ترك برس
في خضم الأحداث المتسارعة، حظيت الحلقة (88) من مسلسل "قيامة أرطُغرل" التاريخي التركي، بمشاهدة عالية من الجمهور، حيث جرى خلالها "استشهاد" طالب العلم وصاحب الأخلاق الحميدة "علي يار" أحد أبرز الفرسان التركمان، فما هي الوصايا التي قدّمها لزعيم القبيلة "أرطُغرل" قبيل نطقه الشهادة؟
وأثناء التقاط الأنفاس الأخيرة، يقول علي يار مخاطبًا أرطُغرل إن "الوقت قد حان لترك أعباء الدنيا.. أختي وقبيلتي أمانة عندك، وعلى عاتقك مسؤولية السيطرة على قلعة قره جه حصار والثأر لشهدائنا الأبطال"، طالبًا منه المسامحة.
ويرد عليه أرطُغرل بالقول: "كم أن سعيد لأنّي حاربت إلى جانب بطل مثلك، أعدك بأنّي سأواصل مسيرتي لتحقيق أهدافنا دون توقف، لقد حفرت أمانتك ووصيّتك في قلبي، لكن أيّاك والاستسلام، لا تتركني وحيدًا..".
وقد أبدع الفنان "جيم أوتشان" في لعب دور "علي يار" خلال المسلسل التاريخي، وتمكن من جذب اهتمام واعجاب الجماهير، حيث كتب الشاعر القطري ناصر الوبير، قصيدة عنه تقول "لو كل خوي شروَا علي يار *** ماكان شفت الخيانه والغدر والمذله / علي وقف للحق ماهو على شان *** سيادة عروش القبيلة تشله".
أمّا الكاتب المصري، علي خيري، فوصف علي يار قائلًا: "العالم العامل هو أقرب العلماء إلى قلوب الرعية، وأرهَبهم لقلوبِ الرُعاة، وإن كانوا طغاة لا يخشون في الله لومة لائم؛ لذلك أبرز صناع المسلسل جانب الفروسية في شخصية علي يار، فهم لم يصوروا الرجل في صورة طالب العلم المنكفئ على علومه، الذي يتوارى في حمى غيره وقت البأس، لا فعلي يار هنا فارس مغوار لا يشق له غبار، يتقدم قومه في ساعات الخطر، ويستطيع أن يدافع عن معتقداته بسيفه، ويرمي من يروم دينه أو عرضه بسهامه التي لا تخطئ هدفها".
وتزامن وفاة "علي يار" مع مجيء السلطان السلجوقي "علاء الدين كيقباد" من الحلقة 88 من المسلسل التاريخي الذي حقق أكبر نسبة مشاهدة لعمل فني إسلامي يحكي قصة تاريخية عن تأسيس الدولة العثمانية في القرن الثالث عشر وصِراع المسلمين مع القوى الأجنبية المحاربة للإسلام في ذلك الوقت، ويحتوي على رسائل ومضامين تجعله وكأنه يتحدث عن واقعنا المعاصر بكل تفاصيله، وفق خبراء.
المسلسل يدور حول البطل التركي أرطغرل بن سليمان شاه ووالِد عثمان مؤسس الدولة العثمانية، ويتناول رحلة قبيلتهم التركمانية بحثا عن وطن، بعد الاجتياح المغولي للعالم الإسلامي، وفي هذه الرحلة خاض أرطغرل ومحارِبوه معارك شرسة مع المغول القوة الصاعدة في الشرق، وحَاربوا الصليبيين القوة الزاحفة من الغرب.
في رحلتهم للتوجه إلى الأناضول حقق أرطغرل انتصارات كبيرة، لفتت الانتباه إلى قوته ورفعت من شأنه، فأعطاه أمير الدولة السلجوقية السلطان علاء الدين الأول قطعة أرض على حدود الإمبراطورية البيزنطية انطلقوا منها لتأسيس السلطنة التي تحولت إلى خلافة.
نجح المسلسل في تقديم صورة الصراع الذي كان يعيشه العالم الإسلامي في هذه الفترة، وكيف تسببت الانقسامات والضعف في زيادة النفوذ الصليبي، وتجنيد الجواسيس والوزراء في القصور لتدمير الدول من داخلها، بحسب الباحث "عامر عبد المنعم".
يركز المسلسل على مواجهة المسلمين مع القوى الخارجية المعادية، ودور الخيانة في استنزاف قوتهم، في إشارات ذكية لما تواجهه الدولة التركية من مؤامرات، إلا أن الرسالة التي تتكرر في كل الحلقات هي الثقة في الانتصار رغم كل العراقيل.
ورغم الملاحظات العديدة على "قيامة أرطُغرل" فإن المسلسل يذكرنا بحقبة مضيئة من تاريخنا الإسلامي، ويعرض جانبا من البطولات التي تدعو للفخر وتعيد الثقة لشباب الأمة الذين أضعفت معنوياتهم كثرة المذابح التي يتعرض لها المسلمون بأسلحة الدمار التي تملِكها الجيوش التي تحتل البلدان الإسلامية وتمارس القتل والتدمير.
وكان الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني الرئيس التنفيذي للمؤسسة القطرية للإعلام وقع على عقد شراء البث الحصري للمسلسل التاريخي التركي "قيامة أرطغرل" في بداية ديسمبر/كانون الأول الماضي مع شركة الإذاعة والتلفزيون التركية (TRT)، في خطوة حظيت بإشادة واسعة في الوسط الثقافي، نظرا لأهمية المسلسل الذي يقدم رسائل وطنية وإسلامية تساهم في رفع معنويات المسلمين في زمن الانهيارات المتتالية.
وفاز "قيامة أرطُغرل" بجائزة مهرجان الفراشة التركي كأفضل مسلسل لعام 2016، وعُرض موسمين كاملين منه على قناة "تي آر تي" التركية، ويتم الآن عرض موسمه الثالث، ودائماً ما يحتل أعلى نسب المشاهدة الأسبوعية والشهرية.
وحاز المسلسل على إشادة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مقابلة تلفزيونية مؤخرا، قائلا إنه يحظى في الآونة الأخيرة باهتمام وإعجاب الجميع صغارًا وكبارًا، وأن أفراد أسرته أيضًا يتابعونه عن كثب، واصفا إياه بأنه بمثابة ردّ على أولئك الذين يستخفون بقدرات تركيا وشعبها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!