ترك برس

انتقد المفكر العراقي، محمد عياش الكبيسي تعامل الإعلام العربي مع تركيا، ووصفه بفقدان المصداقية، بتوجهه نحو تخويف الشعوب العربية مما يزعم أنها خلافة عثمانية جديدة، مشيرا إلى أن الفرصة ما تزال قائمة لتشكيل تحالف استراتيجي بين العرب والأتراك لتحقيق مصالحهما المشتركة بعيدة عن نهج التخويف، وذلك في مقالٍ له بصحيفة العرب القطرية.

وفي مقال ثانٍ نشرته صحيفة العرب القطرية حمل عنوان "تركيا العمق الاستراتيجي للعرب لو كانوا يعلمون"، قال الكبيسي إن الإعلام «العربي مصداقيته، حينما بدأ الآن يذكّر العرب بما يسميه "الاحتلال التركي"  الذي انتهى منذ مئة عام، ثم يغض الطرف عن الاحتلال الحالي الصهيوني للقدس، والاحتلال الصفوي لبغداد ودمشق وصنعاء، إضافة إلى الاحتلال الرسمي للجزر العربية الثلاث، بل ويسكت عن الدعوات الصريحة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وجعل "أمن المواطن الإسرائيلي" من أولى الأولويات.

وأضاف أن نبش التاريخ بهذه الطريقة لا يخدم العرب بكل المقاييس، إضافة إلى أنه محاولة لمحاكمة واقع بمقاييس واقع مختلف، فالعرب الذين فتحوا البلاد المجاورة، ووصلوا إلى القسطنطينية وبخارى وقرطبة، فتحوها تحت ظل العقيدة الإسلامية الجامعة، ولم يكن استعلاءً قوميًا أو تمييزًا عنصريًا، ومن هنا كان قبولهم بمحمد الفاتح وسليمان القانوني وعبد الحميد الثاني، يكافئ قبول الترك أيضا بأبي أيوب الأنصاري، ثم هارون الرشيد والمعتصم، وبهذه العقيدة الجامعة لمع أيضاً اسم طارق بن زياد، ونور الدين زنكي، وصلاح الدين الأيوبي، وغيرهم.

وتابع بالقول إن نبش التاريخ بهذه الطريقة يحمل أيضاً فكرة مغلوطة هدفها تخويف العرب من خلافة عثمانية جديدة، مع أن من يروّج لذلك عارف بأن تركيا اليوم ليست تركيا الأمس، وأن الفلسفة التي تقوم عليها الدولة التركية الحديثة مختلفة إلى حد كبير عن الفلسفة التي تكونت على أساسها الدولة العثمانية، ثم إن السياسة العالمية الحالية لا يمكن أن تتسع لمثل تلك الصيغ في بناء الدول.

ولفت المفكر العراقي إلى أن الإعلام العربي قد يلتقط صورة تجمع القادة الأتراك بنظرائهم الإيرانيين أو الروس أو غيرهم، ليستنتج من ذلك أن الأتراك متحالفون مع أعداء العرب، متغافلاً أن الدول التي يفترض أنه يعبّر عن سياساتها ربما تتمتع بعلاقات أكثر نعومة، وأوسع دائرة مع كل أولئك، والأهم من هذا أنه يتغافل عن أن تركيا تملك قرارها السيادي، وتبني علاقاتها السياسية وفق ذلك، بخلاف كثير من الدول العربية.

كما انتقد الكبيسي من يرددون أن تركيا تهمها مصالحها، وكأن المطلوب من أردوغان أن يقول لشعبه: سأضحي بمصالحكم من أجل إخواننا العرب، على حد قوله.

وختم الكبيسي مقاله بأن من يقرأ الساحة بشكل جيد يدرك أن تركيا بحاجة إلى العرب للوصول إلى الكثير من مصالحها، وحاجة العرب إلى تركيا أكبر، والفرصة ما زالت قائمة لبناء تحالف استراتيجي بين الطرفين لتحقيق المصالح المشتركة وإعادة التوازن المطلوب في المنطقة.