ترك برس
استعرض المحلل السياسي السعودي الدكتور محمد السلمي، رئيس مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية، تقييما حول الموقف التركي من الأزمة الخليجية الراهنة، مؤكّدًا أن تركيا دولة صديقة للمملكة العربية السعودية ويمكنها المساهمة في "إقناع الجانب القطري إلى الاستماع لأشقاءه".
جاء ذلك خلال مشاركته في برنامج تلفزيوني على قناة "الاقتصادية" السعودية، ردًا على سؤال حول قرار تركيا المتعلق بإرسال قوات عسكرية إلى قطر "في ظل وجود درع الجزيرة الذي قد يتحرك إذا شعر أعضاء مجلس التعاون الخليجي بالخطر لحماية منطقة الخليج العربي وحماية الشعب القطري".
وقال السلمي: "أولا هناك اتفاقية مشتركة بين تركيا وقطر منذ العام 2014 والآن تركيا تحاول أن تفعلها، فهي تحاول من جانب أن تستثمر هذه الأزمة لتوسيع مجال نفوذها الإقليمي، وكذلك إيران ولكن من جانب مختلف عن الجانب التركي".
وأوضح الاستراتيجي السعودي أن تركيا دولة صديقة للمملكة العربية السعودية ولبقية دول الخليج العربي لكن لديها "توجهات ناعمة أكثر مقارنة مع الجانب الإيراني بشأن توسيع نفوذها في المنطقة"، على حد تعبيره.
وأعرب السلمي عن تمنياته في أن "تسعى تركيا لإقناع الجانب القطري الدبلوماسي والسياسي إلى الاستماع إلى أشقاءه في دول الخليج ومطالبهم، وأن تساعد قطر للعودة إلى الحضن الخليجي والعربي والإسلامي".
وفيما يخص الموقف الإيراني، شدّد السلمي على أن إيران تحاول دائمًا أن تستثمر أي خلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي العربي لخدمة مشروعها السياسي التوسعي، وهي تحاول اليوم استثمار هذه الفرصة لتوسيع نفوذها والتدخل بشكل أكبر على الساحة القطرية.
والأسبوع الماضي، أعلنت 7 دول قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وهي السعودية ومصر والإمارات والبحرين واليمن وموريتانيا وجزر القمر، واتهمتها بـ"دعم الإرهاب"، في أسوأ صدع تشهده المنطقة منذ سنوات، بينما لم تقطع الدولتان الخليجيتان الكويت وسلطنة عمان علاقاتهما مع الدوحة.
من جانبها نفت قطر الاتهامات بـ"دعم الارهاب" التي وجهتها لها تلك الدول، وقالت إنها تواجه حملة افتراءات وأكاذيب وصلت حد الفبركة الكاملة بهدف فرض الوصاية عليها، والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني.
ويوم السبت 10 حزيران/يونيو الجاري، أجرى وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، زيارة إلى مدينة إسطنبول للقاء نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، والرئيس رجب طيب أردوغان، حول الأزمة الخليجية.
وفي تصريح أدلى به عقب لقاءه بأردوغان، قال آل خليفة إن القاعدة العسكرية التركية في قطر، هي قاعدة لحماية أمن الخليج كله. وأضاف أن "هذه القاعدة كما تم الاتفاق عليها في 2014، هي لمسألة التعاون مع دول المنطقة وللدفاع عنها وعن أي تهديدات لها، وليست لها علاقة بما يجري في الخليج، وما يجري بيننا وبين قطر ولن تكون موجهة ضد أحد".
وأشار إلى أن "الرئيس أردوغان أكد على حرصه و تطلعه لحفظ استقرار المنطقة، وعدم نشوب أي خلافات فيها وأن موقفه واضح مع الجميع"، مبينًا أن أردوغان أكد أن هذه "القاعدة وجدت للدفاع ولمساندة أمن واستقرار المنطقة كلها في مجلس التعاون، وأنها ليست موجهة ضد أحد".
في سياق متصل، كشف تقرير في جريدة القبس الكويتية للكاتب والباحث في العلاقات الدولية الدكتور علي حسين باكير، أنه وفدًا تركيًا من شخصين رفيعَي المستوى توجّه في زيارة غير معلنة إلى السعودية للقاء مسؤولين سعوديين على أعلى مستوى في المملكة، بعد بضعة أيام فقط على اندلاع الأزمة.
وبحسب التقرير، فإن "الوفد الذي ذهب بتكليف من الرئيس رجب طيب أردوغان كان يهدف إلى تحقيق ثلاثة أمور، أوّلها معرفة ما هي المشكلة بالضبط، لأنّ أحدا ما لم يكن يعلم ما هي المشكلة بالتحديد، وما هو حجمها الحقيقي، لا سيما أنّها جاءت فجأة ومن دون مقدّمات أو مؤشرات أو سابق إنذار.
فالمسؤولون السعوديون والقطريون كانوا قد التقوا ثلاث مرات على الأقل أخيراً، في اجتماعات رفيعة المستوى، ولم تتم إثارة أي شيء عن أي خلاف أو انزعاج أو مشكلة".
وأضاف التقرير: "أمّا المهمّة الثانية للوفد، فكانت الحصول على جواب من المسؤولين السعوديين حول "لماذا الآن في هذا التوقيت؟"، وما هو العمل الذي قد يكون ارتكب وتسبب بإطلاق هذه الأزمة؟.
أمّا الأمر الثالث فهو معرفة كيف باستطاعة تركيا أن تساعد لحل الموضوع سريعاً قبل أن يتفاقم، خاصّة أنّ لها علاقات جيّدة مع قطر ومع السعودية، ولها مصلحة كذلك في بقاء مثل هذا الأمر، وبالتالي فهي في موقع يسمح لها بالفعل بنزع فتيل الأزمة".
وأشار التقرير إلى أن الوفد التركي خرج من اللقاء من دون أن يحصل على إجابات شافية على أي من هذه الأسئلة، لكنّه فهم من خلال جملة قيلت على مسامعه أنّ هناك تصعيداً كبيراً قادماً.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!