ترك برس
في وقت يُرخي فيه توتر سياسي بظلاله على العلاقات التركية الألمانية، ربح ائتلاف شركات تركية ألمانية مكون من شركات سيمنز الألمانية وتوركرلار وكاليون التركيتين مناقصة لإنتاج طاقة متجددة، بعد تقديمهم عرضًا بـ3.48 دولار للكيلوواط الساعي، بعد أن كان السعر 10.3 دولار للكيلوواط الساعي من طاقة الرياح.
قُدّمت العروض لمناقصة المشروع الثاني في الأسبوع الماضي، وتنافست ثمانية من أكبر عشر شركات منتجة لتوربينات إنتاج الطاقة الكهربائية في العالم على إنشاء محطة لإنتاج الطاقة بقدرة ألف ميغاواط. وكانت أربعة من الشركات الثمانية من ألمانيا، واثنتان من الصين، وواحدة من الدنمارك وواحدة من الولايات المتحدة الأمريكية.
وتعد المناقصة على محطة إنتاج طاقة الرياح المشروع الثاني في إطار استراتيجية توربينات (مراوح) “ييكا” (YEKA) لإنتاج الطاقة الكهربائية، وقد نُظّمت في وزارة الطاقة والموارد الطبيعية التركية بأنقرة يوم الخميس 3 آب/ أغسطس الجاري.
وسيتم بناء التوربينات في خمس مناطق مختلفة في تركيا، تشمل نيغدة وقيصري، وسيواس، وأدرنة وكركلاريلي وتكيرداغ، وأنقرة وتشانكيري وكيرك كالة، وبيلاجيك وكوتاهيا وأسكيشهير. ومن المقرر أن يصل مجموع الإنتاج في كل المحطات إلى ألف ميغاواط، على أن لا تقل القدرة الإنتاجية في كل منطقة من هذه المناطق عن 50 ميغاواط.
ومع منافسة “ييكا”، سيتم الاستفادة للمرة الأولى من التكنولوجيا المحلية في عملية التصنيع. ووفقًا لتفاصيل المناقصة، ستقوم الشركة الرابحة بإنشاء مصنع باستثمارات تتجاوز 100 مليون دولار، سيتولى إنشاء 300 إلى 450 توربين (مروحة) مصنعة محليًا، بقدرة لا تقل عن 2.3 ميغاواط لكل منها.
ومن جهة أخرى، ستصل قدرة الدورة الواحدة للمصنع الذي سيتولى إنتاج التوربينات إلى 150 وحدة سنويًا أو 400 ميغاواط سنويًا. ويتوقع أن يستغرق إنشاء المصنع 21 شهرًا من تاريخ توقيع العقد. وتشترط المناقصة كذلك أن يتم إنتاج 65 في المئة من التوربينات بإمكانات محلية. وسيتم إحضار العديد من المعدات المستخدمة من مصادر محلية أو سيتم تصنيعها محليًا، مما سيساهم في تنشيط مباشر وغير مباشر لعدد من الصناعات المحلية التركية.
وستتعهد الشركات الفائزة بإجراء أنشطة بحث وتطوير لتحويل تركيا إلى مركز لإنتاج توربينات توليد الطاقة. وستنفذ أنشطة الأبحاث بطاقم يضم 50 تقنيًا، 80 في المئة منهم مهندسون أتراك، يملكون خبرة إجمالية قدرها 5 سنوات في 3 مجالات على الأقل مثل تصميم المولدات، وتكنولوجيا المواد، وتقنيات التصنيع، وكذلك ابتكار البرمجيات وناقلات الحركة. كما ستخصص 5 ملايين دولار سنويًا لهذه الأنشطة. وستوفر عمليات إنشاء وتشغيل المصنع ومحطات التوربينات إلى جانب أنشطة البحث والتطوير فرص عمل لحوالي 3 آلاف و750 شخصًا.
وسيستثمر ائتلاف الشركات الفائزة أكثر من مليار دولار في منشآت إنتاج طاقة الرياح، من خلال تقديم محطات توليد طاقة الرياح محلية الصنع، وسيتم توليد 3 مليارات كليوواط ساعي من الكهرباء تخدم حوالي 1.1 مليون بيت سنويًا. وبفضل المنشآت الجديدة، سيتم تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدل 1.5 مليون طن.
الشراكة التركية الألمانية تبعث رسالة مهمة
في حديثه بالمؤتمر الصحفي المنعقد بعد المناقصة، سلط وزير الطاقة والموارد الطبيعية برات البيرق الضوء على أهمية مشروع ييكا لإنتاج طاقة الرياح في خدمة هدف تركيا لزيادة حصة الطاقة المتجددة المصنعة محليًا من مجمل قطاع إنتاج الطاقة.
وفي إشارة إلى أن ائتلافًا تركيًا ألمانيًا ربح المناقصة، قال البيرق: “لقد مُنِح العقد للشركة الألمانية سيمنز. وأعتقد أن هذا يرسل رسالة مهمة للمنطقة والعالم”، مضيفًا أن تركيا وألمانيا يملكان تاريخًا يعود لـ200 عام من الشراكة، معربًا عن اعتقاده بأن مشروع الطاقة هذا سيساهم بشكل كبير في العلاقات التركية الألمانية.
وقال الوزير إن المبادرة الشجاعة ذات الرؤية للشركات الألمانية التي تتصرف بدافع المنطق والعقلانية ترسم صورة إيجابية لمستقبل الشراكة بين البلدين. وأعرب عن أن مشاريع ييكا لطاقة الرياح تثبت وضع تركيا كواحدة من أكثر أماكن الاستثمار أمنًا في المنطقة والعالم، رغم الأزمات المستمرة في المنطقة والعالم.
ولفت البيرق الانتباه إلى السعر المقدم من قبل الائتلاف الفائز، مشيرًا إلى أن العقد مُنح مقابل أسعار قياسية على مستوى العالم، مما سيتحول إلى ربح للاقتصاد التركي وسيقلل واردات تركيا من الطاقة بحوالي 55 مليار دولار سنويًا.
وأضاف أن “هذا المشروع لا يقلل تكاليف الطاقة على البلاد فحسب، وإنما يمثل خطوة مهمة باتجاه إنشاء تركيا كقاعدة لتكنولوجيا إنتاج الطاقة محليًا”، حيث ستقوم الشركات الفائزة باستثمارات بحث وتطوير لعشر سنوات على الأقل، وسيتم إنتاج 65 في المئة من توربينات توليد طاقة الرياح من خلال 8 آلاف مُكوّن من موارد محلية.
تركيا تعزز مكانتها كمركز استقطاب للاستثمارات الألمانية
مُتحدثًا لصحيفة ديلي صباح بشأن مناقصة ييكا لإنتاج طاقة الرياح، أشار أردا أرموت رئيس الوكالة التركية لدعم وتشجيع الاستثمار (ISPAT) إلى أهمية المناقصة لمناطق إنتاج الطاقة المتجددة، مثمنًا الخطوة كنقلة نوعية لقطاع الطاقة التركي.
وقال رئيس (ISPAT): “إننا في وكالة دعم وتشجيع الاستثمار نولي أهمية قصوى لهذه المناقصة من جهة الاستثمار الخارجي المباشر. وقد فازت شركة سيمنز الألمانية العملاقة، التي تعمل في تركيا منذ 160 عامًا بالمناقصة مع شركائها الأتراك في الائتلاف الاقتصادي الثلاثي. وهذا يظهر بوضوح أن التوتر السياسي الحاصل الذي تصاعد مؤخرا بين تركيا وألمانيا لا ينعكس أو يؤذي العلاقات الاقتصادية بين البلدين”، مشيرًا إلى حقيقة أن التوتر السياسي مؤخرًا لم يؤثر على قرارات الشركات الألمانية في تركيا.
وأكد أرموت أن “تركيا وألمانيا دون شك شريكان تجاريان مهمان، وتركيا توفر فرصًا كبيرة للمستثمرين الألمان”، مؤكدًا أن الزيادة المُطّردة في الاستثمارات الألمانية المباشرة في تركيا على مدى السنوات الـ15 الماضية وصلت إلى قرابة 9 مليارات دولار، لتصل استثمارات الشركات الألمانية في تركيا إلى 13 مليار دولار. وأشار إلى أنه بحلول نهاية عام 2016، تعمل أكثر من 6 آلاف و800 شركة في تركيا برأسمال ألماني.
وشدد على أن تركيا ستواصل كونها مركزًا مستقرًا لجذب استثمارات الشركات الألمانية، منوهًا إلى أن “الديناميكية والخبرة لدى فريق وكالة دعم وتشجيع الاستثمار تتمثل في استعداد لتوفير الخدمات اللازمة خلال دورة حياة الاستثمارات الألمانية في تركيا”.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!