المتمدّن.. حتى أدركت أمريكا- في نهاية المطاف -، أن حربها عبثيّة، غير ذات جدوى.. فجلست إلى مائدة المفاوضات، وأنهت الحرب..
فهل يكون المسلمون، المسحوقون البائسون – لمجرّد كونهم مسلمين – أقلّ شجاعة وتصميمًا، وإقدامًا على الموت، من شعب فيتنام!؟
وهل الاسلام- بطبيعته- يزرع في النفس الشجاعة أم الجبن!؟
وإذا لم يكن الإسلام حافزًا أساسيًّا، يحفز أتباعه إلى خوض معارك الشرف والكرامة.. فهل انعدم لدى المسلمين الحافز الإنساني، الذي يدفع المظلوم، إلى مجابهة الظلم، ويدفع الضحيّة، إلى محاربة جلاديها!؟
ز– البقيّة الباقية من عقلاء العالم- الذي يزعم أنه متمدّن- هل لديها القدرة، على ليّ عنق الثور المجنون، قبل أن يدمّر الأرض، ومن عليها، وما عليها.. أو أن يفسد الحياة على ظهرها، مبادىء وقيمًا وأخلاقًا، وبيئة واقتصادًا..!؟
وسبحان القائل: "ولولا دفعُ الله الناسَ بعضَهم ببعض لفسدت الأرض.." (آية 251 / البقرة)
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس