كورتولوش تاييز – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
هناك من يجدون صعوبة في فهم سياسة أنقرة حيال شمال العراق. لأن المخطط مرسوم بطريقة مختلفة، وينص على تلزم أنقرة الصمت أمام الدولة المزمع تأسيسها في العراق، ثم تلك الأخرى في شمال سوريا، بل على دعم تركيا لتحول بارزاني وحزب العمال الكردستاني إلى دولة. وفي النهاية يأتي الدور عليها ليحصل حزب العمال وحزب الشعوب الديمقراطي على جزء من أراضيها.
هكذا كان من المفترض أن تسير الأمور بحسب السياسة التي اتبعتها القوى العالمية منذ تسعينات القرن الماضي. لكن أنقرة أفسدت المخطط.
في الحقيقة، كانت تركيا غافلة عن هذه السياسة الخبيثة منذ مدة، بل إنها أحيانًا كانت جزءًا من المخطط العالمي. اتبعت سياسة إنسانية وحاولت إقامة علاقات جيدة مع جيرانها. ولأنها نظرت إلى القضية من منظور "المسألة الكردية" لم تلحظ المكائد المدبرة.
ومع فشل مسيرة السلام الداخلي، وسعي حزبي العمال والشعوب الديمقراطي وتنظيم غولن لتقسيم تركيا، ووقوع المحاولة الانقلابية، صحت الدولة تمامًا، وإن كان متأخرًا. وأدركت أنقرة أن البلاد واقعة في خضم تطورات الوضع في العراق وسوريا وأن وجودها عرضة للخطر.
ولهذا لا يمكن لتركيا أن لا تبالي وأن تقف على الحياد إزاء التحركات الرامية إلى تغيير الخريطة في سوريا والعراق والشرق الأوسط بشكل عام. ولا يمكن لأنقرة أن تكون طرفًا في تقسيم سوريا والعراق.
هناك من يعتقدون أن القوة التي أسست حزب العمال الكردستاني، ودعمت بارزاني على مدى 50 عامًا، سوف تترك العراق وسوريا لتركيا. ويظنون أن التنظيمات التي أسسها الآخرون ستتحول إلى دول وتوضع تحت تصرف تركيا. المهم أن الدولة والشعب لم يعودا ينخدعان بمثل هذه الألاعيب.
وهذا هو السبب في موقف أنقرة من "استفتاء الانفصال"، الذي يعتزم بارزاني إجراءه. لا يمكن لتركيا أن تقف متفرجة إزاء محاولة من شأنها تقسيم العراق. ولا يمكنها أيضًا دعم مبادرة تثير حربًا عرقية وطائفية في الشرق الأوسط، وتشعل فتيل حرب أهلية على الأراضي التركية. وليس لها أن تسعد بحدوث تطور من شأنه أن يجزّء ترابها. وعليها أن تبذلك كل ما في وسعها للحيلولة دون ذلك.
أردوغان نقل كل التحذيرات اللازمة من الناحية السياسية إلى نظرائه. وانعقد اجتماع مجلس الأمن القومي التركي وعلى أجندته التدابير التي ستُتخذ ضد الاستفتاء في شمال العراق. وأمس اجتمع البرلمان لمناقشة مذكرة تفويض الحكومة إرسال قوات خارج الحدود إلى سوريا والعراق.
أي تخبط أو تردد تعيشه أنقرة في هذه المرحلة الحساسة قد يؤدي بالبلد إلى الانقسام والتفتت. الطريق أمامها مستقيم، وعليها أن تواصل السير فيه دون الالتفات إلى الأصوات القادمة من الخارج.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس