ترك برس
أصدرت الحكومة الهنغارية قرارًا يقضي بتأميم المنطقة المحيطة بقبر السلطان العثماني سليمان - المعروف في أوروبا بـ”سليمان الأعظم” ( Sultan Suleiman the Magnificent) - المُكتشف حديثًا، مع ظهور ملامح جديدة للبلدة العثمانية المفقودة.
ويعد القرار كذلك بـ144.9 مليون فورنت مجري (تعادل 566 ألف دولار)، سيُخصّص ثلثاها لمواصلة الأبحاث المخبرية والميدانية، والباقي على دراسات الجدوى والتخطيط.
ويتوقع أن تُعيد هذه التطورات في التمويل الحياة إلى اقتصاد البلدة الهنغارية الصغيرة التي وجد فيها القبر، وتوفر فرص عمل للعثور على المزيد من المكتشفات من بقايا المستعمرة التي تعود للقرن السادس عشر.
البحث عن قبر السلطان سليمان
ظل مكان دفن السلطان سليمان، الذي توفي قبيل معركة في بلدة سزايغيتفار جنوب هنغاريا، مثار جدل لعدة قرون، وكان محاطًا بالغموض والأساطير المحلية.
وبعد وفاة السلطان في 7 أيلول/ سبتمبر 1566 للميلاد، رتّب الوزير الأعظم لنقل جثته إلى مسجد السليمانية في إسطنبول. إلا أن قلب السلطان وأعضاءه أزيلت بسبب الجو الحار والرحلة الطويلة، ودُفِنت في تابوت ذهبي تحت الخيمة التي توفي فيها.
وفي عام 2003 انطلقت مبادرة جديدة للعثور على الموقع الذي دفنت فيه أعضاء السلطان سليمان بتمويل من الدولتين التركية والهنغارية، بمشاركة وكالة التعاون والتنسيق “تيكا” التابعة للحكومة التركية، التي ترعى مشاريع ثقافية واجتماعية خارج البلاد.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2014 كشفت نتائج بحث نوربرت باب أستاذ الجغرافيا السياسية والتاريخية في جامعة بيكس أن مكان دفن رفات السلطان كان في بلدة توربيك الهنغارية، التي تضم مبنى يعود إلى عهد السلطان جدرانه موجهة نحو مكة.
ومع زيادة التمويل، وتأميم حوالي 4 هكتارات من الأرض المحيطة بقبر السلطان سليمان، تجري مراجعة على خطة البحث حسبما صرح الدكتور "باب" لصحيفة ديلي صباح، وقال: “بالمقارنة مع الفكرة السابقة، فإن الخطة الجديدة تهدف إلى توفير مزيد من البحث الموسع والمفصل والفعّال”.
وسيسمح التمويل للفريق بإجراء مزيد من البحث المعمّق، حسب "باب" الذي أضاف: “سيكون الفريق أكبر وستجرى الأبحاث على نطاق أوسع وجودة أفضل. ويمكننا استخدام معدات استشعار عن بعد أكثر تطورًا”.
ويتوقع أن يستمر التعاون التركي الهنغاري مع تقدم عمليات البحث والتنقيب الجارية حول موقع القبر. وفي إشادة له بمساهمات الحكومة التركية للمشروع قال "باب": “إن تعاوننا مع (وكالة التعاون والتنسيق التركية) تيكا ممتاز. كما أن الاهتمام العالمي بمشروعنا في ازدياد”.
ومع دخول المشروع مرحلة متقدمة، دُعي الفريق من قبل جامعات أوروبية عريقة للتعاون وعرض نتائج البحث، ويشمل التعاون العمل في إطار برنامج “أفق المفوضية الأوروبية 2020” للبحث والابتكار.
تسليط الضوء على زيغيتفار
وما زالت بقايا العهد العثماني صغيرة في البلدات والقرى الهنغارية في الوقت الحالي، حيث تقع ست مساجد تعود للقرن السادس عشر، تحول معظمها إلى كنائس. وقد سلّط اكتشاف قبر السلطان سليمان في عام 2014 الضوء على زيغيتفار، البلدة الصغيرة التي تبعد 3 ساعات عن العاصمة بودابست باتجاه الجنوب.
وقد أعاقت مسائل متعلقة بالتمويل والبنية التحتية جذب مزيد من السياح إلى المنطقة في الماضي، إلا أن قرار الحكومة الجديد يتوقع أن يغير ذلك. وفي هذا الصدد يقول "باب": “يهدف قانون الحكومة الجديد إلى حماية الموقع الأثري والبدء بالتخطيط وتشكيل وجهة سياحية وثقافية في المنطقة”.
وفي حين تعمل زيغيتفار على تطوير متحف الغابات الخاص بها الذي يعرض المعلومات للزوار باللغات الهنغارية والإنجليزية والتركية، يمكن أن يوفر التمويل الحكومي الجديد وسائل إضافية لتنمية قطاع السياحة الناشئ في البلدة.
سيسمح القرار كذلك بمزيد من أعمال التنقيب حول توربيك، موقع قبر السلطان سليمان، حيث ينتظر رفات البلدة العثمانية إخراجه إلى العلن.
وذكر البروفسور "باب" أن منطقة توبريك تأسست في الأعوام 1574 و1575، وكانت في العهد العثماني مستقرًا للحجاج من الطبقة الوسطى. وبعد ازدهارها لقرن من الزمان، دمّرتها قوات هابسبورغ في الأعوام 1692 و1693.
وقد ظلت عمليات التنقيب في الموقع محدودة، إلا أن فريق الدكتور "باب" ينوي توسيع جهوده للكشف عن تفاصيل ماضي توبريك الغني.
ويذكر أن السلطان سليمان كان صاحب أطول فترة حكم من بين السلاطين العثمانيين، إذ حكم منذ عام 1520 وحتى موته في زيغيتفار في عام 1566. وتحت حكمه شنّ العثمانيون عشرات الحملات العسكرية الناجحة في أنحاء أوروبا، التي انتهت بحصار فيينا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!