بكر هازار – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس
منذ سنوات ونحن نتحدث في محافل مختلفة عن حروب المال. نلفت الانتباه إلى الدول التي تستغل وتعيش على دماء الدول الضعيفة. الدين هو سلاح مهم بقدر المال في نظام الاستغلال الدولي. لم يقل أجدادنا عن عنبث، في معرض حديثهم عن تلك الدول: "إن المال هو الدين الي يدينونه والعقيدة التي يؤمنون بها". إذ إنهم قد كشفوا عن كيفية استخدام واستغلال علاقة الدين بالمال وشبكات الخيانة منذ العصور القديمة. اليهود والإنجليز هم أفضل من استغل الدين والمال بشكل فعّال على مدى التاريخ.
استغلت الإمبراطوريات الكبيرة موارد ودماء الشعوب بوساطة الدين والمال، والدولة العثمانية كانت القوة الوحيدة التي استطاعت الوقوف في وجه استعباد الإنسانية. ولكن في المقابل هناك قوى تستغل الدين والمال، وتقف في وجه وتطور وتقدّم تركيا الجديدة التي تمثل آمال المظلومين حول العالم.
لقيت بريطانية ثمرة الظلم الذي مارسته خلال العصور السابقة، إذ إنها تحولت من إمبراطورية كبيرة إلى دولة ضعيفة تعاني من سكرات الفناء في جزيرة صغيرة بعد أن سلبت أمريكا سلاح المال والدين منها، وأصبحت تبحث عن الطريقة الفضلى والأكثر فعالية للحق بركب أمريكا من أجل الخلاص. إذ إن أمريكا أصبحت دولةً تتقن استخدام المال والسلاح بأكثر الأشكال فعاليةً.
كتب "روبرت باور" مدير قسم الشرق الأوسط لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية العديد من الكتب بعد تقاعده عن عمله. تحدث في كتبه عن كيفية استغلال واستخدام "وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، ووكالة المخابرات السرية الإنجليزية ومعهد الاستخبارات والعمليات الخاصة الإسرائيلي" للمال والدين، إضافةً إلى العمليات التي نفّذت في هذا الصدد، مع ذكر أمثلة حول البعض من هذه العمليات. كان المثال الأبرز الذي ورد في كتبه هو كيفية استغلال العالم الإسلامي من خلال إحلال الفساد في داخله.
بدؤوا بتدريب الأرهابيين واتخذوهم حلفاء لأنفسهم، زعموا أنهم أنشؤوا مذهباً جديداً باسم الحزام الأخضر، قاموا بالقضاء على دول السوفييت عن طريق هؤلاء الإرهابيين المتنكرين بمظهر الإسلام، حولوهم إلى القوة العظمى الوحيدة، ثم حولوهم إلى منظمات إرهابية، ثم حولوهم من حلفاء إلى أعداء لهم، وأخيراً دخلوا إلى جميع المناطق واستغلوها باستخدام تهديد فوبيا الإسلام. وهكذا تروي كتب روبرت باور "كيفية إنشاء حليف وعدو في الوقت نفسه" بالتفاصيل المملة.
كما تحدث روبرت باور عن كيفية وصول أمريكا إلى مرحلة استخدام المال والدين لهذه الدرجة من الفعالية، إضافة إلى فترة توليها لسياسة الإنجليز التي تعتمد على مبدأ "إفساد الدين، نشر الفساد، إثارة الفتنة، التقسيم والإدارة"، إذ قال:
"التقى الرئيس روزفلت بالملك السعودي عبد العزيز بعد الحرب العالمية الثانية بتاريخ 14 فبراير 1945 على متن سفينة أمريكية حربية راسية على ميناء ينبع الواقع في منطقة البحر الأحمر. كان هذا الاجتماع الخطوة الأولى التي تتخذها أمريكا في إطار البدء باتباع سياسة الشرق الأوسط الجديد، وتولي سيادة المنطقة بالنيابة عن بريطانيا. قبل هذا الاجتماع، قام مساعد وزير الخارجية الأمريكي، مكتب الشرق الأوسط والسفير المصري بإرسال تقرير سري إلى الرئيس روزفلت تحت عنوان "الأهمية الاستراتيجية للفوز بالسعوديين على الفور". في حين كان هذا الاجتماع والقرارات المتخذة خلاله بمثابة النتائج الفعالة الأولى التي أدى إليها هذا التقرير الهام".
يجب أن ننظر إلى الأزمات الموجودة في قطر وباقي دول الشرق الأوسط، زيارة ترامب للرياض، تجارة الأسلحة التي وصلت إلى النصف تلريون والاتفاقيات الجارية بين أمريكا ودول الخليج، من منظور آخر. تركيا الجديدة هي من يمكنها الوقوف في طريق مستغلي الدين والمال وإفشال مخططاتهم، وإعادة العدالة والسلام الذي أصبح العالم يتحسذر بشوق إليهما. إن الذين يقفون في وجه تقدّم تركيا الجديدة من خلال البحث عن العدالة في الشوارع، أمثال كليجدار أوغلو، قد أصبحوا في وضعية المدافع عن تنظيم الكيان الموازي الذي يُعدّ أحد مستغلي الدين الذين تستخدمهم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. وتنظيم الكيان الموازي هو أحد الأدوات التي تحدث عنها روبرت باور.
إن هذه الأمة لن تسامح من اتبع تنظيم الكيان الموازي ووقف إلى جانب من يخون بلاده.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس