أسامة أسكه دلي - خاص ترك برس
خلال الانتخابات البرلمانية في 7 حزيران / يونيو 2015 حصل حزب الشعب الجمهوري على نسبة تصويت 25.0 بالمئة في عموم تركيا، فيما حصل حينها حزب العدالة والتنمية على 40.9 بالمئة من الأصوات، بينما كانت حصة حزب الحركة القومية 16.3 بالمئة، وحصة حزب الشعوب الديمقراطي 13.1 بالمئة.
حزب العدالة والتنيمة آنذاك لم يتمكن من تشكيل حكومة بمفرده، ولم يكن حينها من سبيل إلى ذلك سوى عن طريق تشكيل حكومة ائتلافية بين الأحزاب.
على الرغم من الفارق الكبير بين نسبتي "العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري"، خرج زعيم حزب الشعب الجمهوري "كمال كليجدار أوغلو" حينها بتصريحاته لا تخلو من الشماتة من حزب العدالة والتنمية. والسبب في ذلك عدم تمكّن حزب العدالة والتنمية من تشكيل حكومة بمفرده.
من كان يستمع حينها لتصريحات كليجدار أوغلو يخال أن حزب الشعب الجمهوري هو الذي حصل على أعلى نسبة أصوات من الشعب، وليس حزب العدالة والتنمية، فالفارق بين نسبتي حزب "العدالة والتنمية والشعب الجمهوري" كان كبيرا، حيث بلغت هذه النسبة ما يقارب 15 بالمئة.
وبعد فشل الأحزاب بالتوصّل إلى حل سياسي، أو تشكيل حكومة ائتلافية، تم الذهاب إلى انتخابات مبكرة، وفي تاريخ 1 تشرين الثاني / نوفمبر أجريت انتخابات جديدة كانت نسب الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب السياسية كالتالي:
"حزب العدالة والتنمية" 49.5.
"حزب الشعب الجمهوري" 25.3.
حزب "الحركة القومية" 11.9.
حزب "الشعوب الديمقراطي" 10.8.
بالمقارنة بين نسبتي انتخابات 7 حزيران / يونيو، و1تشرين الثاني / نوفمبر، نلاحظ أن نسبة "الشعب الجمهوري" ثابتة تقريبا، وهذا إن دل على شيء يدل على أن للحزب قاعدة جماهيرية ثابتة، تصوّت له كرامة للأصول الجذرية التي يمثلها الحزب، باعتباره حزب "مصطفى كمال أتاتورك" مؤسس الجمهورية التركية.
وهذا ما دفع أحد المحللين الإعلاميين الداعمين لحزب العدالة والتنمية، بعيد انتخابات 7 حزيران / يونيو، وبعيد تصريحات الشماتة التي استهدف بها كليجدار أوغلو حزب العدالة والتنمية، والتشفّي من عدم تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده، إلى القول: "إن لحزب الشعب الجمهوري قاعدة جماهيرية ثابتة، فلا داعي للحملات الانتخابية والوعود لكي يحصل على النسبة التي يحققها في الانتخابات، فهذه النسبة ثابتة لديه، ولو أنني كأحد المنتمين لحزب العدالة والتنمية استلمت زعامة حزب الشعب الجمهوري أظن أن الحزب سيحقق النسبة ذاتها، وما ذلك إلا لأنّ الحزب يتمتع بقاعدة جماهيرية تصوّت له في السرّاء والضراء".
وبناء على ما سبق العنتريات التي يخرج بها كليجدار أوغلو لا أهمية لها، لأنّه لم يزد نسبة أصوات حزب الشعب الجمهوري بشكل ملحوظ بعيد استلامه الزعامة، بمعنى آخر ليست هناك إجراءات فعلية لـ كليجدار أوغلو، على المستوى الشخصي أسهمت بزيادة النسب التي يحصل عليها الحزب، وهذا دليل آخر على أن الحزب يتمتع بقاعدة جماهيرية ثابتة.
منذ عام 2002 وحزب العدالة والتنمية هو الحزب الذي يحقق أكبر نسبة في الانتخابات البرلمانية، وانتخابات 7 حزيران / يونيو كانت الوحيدة التي لم يتمكن فيها من تشكيل حكومة بمفرده، وذلك لهبوط النسبة قليلا قياسا للانتخابات السابقة، ومع الذهاب إلى انتخابات مبكرة في 1 تشرين الثاني / نوفمبر، حصل "العدالة والتنمية" على نسبة تؤهله من تشكيل حكومة بمفرده، وذلك بعيد استقطاب ناخبين صوتوا في انتخابات 7 حزيران / يونيو لصالح حزبي "الحركة القومية، والشعوب الديمقراطي".
إن احتمالية فوز حزب الشعب الجمهوري في ظل وجود حزب العدالة والتنمية من خلال النظام البرلماني يبدو أنه ضئيل جدا، ومن هنا أليس الجدير به أن يدعم نظاما جديدا تبدو معه فرص الفوز أكبر؟ قالها رئيس الوزراء التركي "بن علي يلدرم" سابقا: "إن كان رجل من ولاية أرزينجان -قاصدا نفسه- يصل إلى رئاسة وزراء تركيا، ما المانع من أن يصل في النظام الرئاسي رجل من حزب الشعب الجمهوري إلى سدة الحكم، لطالما كان هذا الرجل يفهم آلام الشعب، ولطالما أنه رجل عاقل ومنطقي".
أعلن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" أكثر من مرة أنه حين سيأتي أجلُه سيموت، وأنّ وجوده لن يكون أبديّا، وأنّ دفاعه عن النظام الرئاسي ليست لمصالح شخصية، وإنما لإنقاذ تركيا من الأزمات التي تتعرض لها عندما تضطر إلى تشكيل حكومات ائتلافية، وللانتهاء من الوصايا.
بعبارة أخرى، نفهم من كلامه أنّ مشروع النظام الرئاسي لن يكون مشروعا خاصا بحزب العدالة والتنمية، وإنما هو مشروع تركيا، إذ سيتمكن كل من يحصل على ثقة الشعب من الوصول إلى الرئاسة، سيكون نظاما يتيح أمام الأحزاب السياسية المختلفة فرصة الفوز بالرئاسة من خلال المرشّح الذي يتم إبرازه، بشرط أن يحقق المرشّح قبولا وثقة لدى الشعب".
وعلى حزب الشعب الجمهوري بدلا من إطلاق العبارات التي لا تخلو من التحريض والاستفزاز من مثل: "إن تطبيق النظام الرئاسي لن يكون إلا بسفك الدما"، وغيرها من العبارات الأخرى، أن يركّز على إخراج رجل يحظى بثقة الشعب التركي علّه يفوز في انتخابات رئاسية، ويحصل على الزعامة التي سعى إليها طوال هذه السنوات".
ولكن السؤال هنا: "هل معارضة حزب الشعب الجمهوري للنظام الرئاسي، لضعف ثقته بنفسه؟ أم خوفا على فقدان القاعدة الجماهيرية الثابتة التي يتمتع بها أيضا؟ أم أنّ خوفه في الحقيقة كما قال كليجدار اوغلو لـ باهتشلي: "في حال تطبيق النظام الرئاسي ستنزلق الجمهورية من تحت أقدامنا".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس