عايشة شاهين - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
بالكاد يشعر العمال الوافدون إلى تركيا بشيء من القلق حيال التهديد المتنامي من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في سوريا المجاورة. كما لا يشعرون بالتهديد من المظاهرات التي بدأها متشدّدون من الأكراد يدعمون القتال في مدينة عين العرب (كوباني)، ولا يبدو أنّ هناك أيّ أثر مباشر ضئيل لمثل هذه الظروف.
في إشارة منهم لرفض فكرة أنّ تركيا هي بلد خطرة للغاية بالنّظر إلى المسائل الأمنية، يقول أجانب يعيشون في تركيا منذ فترة إنّهم لا يشعرون بالقلق حيال احتمال أن يمتدّ القتال بين المقاتلين الأكراد وتنظيم داعش إلى تركيا.
تقع كوباني على الحدود التركية السورية جنوب تركيا، وهي محاصرة منذ شهور من قبل داعش. وقد فشلت الضربات الجوية على مواقع التنظيم بكسر الحصار حتى الآن. ولا يزال التهديد الموجود في المنطقة أداة يستخدمها الإعلام الغربي لبثّ فكرة عدم الاستقرار التي يرفضها من يعيش داخل تركيا. هذه التقارير الإعلامية تصف الظروف في تركيا بأنّها "غير آمنة"، بالتّحديد بالنّسبة للأجانب، بالنظر إلى أنّ البعض يعتقد أنّ القتال قد يمتدّ إلى الأراضي التركية.
المظاهرات التي خرجت من أجل كوباني في 6 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بعد موجة الغضب لدى متشدّدين داعمين لحزب العمال الكردستاني PKK تجاه موقف الحكومة التركية بالنسبة لكوباني، ممّا أدّى إلى اشتباكات بين الفصائل المؤيدة والمعارضة لـ PKK ما أسفر عن مقتل 51 شخصاً. التظاهرات التي اقتصرت على مناطق جنوب شرق تركيا، صُوِّرت على أنّها تجتاح البلاد بأكملها. كما يُصوّر العاملون في تركيا، بغض النّظر عن مكان إقامتهم، على أنّهم تحت تهديد "انخفاض" مستويات الأمن في البلاد. ولكن تبيّن أنّ العاملين الوافدين في تركيا يرون الوضع بصورة مختلفة تماماً.
تقول عاملة وافدة إلى تركيا أمريكية الجنسية طلبت عدم ذكر اسمها: "إنّني مثل بقية سكان إسطنبول، أُدرك كم أنا بعيدة عن الحقائق المروّعة في الجانب السوري من الحدود التركية السورية، وحتّى المواطنون الأتراك الذين يعيشون في أورفه (مدينة في جنوب تركيا) لا يعيشون تحت هذه الظروف".
وكأكاديمية في قسم الأدب واللغات الغربية في جامعة "بوغازيتشي"، عاشت هذه العاملة الوافدة في إسطنبول وخارجها لمدة ثلاثين عاماً. وفي حديثها لديلي صباح، قالت إنّها عاشت وعملت في دوام كامل في إسطنبول منذ عام 2002 بعد عودتها من برنامج مِنَح فولبرايت. ولم تخطر في بالها العودة إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإحساسها بأنّ تركيا هي "وطن" بالنسبة لها كما الولايات المتحدة.
وأضافت: "لم أشعر أبداً بالتهديد هنا، على العكس من ذلك، كإمرأة يمكنني أن أمشي في منطقة بيوغلو لوحدي أو أستقل المترو لوحدي في منتصف الليل وأشعر بأمان تام. ولم يتغير هذا أبداً خلال العام والنصف الماضيين.
ولدى سؤالها فيما إذا كانت عائلتها وأصدقاؤها في أمريكا قلقون بشأنها، بالنّظر إلى ما يُنشر من أخبار عن تركيا، ردّت بقولها "إنّ عائلتي وأصدقائي المُقرّبين مُتطوّرون وسافروا إلى أماكن عديدة حول العالم لدرجة أنّهم يقاومون الهستيريا التي يبثّها الإعلام"، مضيفةً أنّها لا تشاهد الأخبار الأمريكية أو تلقي أي اهتمام للآراء السّائدة حول قضايا معيّنة.
وعلى الرغم من التأكيد على مقولة إنّ تركيا دولة خالية من المشاكل قد يبدوا أمرا متفائلاً في الوقت الذي تعيش فيه دولة جارة ظروف الحرب، إلا أنّ تأثير هذه الحرب على الحياة اليومية بالكاد يمكن تحديده. فالحرب التي أثّرت على السياسات التركية الحالية، بما في ذلك تعليق عملية المصالحة بين الحكومة والمجموعات الكردية، لا تؤثر على حياة الناس العاديين. وهذا كذلك حال المحافظات التي تقع شرق تركيا، والقريبة من الحدود، حيث أنّ التّوتّر لم يمتدّ إلى البلدات والمناطق السكنية.
عاملة وافدة أخرى أمريكية الجنسية كذلك تُدعى أوليفيا تعيش في هاتاي جنوب تركيا وقرب الحدود السورية شاركت صحيفة ديلي صباح رأيها حول نفس الموضوع. وقالت إنّها جذبها تنوّع الأديان والثقافات في المدينة، مشيرة إلى أنّها اتّخذت قراراً صعباً بالانتقال إلى المنطقة في عام 2014.
تقول أوليفيا إنّها لِقُربِها من الحدود تشعر بالقلق بسبب القتال في كوباني، خاصة عندما تقرأ في الأخبار عمّا يحدث في سوريا وقرب الحدود مع تركيا، لكنّ من الصّعوبة بمكان الشعور بالتّوتّر على الأرض في أنطاكية خارج تقارير الصُّحف.
وأضافت: "إذا كنت أعمل في مجموعة إغاثية أو كنت صحفية أتنقّل بين هاتاي وسوريا، ربّما يكون شعوري مختلفاً. ولكن كوني على الجانب التركي من الحدود دائماً يجعل من الصّعب عليّ أن أشعر بالتّهديد".
جوليا عاملة وافدة إلى تركيا أسترالية الجنسية، تعمل صحفية في مدينة إسطنبول، تحدّثت لديلي صباح عن أفكارها عن العيش في تركيا كأجنبية. وقالت إنّها مقتنعة بحياتها في تركيا وليس لديها أي مخاوف بشأن الأمان حيث أنّها لم تواجه أي خطر حتّى الآن. كما أشارت إلى أنّ التقارير الإعلامية عن الأحداث في كوباني والتّأثيرات السلبية المحتملة على داخل تركيا سبّبت بعض القلق لدى عائلتها في أستراليا، لكنّها أوضحت لهم أنّ الوضع في تركيا بعيد تماماً عن كلمة "مخيف".
وقالت: "كانت عائلتي قلقة بشأني خلال تلك الفترة لكنّهم لا يمكنهم رؤيتي. وكانوا يحصلون على المعلومات من الإعلام ومصادر أخرى. لذلك كان علي أن أشرح لهم حقيقة ما أراه هنا".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس