د. وسيم بكراكي - خاص ترك برس
مع انطلاقة حملة الاستفتاء الشعبي للتعريف بالنظام الرئاسي والتعديلات الدستورية الجديدة المزمع التصويت عليها في 16 نيسان من العام الحالي، تتعرض حكومة العدالة والتنمية في تركيا لحملة غير مسبوقة من الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا امتعاضاً ومعارضة شبه واضحة لما تقوم به هذه الحكومة من تعديلات دستورية وصولا إلى النظام الرئاسي والسماح للمواطنين الشباب بسن 18 عام من التصويت وغيرها الكثير من التغييرات الكثيرة التي تعد جذرية في تاريخ تركيا الحديث.
فبعد أن بدأت هذه الحملة بمنع ألمانيا وزير العدالة التركي من إلقاء كلمة له في إحدى التجمعات في ألمانيا بحجة عدم تأمين المواقف اللازمة لتأمين مثل هذه التجمع، تعددت أمثال هذه القرارات في اكثر من مكان ودولة أوروبية مرورا بهولندا والنمسا وأخيرا في الدانمارك.
بل لقد تعدت هذه الدول أساليب اللياقة السياسية والدولية بشكل واضح وصريح في اكثر من تصريح وبيان. .. فقد صرح كريستانسن بيرث قائلا:"إن تحويل السياسيين الأتراك المدن الأوروبية إلى ميادين للحرب السياسية التركية هو مسألة ضخمة... إننا لا نقبل للدانمارك أن تكون مرتعاً للحملات السياسية للدول الأخرى. إن الحملات الانتخابية هو أمر نقوم به في الدانمارك لأجل السياسة الدنماركية فقط".
وفي تصريح مماثل، تحدث النائب عن الحزب الديموقراطي الاجتماعي لارس اسلان راسموسان التركي الأصل بقوله: "لعله يجب علينا أن نمنع قدوم السياسيين الأتراك إلى الدانمارك للقيام بحملات انتخابية. إن تركيا هي دولة تخلو من الديموقراطية. وإن من الغريب أن يقوم أشخاص يقومون بحبس معارضيهم في تركيا بالقدوم إلى الدانمارك للقيام بحملات انتخابية".
وبالعودة إلى المانيا، بعد أن قامت هذه الدولة بمنع وزير العدل التركي بكير بوزداغ من اللقاء بالناخبين الأتراك في المانيا، ومن ثم وزير الاقتصاد نهاد زيبكجي من التحدث أيضا في لقاء آخر تم منعه هو الآخر بحجة التخوف من أعمال أمنية، ها هي اليوم أيضا تمنع وزير الطاقة السابق تانير يلديز أيضا من التحدث في برنامج آخر تم الأعداد له مسبقا أيضا، حيث تم الغاء عقد ايجار الصالة من قبل بلدية كيلستيرباش الواقعة على مقربة من مدينة فرانكفورت ولاية هيسين لأسباب غير معروفة.
أما من الجانب التركي، فقد أعلن رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان رفضه لما يجري من "إزدواجية في التعامل" في هذه الدول الأوروبية وأعلنها متحدياً بقوله: "إذا أردت فسأذهب غداً.. وإذا قدمت ومنعت من التحدث فسأقيم الدنيا (بمعنى على رؤوسهم)...".
هذا التحدي الواضح جاء في الخطاب الذي ألقاه الريس أردوغان في مؤتمر مدينة توكات والذي قال فيه ايضاً: "إن تصرفات غير عادلة بهذا الشكل هو أمر لا يمكن القبول به. ففي الوقت الذي الذي يتم السماح به لمنسوبي المنظمات الإرهابية من تنظيم المؤتمرات الرافضة للتعديل الدستوري على الشكل الذي يحلو لهم، وفي الوقت الذي يتم استقبالهم في القصور، وتعلق الميداليات لشخص محكوم في تركيا بخمس سنوات وتسعة أشهر سجن.. واين؟ في القصر الرئاسي... فهل هذا هو مفهومكم للديموقراطية؟!".
وأكمل قائلا: "أنا لا أؤمن بأن النازية قد انتهت فعلياً في ألمانيا. فكما يبدو من تصرفاتهم هي لا زالت مستمرة حتى اليوم. فإن كنت تؤمن بالديموقراطية فإن وزيري يجب أن يستقبل وزير وأن يقوم باجتماعاته في الصالات المناسبة. ما الذي يزعجكم؟... وها هو نفس الأمر يحصل مع وزير آخر... وها هو نس الأمر يحصل مع هولندا... إنهم لا يتصرفون بإرادتهم الخاصة.... إنني أتوجه إلى كل الشعب التركي المقيم في مختلف الدول الأوروبية. .. إن يوم 16 نيسان هو اليوم الذي انتظر فيه جوابا منكم إلى أوروبا. .. نعم؟ نعم؟ أنني اسمع الآن كلمة "نعم" من اخوتي في أوروبا. ..".
وفي موقف تركي آخر، أعلن رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي تأييده للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في موقفه الأخير بقوله: "اذا قرر سيادة الرئيس الذهاب إلى أوروبا فإنه ليس لوحده... فأنا مستعد للذهاب معه... إنني اقف جنبا إلى جنب معه في سبيل تحقيق (الروح التركية) الجديدة في أوروبا. ..".
وأخيرا، أعلن النائب عن حزب العدالة والتنمية في مدينةاضنة ورئيس التجمع التركي في البرلمان الأوروبي رفضه لما يجري من منع للقاء وزراء بلده مع قاعدته الشعبية في أوروبا وصرح بقوله: "أننا سنقوم بإيصال قرارات منع وزرائنا من اللقاء مع الأتراك إلى المجلس الأوروبي". حيث أنه من غير المقبول ابدا ان يمنع وزراء تركيا من اللقاء مع الاتراك المقيمين في أوروبا والبالغ عددهم قرابة 5 ملايين نسمة. وأكمل كوتشوكجان بقوله: "إن منع السياسيين الأتراك من اللقاء مع ناخبيهم في أوروبا هو خرق لحرية إبداء الرأي بشكل واضح. إننا ننتظر من الناخبين الأتراك في أوروبا التقدم يوم 16 نيسان للتصويت على الاستفتاء الشعبي في صناديق الاقتراع...".
اذن نحن اليوم أمام تصعيد أوروبي لا يفهم منه إلا أمر واحد هو تضييق الخناق على الحكومة التركية ورفض ما تقوم به من تعديلات دستورية يبدو أنها بدأت تقلق الدول الأوروبية بشكل واضح جعلها تظهر عداءها لحزب العدالة والتنمية بشكل لعله هو الأوضح منذ فشلهم في تحقيق الانقلاب الأخير وما رافقه من اتهامات لأوروبا وأميركا بالضلوع فيه... ولعل الأيام القادمة ستحمل المزيد من التصعيد والتصعيد المقابل مع رئيس دولة ليس كغيره في ردود الفعل التي لا يمكن توقعها ولا توقع الحدود التي يمكن أن تصل إليه. ..
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس