إسماعيل ياشا - عربي 21
أنهى البرلمان التركي مناقشة مواد مشروع التعديل الدستوري الذي قدَّمه حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية، ووافق في القراءة الأولى على جميع المواد. ومن المقرر أن يعقد البرلمان التركي اليوم الأربعاء أولى جلساته للقراءة الثانية التي يتوقع استمرارها ثلاثة أيام.
مشروع التعديل الدستوري يتألف من 18 مادة، وتم التصويت على جميع المواد، واحدة تلو الأخرى، في القراءة الأولى، وحصلت كل مادة منها في التصويت على ما يفوق الحد الأدنى المطلوب لعرضها للاستفتاء الشعبي، وهو 330 صوتا. وفي القراءة الثانية ستسقط من الحزمة أي مادة لا تحصل على 330 صوتا وما فوقه، ثم سيتم التصويت على جميع المواد التي أقرها البرلمان التركي في القراءة الثانية كحزمة واحدة، ليتم تقديمها إلى رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان كي يحيلها إلى الاستفتاء الشعبي.
حزب الشعب الجمهوري برئاسة كمال كيليتشدار أوغلو أثار ضجة كبيرة وفوضى عارمة في كل جلسة بقاعة البرلمان، في محاولة لإعاقة مناقشة مواد التعديل الدستوري والتصويت عليها في البرلمان، إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل. وأكمل البرلمان التركي جلسات القراءة الأولى على الرغم من أحداث الشغب والتلاسن والعراك التي شهدتها قاعة البرلمان خلال مناقشة المواد والتصويت عليها.
وفي خطوة مفاجئة، طلب كيليتشدار أوغلو من رئيس حزب الحركة القومية دولت باهتشلي موعدا للقائه. وذكرت وسائل الإعلام التركية أن باهتشلي وافق على لقاء كيليتشدار أوغلو قبل بدء جلسات القراءة الثانية. ومن المقرر أن يجتمع الزعيمان ظهر اليوم في البرلمان التركي.
ماذا بجعبة رئيس حزب الشعب الجمهوري؟ وما الذي يريد أن يقوله لرئيس حزب الحركة القومية في اللقاء المفاجئ؟ الجواب واضح، وهو أن كيليتشدار أوغلو سيطلب من باهتشلي أن يتراجع عن دعم مشروع التعديل الدستوري، وسيشرح له وجهة نظر حزبه وأسباب معارضته للمشروع، كمحاولة أخيرة قبل بدء القراءة الثانية التي ستنتقل الكرة بعدها إلى ملعب الشعب التركي، مرورا بملعب رئيس الجمهورية.
فرصة نجاح كيليتشدار أوغلو في إقناع باهتشلي ليست كبيرة، بل تكاد تنعدم، لأن مشروع التعديل الدستوري لم يصل إلى هذه المرحلة المتقدمة في يوم وليلة، بل أخذ وقتا طويلا من المباحثات، والأخذ والرد، والجهود الحثيثة التي بذلها حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية على حد سواء، كما أن آراء حزب الشعب الجمهوري حول هذا المشروع معروفة، ولا يتوقع أن يأتي كيليتشدار أوغلو بشيء جديد في اللقاء المرتقب. هذا أولا..
ثانيا، أن باهتشلي هو الذي حرَّك ملف التعديل الدستوري، والانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، بتصريحاته التي أعطى فيها ضوءا أخضر لبدء العمل من أجل إجراء المباحثات بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية لإعداد هذا المشروع وعرضه للاستفتاء الشعبي. وهذا يعني أن الرجل مقتنع تماما بضرورة التحاكم إلى الشعب التركي لطي صفحة النقاش الدائر حول الانتقال إلى النظام الرئاسي.
باهتشلي، بعد أن أعطى كيليتشدار أوغلو موعدا للقاء، انتقد بشدة موقف حزب الشعب الجمهوري من مشروع التعديل الدستوري. ونشر مساء الاثنين في حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" سلسلة تغريدات ذكر فيها أن "قيادة حزب الشعب الجمهوري التي يئست من الشعب انحرفت إلى طرق غير مقبولة لتتمكن من سد الطرق المؤدية إلى الإرادة الشعبية"، كما أنه انتقد الفوضى التي أثارها نواب حزب الشعب الجمهوري داخل قاعة البرلمان لعرقلة عملية التصويت، ثم تساءل: "أين الخطأ في أن يُسأل الشعب التركي الذي سطّر بطولات في معركة الاستقلال الوطني أي نظام حكم يفضِّله؟".
هذا السؤال الأخير تحديدا ليس له جواب لدى حزب الشعب الجمهوري ورئيسه. وكما أكد باهتشلي في تغريداته، ستوضع صناديق الاقتراع -بإذن الله- أمام الناخبين بعد الانتهاء من القراءة الثانية ليقول الشعب التركي كلمته في التعديل الدستوري ويحسم النقاش. وبالتالي، يمكن القول بأن كيليتشدار أوغلو طلب لقاء باهتشلي حتى يقول لأنصار حزب الشعب الجمهوري والمعارضين لمشروع التعديل الدستوري إنه بذل كل ما بوسعه من أجل عرقلة تمريره من البرلمان.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس