محمد المختار دي - خاص ترك برس

الانفصال الكلمة الأبرز اليوم في عالم السياسة. فلا تخلو شاشة اليوم من أخبار إقليم يدعو للانفصال عن دولة ولا صوت اليوم يعلو فوق صوت المطالبين بالانفصال.

من إقليم شمال العراق انطلقت حمى الانفصال، وقبل أن تنتهي الضجة الكبيرة التي أثارها والتي من المتوقع أن تزيد العراق والمنطقة سوءًا على ما هي عليه من الحروب والصراعات... جاء الدور على كتالونيا الإقليم الأشهر في إسبانيا وأوروبا.

استيقظ العالم صبيحة يوم أحد على استفتاء انفصالي آخر، وهذه المرة أوروبي كتالوني. حين احتشد الآلاف من الكاتلونيين أمام صناديق الاقتراع لتصويت على استفتاء الانفصال عن إسبانيا. وهو أمر رفضته حكومة مدريد كرفض حكومة بغداد لاستفتاء العراق. مع فارق استخدام القوة. فالشرطة الإسبانية فرقت بالقوة بعض الكاتلونيين وأصابت العشرات منهم مما زاد من إصرار الكاتلونيين على المضي قدما نحو الاستفتاء والانفصال.

فلم تثنهم مظاهرات مدريد الرافضة للانفصال ولا تهديدات الحكومة الإسبانية ولا إسبانيا التي ستخسر كثيرا لو انفصل عنها الإقليم القوي اقتصاديا ورياضيا.

ستخسر إسبانيا كل الموارد والإنتاجات والصناعات القادمة من إقليم كاتلوني طالما كان له الدور الأبرز في تنمية اقتصادها، وستخسر إسبانيا رياضيا أكثر من خسارتها الاقتصادية. فسيصبح الدوري الإسباني بدون برشلونة الأفضل في العالم، ولن يصبح لدوريها الأول في العالم طعم بدون ميسي ورفاقه وسيخسر المنتخب الإسباني نجوم برشلونة الذين كان لهم الأفضل في تتويجها بكأس العالم وبطولة أوروبا مرتين متتاليين.

أما عشاق الساحرة المستديرة فلن تكون خسارتهم أقل من خسارة مدريد وحكومتها إذ سيحرمون من كلاسيكو العالم ومن التنافس بين قطبين عريقين هما برشلونة وريال مدريد.

أما الخسائر السياسية فإسبانيا سيقتطع من أرضها إقليم كبير بقيمة كاتلونيا. فأي خسارة فادحة ستحل بالدولة الأوروبية العريقة؟ وأي كابوس تعيشه اليوم بسبب دعوات الانفصال التي غضت مضاجع دول كبرى أولها العراق وليس آخرها إسبانيا؟

إنها بداية حمى الانفصال وستفتح الطريق أمام كل طائفة أو اقليم راغب في الانفصال عن دولته  فسيكون إقليم شمال العراق أسوة حسنة وكاتلونيا وإقليمها هي القدوة للجميع.

فمن يتحمل مسؤولية  انتشار حمى الانفصال؟ من غير حكومات تلك الدول التي ظلمت الأقاليم وحرمت أهلها من أبسط حقوقهم ولم تنجح في إدماجهم في دولهم الأم  وفي مجتمعها؟ حتى أحسوا بالغربة عنها وعدم الانتماء إلى ذالك الوطن وصاروا يطالبون اليوم بأن تصبح لهم أوطان أخرى.

من غير المنظمات الدولية والسياسة الدولية التي تتلاعب بالأقليات والأقاليم وتعشق لي ذراع الدول واللعب بأوراق حقوق الأقليات وحقوق الإنسان وغيرها؟ فراحت ترغب كل إقليم في الانفصال عن دولته وتحت شعار فرق تسد نفذت مشروعها الانفصالي وزينت لسكان الأقاليم سوء أعمالهم.

إقليم كاتلونيا ليس أول المنفصلين ولن يكون آخرهم فانتظروا المزيد من الاستفتاءات الداعية للانفصال ما لم تجد الدول حلولا عاجلة لمشاكل سكان الأقاليم المظلومة والتي تحس باضطهاد الوطن لها وأن الوطن هو للجزء وليس للجميع.

حمى  الانفصال انطلقت فإما أن يعالجها الساسة أو يتركوها تتفشى أكثر فأكثر  لتتحول دول كبيرة كان لها شأن عظيم إلى دول صغيرة متصارعة ومتنازعة.

كردستان بالأمس وكاتلونيا اليوم فمن القادم غدا؟ أو على الأصح ما القادم غدا؟ وماذا يخبئ لنا الغد من مفاجآت سياسية؟

عن الكاتب

محمد المختار دي

يدرس الإعلام والاتصال بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار. حاصل على بكالوريوس آداب أصلية من نواكشوط


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس