جيرين كينار - صحيفة تركيا - ترجمة وتحرير ترك برس
كانت العقدتان الأهم في العلاقات التركية الأمريكية خلال الأعوام الأخيرة هما الدعم السياسي المقدم من جانب واشنطن لحزب الاتحاد الديمقراطي، وقضية جماعة فتح الله غولن. كانت لدى أنقرة توقعات بتغير السياسة الأمريكية في القضيتين المذكورتين مع انتهاء ولاية باراك أوباما وانتخاب الرئيس الجديد دونالد ترامب.
ارتفع سقف هذه التوقعات إلى درجة أن بعض الصحفيين، ممن يدعون التحدث باسم الحكومة التركية، قدموا دعمهم اللا محدود لترامب، بل وصل بهم الأمر إلى حد تجريم من ينتقدون الممارسات الإسلاموفوبية لترامب. وبحسب هؤلاء الصحفيين فإن رئاسة هيلاري كلينتون، لو تحققت، لكانت استمرارًا لعهد أوباما، وإن كل شيء سيتغير في حال انتخاب ترامب.
لكن ذلك لم يحدث، ووقعت إدارة ترامب الأسبوع الماضي قرارًا ينص على تقديم الدعم العسكري المباشر لحزب الاتحاد الديمقراطي.
وزارة الدفاع الأمريكية (الينتاغون) هي المرجعية والسلطة المنفذة للقرار بشأن سياسة الولايات المتحدة المتعلقة بحزب الاتحاد الديمقراطي. لكن في النهاية وضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توقيعه أدنى القرار. ولهذا فإن القول بأن هذه السياسة ليست لترامب وإنما للمؤسسات الأمريكية لا معنى له.
قرار الولايات المتحدة الأمريكية هذا يعني انتهاك مبدأ حددته تركيا على أنه خط أحمر بالنسبة لها، عن سابق علم وتصميم. بلد عضو في حلف الناتو يمد تنظيمًا إرهابيًّا يحارب بلدًا آخر حليفًا له في الناتو. أمر ليس من السهل تقبله.
ولا يبدو أن أمام أنقرة إمكانية كبيرة للمناورة في هذه القضية لأن روسيا بدورها أيضًا تقدم دعمًا صريحًا لحزب الاتحاد الديمقراطي.
اللافت للانتباه في الأمر هو أن ردود الأفعال الأولى الواردة من أنقرة لم تعكس حالة من الدهشة لديها. وهذا يدل على أنها لم تكن لديها تتوقع تغير السياسة الأمريكية في هذا الخصوص. وأعتقد أن مقولة "أنقرة كانت تنتظر هذا القرار" هي رأي لا يجانبه الصواب.
وفي هذا السياق من الممكن ملاحظة ارتياح الولايات المتحدة الأمريكية لعدم مشاركة تركيا في عملية الرقة. لأن تخلي الولايات المتحدة عن حزب الاتحاد الديمقراطي كان سيعني اضطلاع تركيا بكامل مهمة تحرير الرقة من تنظيم الدولة (داعش). ولا بد من الإشارة إلى أن الحمل السياسي والعسكري لذلك ثقيل جدًا.
والسؤال الذي سيطرح نفسه في المرحلة القادمة هو: هل تبقى علاقات الولايات المتحدة مع حزب الاتحاد الديمقراطي مرحلية، أم أن هذا الاتفاق سوف يستمر؟
وهل ستستمر الولايات المتحدة في تقديم الدعم للحزب بعد زوال خطر تنظيم الدولة؟ أنقرة ليست الوحيدة التي تطرح هذا السؤال، فحزب الاتحاد الديمقراطي نفسه يبحث عن إجابة له.
ولهذا كتب أحد ممثلي الحزب، مقالة لصحيفة نيويورك تايمز في اليوم الذي قررت فيه الإدارة الأمريكية تسليح الحزب بشكل مباشر، دعا فيها الولايات المتحدة لعدم التخلي عن الحزب بعد انتهاء الحرب على تنظيم الدولة.
أما الطريقة لفك الارتباط بين الولايات المتحدة والحزب فهي تكمن في قدرة تركيا على النفوذ إلى آليات صنع القرار في واشنطن. ولتحقيق ذلك، سيكون تعزيز تركيا علاقاتها مع الولايات المتحدة، وليس قطعها، منطقيًّا أكثر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس