أحمد ولد سيدي - خاص ترك برس
قال الكاتب والباحث موريتاني المتخصص في الشأن الإفريقي سيدي ولد عبد المالك إن اعتماد الحكومة التركية لسياسية خارجية جديدة ترتكز على نظرية العمق الاستراتيجي للدولة التركية وتقوم على ربط تركيا بماضيها الإسلامي ذي الامتداد العربي، والإفريقي من أجل تأمين مصالحها وتحقيق طموحاتها التوسعية، فالحكومة التركية الحالية تسعى إلى التصالح مع محيطها العربي.
واعتبر الكاتب في مقال نشره بموقع إسلام أون لاين أن العلاقات التركية الإفريقية توثقت بفعل سياسة الانفتاح على القارة السمراء التي تبناها حزب العدالة والتنمية الحاكم سنة 2005، وأصبحت تركيا اليوم بعد تبني سياسة الانفتاح على إفريقيا شريكا هاما في المجالات التجارية والاستثمارية والتنموية، وداعما أساسيا لجهود الاتحاد الإفريقي من أجل إحلال السلم وإرساء ممارسة ديمقراطية حقيقية بالقارة السمراء.
ورأى الكاتب أن الاهتمام العالمي بإفريقيا ازداد في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، حيث تتسابق الدول الكبرى لإحراز مواقع استراتيجية واقتصادية جديدة، أو لتعزيز الحضور في قارة تمتلك الكثير من الخيرات والثروات والموارد البشرية وتتوقع الإحصائيات أن تحتل الترتيب العالمي للقارات العالم من حيث حجم السكان بنسبة 25% في عام 2050، كما أن إفريقيا اليوم تعتبر الواجهة المستقبلية للاستثمار العالمي، مشيرا إلى أنه نظرا للأهمية المحورية لإفريقيا، فإن الشراكة مع إفريقيا تعتبر اليوم رافدا أساسيا لأي قوة صاعدة في عالم اليوم تريد أن تحقق نهضة الاقتصادية دائمة وتحتل موقعا استراتيجيا مؤثرا، ومن هذا المنطلق يدخل الاهتمام التركي بإفريقيا التي تمكنت من خلاله بالدفع بعلاقاتها مع إفريقيا، حيث عرفت العلاقات التركية- الإفريقية على مدار السنوات الأخيرة قفزة نوعية على مستويات الدبلوماسية والاقتصادية.
سياسة جديدة
يشير الكاتب إلى أن العلاقات التركية الإفريقية توثقت بفعل سياسة الانفتاح علي القارة السمراء التي تبناها حزب العدالة والتنمية الحاكم سنة 2005. وأصبحت تركيا اليوم بعد تبني سياسة الانفتاح علي إفريقيا شريكا هاما في المجالات التجارية والاستثمارية والتنموية، وداعما أساسيا لجهود الاتحاد الإفريقي من أجل إحلال السلم وإرساء ممارسة ديمقراطية حقيقية بالقارة السمراء.
ويضيف أن دوافع تركيا اليوم لحط رحالها بقوة في إفريقيا متعددة منها الاقتصادي والسياسي الدبلوماسي والثقافي، فتركيا كقوة اقتصادية صاعدة بحاجة إلى شراكة مع القارة السمراء التي ظل ارتباطها الاقتصادي مقتصرا على القوى الاستعمارية الغربية، التي يعود الفضل للكثير من تفوقها إلى علاقاتها التاريخية الاستعمارية بالقارة السمراء.
رافعة الاقتصاد
يرى الكاتب أن الاقتصاد يعتبر ركيزة علاقات التعاون بين تركيا وإفريقيا مع تنوع مجلات التعاون بين الجانبين.
ويؤكد أن العلاقات التجارية بين تركيا وإفريقيا عرفت على مدى الأعوام الأخيرة تطورا ملحوظا عكسه ارتفاع حجم التبادل التجاري، فحصة إفريقيا من الصادرات التركية ارتفعت من 3% سنة 2003 لتصل 10% سنة 2013، كما اتسم التواصل التجاري بحركة نشطة للتجار ورجال الأعمال في الاتجاهين.
ويعتبر أنه بالإضافة للاعتبارات الاستراتيجية التي تمت الإشارة إليها كمحفزات للاهتمام التركي بإفريقيا، فأنقرة بحاجة لتنويع أسواقها خارج دائرة الاتحاد الأوروبي الذي كانت حجم الصادرات التركية الموجه إليه تصل حوالي 70% من إجمالي صادرات تركيا، فحالة الكساد التي تعيشها الأسواق الأوروبية بفعل الأزمة المالية والاقتصادية التي اكتوت بها أوروبا مؤخرا تفرض علي تركيا البحث عن أسواق جديدة لمنتجاتها و مؤسساتها الاستثمارية.
وللتأسيس لعلاقات اقتصادية استراتيجية واعدة لتركيا مع إفريقيا يرى الكاتب أن الحكومة التركية قامت بتنظيم عدة قمم ومنتديات اقتصادية تركية- افريقية، من أبرزها القمة التركية-لإفريقية بمشاركة جميع الدول الإفريقية، وذلك علي غرار القمة الإفريقية -الفرنسية والقمة الإفريقية- الهندية.
ونتيجة لهذه السياسية بلغ حجم التبادل التي بين إفريقيا وتركيا 23.5 مليار دولار سنة 2013 مقارنة بـ750 مليون دولار سنة 2000.
وساهم دخول الخطوط الجوية التركية للسماء الأفريقية في تنشيط حركة التواصل التجاري بين الجانبين، ويؤمن أسطول الخطوط الجوية التركية حاليا رحلات منتظمة لأكثر من 20 عاصمة افريقية.
مجالات أخرى للتعاون
يقول الكاتب إن المشاريع التركية بأفريقيا تتجاوز الأبعاد التجارية والاقتصادية إلى الجوانب الصحية، والتعليمية والاجتماعية والثقافية. ففي الجانب الإنساني والإغاثي توسع نطاق تدخل إدارة التعاون والتنسيق التركي "تيكا" بفتح مكاتب جديدة بدول القارة، وتمتلك الوكالة حاليا مئات المشاريع في حوالي 40 بلد إفريقي.
ولا تقتصر جهود التدخل في المجال الإنساني في إفريقيا على الجهود التي تقوم بها الحكومة التركية من خلال وكالة "تيكا"، فمع مساهمة تركيا بنحو 800 مليون دولار لدعم مشاريع الإغاثة الرسمية ببعض الدول الإفريقية في عام 2013، فهناك جهود كبيرة للعديد من المنظمات الأهلية التركية بإفريقيا.
وتحتل الأبعاد الثقافية والتعليمية والدينية هي الأخرى حضورا معتبرا في مسار العلاقات التركية- الإفريقية. فمن بين الأدوات التي تستخدمها تركيا لتوسيع دائرة نفوذها بإفريقيا الروابط الدينية والتاريخية مع إفريقيا وتفعيل الاهتمام بمنظمة التعاون الإسلامي، التي يأتي في طليعة أهدافها "تعزيز التضامن الإسلامي بين الدول الأعضاء وتعزيز التعاون بينها في المجالات الاقتصادية والصحية والاجتماعية والتعليمية".
وختم الكاتب بالقول إن مستقبل العلاقات التركية- الإفريقية هو مستقبل واعد على ضوء المعطيات التي تمت الإشارة إليها، إلا أن تركيا بحاجة لتنسيق هذا الحضور مع دول شمال إفريقيا التي تتقاسم مع تركيا إرثا تاريخيا كبيرا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذه البلدان تمتلك ثقلا سياسيا ودبلوماسيا في القارة السمراء بحكم التاريخ والجغرافيا ودور بعض هذه الدول في دعم الحركات الإفريقية المناهضة للاستعمار وفي تأسيس الاتحاد الإفريقي.
كما أن استمرار هذا الحضور بحاجة لخلق تكتل دولي مؤثر لا يتعارض مع طموحات تركيا، وذلك لتحقيق اختراق نوعي بالقارة السمراء، فالدول الغربية تنسق طبيعة تدخلها بإفريقيا، وعليه فإن البلدان الأخرى التي تنهج سياسية الانفتاح علي إفريقيا كالصين والهند والبرازيل بحاجة هي الأخرى لتنسيق سياساتها تجاه القارة السمراء.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!