صحيفة بيبلد - ترجمة وتحرير ترك برس
في هذا الاجتماع حضر عدد كبير من الجماهير، كانوا يلوحون بأعلام تركية، ويرتدون قمصانًا وأوشحةً عليها شعارات حزب العدالة والتنمية، وكانوا يهتفون في كل مرة يذكر فيها اسم الزعيم، رجب طيب أردوغان. فما مدى نفوذ الرئيس التركي في ألمانيا؟
يوم السبت الماضي، حضر أكثر من عشرة آلاف شخص من أنصار حزب العدالة والتنمية التركي، لتحية رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، الذي قدم لألمانيا بهدف الترويج لمقترح التعديل الدستوري الذي سيتم الاستفتاء عليه، والذي سيمنح المزيد من الصلاحيات لرئيس الجمهورية. وفي الأثناء، ردد الحاضرون العديد من الشعارات المختلفة، وطالبوا بسن جملة من القوانين الجديدة مثل إعادة الحكم بالإعدام، وعدم التسامح مع الصحفيين المتورطين في الترويج للإرهاب.
مـا مـدى نـفـوذ أردوغـان فـي ألـمـانـيـا؟
صرحت السياسية الألمانية من أصول كردية، سيفيم ديغديلين المنتمية للحزب اليساري الألماني، بأن هذا الاجتماع الجماهيري في مدينة أوبرهاوزن الألمانية، كان بمثابة استعراض للقوة من قبل حزب العدالة والتنمية. فضلا عن ذلك، اعتبرت هذه السياسية، المعادية لأردوغان، أن هذا الاجتماع الضخم يعكس رسالة مبطنة موجهة للحكومة الفيدرالية الألمانية، مفادها أن حزب العدالة والتنمية بإمكانه القدوم إلى ألمانيا وإظهار قوته والقيام بحملة للترويج للاستفتاء الدستوري.
في المقابل، أفاد النائب التركي عن حزب العدالة والتنمية، جلال جيكار أن الرئيس أردوغان يتمتع بإشعاع وشعبية جارفة في ألمانيا. فقد ثبت، من خلال هذا الاجتماع الذي احتضنته مدينة أوبرهاوزن، أن أردوغان يتمتع بالكثير من النفوذ والتأثير، خاصة في صفوف الشباب من أبناء المهاجرين الأتراك في ألمانيا.
وفي هذا الصدد، أفاد جلال، أن "العديد من الألمان من أصل تركي شعروا بالظلم والحيف في ألمانيا على الرغم من أنهم ينتمون للجيل الثاني والثالث من المهاجرين وقد قضوا عقودا هنا. فضلا عن ذلك، فإنهم يشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية".
وأضاف جلال: "لقد أدرك كل من أردوغان وبن علي يلدريم المعاناة التي يتعرض لها الألمان من أصل تركي، ولذلك وجهوا رسالة لشباب مفادها "نحن نستمع إليكم وقد جئنا إلى هنا لأننا نهتم بكم". ولذلك، كانت الأجواء في ذلك الاجتماع حماسية لأبعد الحدود. كما أنه يوجد في ألمانيا حوالي 1,5 مليون ناخب تركي، ومن الطبيعي أن يسعى أي حزب تركي للقدوم إلى هنا والتقرب منهم لكسب تأييدهم".
ومن جانب آخر، يعتبر النائب في البرلمان الألماني عن الحزب الخضر، أوزكان موتلو، أن النشاط السياسي لحزب العدالة والتنمية من شأنه أن ينقل المشاكل الداخلية التركية إلى الأراضي الألمانية، على غرار الانقسامات بين أنصار حزب العدالة والتنمية وأنصار بعض الأحزاب المعارضة، الذين يتهم بعضهم من قبل أنصار الحزب الحاكم في تركيا بأنهم إنقلابيون و إرهابيون.
وفي هذا الإطار، أورد النائب، أوزكان موتلو، "لماذا لم ننجح في جذب انتباه هذه الجماهير الغفيرة التي تقدر بعشرات الآلاف ودفعها للمشاركة في الانتخابات الألمانية، والحضور في اجتماعات الأحزاب الألمانية؟ الإجابة هنا واضحة، لا يزال العديد من الألمان ذوي الأصول التركية، مرتبطين عاطفيا ووجدانيا بتركيا، رغم أنهم في الواقع يعيشون في ألمانيا. والسبب وراء ذلك يكمن، بكل بساطة، في سياسة التهميش والإقصاء التي يعانون منها".
وتجدر الإشارة إلى أن الطبقة السياسية الألمانية لطالما تعرضت لانتقادات لاذعة، نظرا لأنها تتقاعس في محاولة إدماج المهاجرين. وفي هذا السياق، انتقد النائب موتلو قرار حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، بالعودة للنظام القديم فيما يخص إصدار الجنسية المزدوجة، الذي يعني أنه سيتوجب على الألمان من أصل تركي الاختيار بين جواز السفر الألماني أو التركي. علاوة على ذلك، دعا موتلو لتشجيع دروس اللغة التركية في المدارس من أجل استقطاب الجالية التركية.
ومن جهته، اعتبر النائب في حزب العدالة والتنمية، مصطفى ينيروغلو، الذي ولد في ألمانيا، أنه من الطبيعي جدا أن يقوم حزب العدالة والتنمية بحملة انتخابية في ألمانيا، باعتبار أن هنالك ما لا يقل عن 1.5 مواطن تركي في ألمانيا يحق لهم الانتخاب. ومن هذا المنطلق، يمكن لأي سياسي تركي أن يذهب لمخاطبة هؤلاء.
وأوضح ينيروغلو أن السبب الحقيقي وراء مشاعر القلق التي انتابت بعض المواطنين الألمان تجاه هذه الحملة الانتخابية والاجتماع الضخم الذي شهدته مدينة أوبرهاوزن، يكمن في التغطية الإعلامية المنحازة. فمن المعلوم لدى الجميع أن وسائل الإعلام تتبنى خطا معاديا لتركيا، إذ أنها لا تركز مثلا على التحدث على حزب العمال الكردستاني على الرغم من أنه يعد تنظيما إرهابيا محظورا.
والجدير بالذكر أن العديد من الأحزاب التركية الأخرى، قد قامت بأنشطة واجتماعات شعبية في ألمانيا، على غرار حزب الشعب الجمهوري، ولكن لم يحدث كل هذا الجدل إلا عندما قدم حزب العدالة والتنمية.
هـل يـزور أردوغـان ألـمـانـيـا لـلـتـرويـج لـلـتـعـديـل الـدسـتـوري؟
في الوقت الراهن، يخشى العديد من السياسيين الألمان أن يأتي الرئيس أردوغان بنفسه إلى ألمانيا، في إطار حملة إقناع الناخبين بالتصويت بالموافقة على التعديل الدستوري الذي سيمثل إعادة هيكلة للجمهورية التركية، خاصة وأن هذا الأمر سيكون محرجا لهم وقد يعرضهم للانتقادات.
وعلى العموم، أعلن رئيس الوزراء يلدريم، بشكل غير مباشر، عن إمكانية قدوم الرئيس، خلال اجتماع مدينة أوبرهاوزن.
في المقابل، فند النائب أوزكان موتلو هذا الاحتمال، حيث أفاد أن "أردوغان سيفضل البقاء في تركيا لأن المسألة ستكون معقدة للغاية إذا ما حل ضيفا على ألمانيا، يعني هل سيقابل ميركل مثلا إذا قدم هنا؟ وهل سيقبل المجيئ دون دعوة رسمية؟".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!