ترك برس
على النقيض من الأصوات السياسية والإعلامية الإسرائيلية التي دعمت وحرضت الأكراد على إقامة الاستفتاء أيا كانت التداعيات، رأى محلل شؤون الشرق الأوسط، تسفي برئيل أن الأكراد ارتكبوا خطأ تاريخيا عندما قرروا إجراء الاستفتاء في إقامة دولة مستقلة، لأن فرص إقامة دولة مستقلة كانت منعدمة من البداية، مشيرا إلى أن لتركيا مصلحة اقتصادية في عودة العلاقات التجارية مع الإقليم.
وكتب برئيل في صحيفة "ذا ماركر" أن المنطقة الكردية في العراق محاصرة من جميع الجهات، وإذا كان هناك قاسم مشترك واحد يربط إيران وتركيا والعراق، فهو معارضتها الوطنية والتاريخية لإقامة دولة كردية مستقلة، وتعد كل منها الدولة الكردية تهديدا وجوديا لإطارها الوطني، وتخشى أن يؤدي استقلال كيان كردي إلى تطور مماثل في أراضيها وإلى تمزيق نسيجها الإقليمي.
وأضاف أن سياسة "الرفض التام لإعادة الأراضي المحتلة" ليست اختراعا إسرائيليا، فقد اتحدت هذه الدول الثلاث لفرض عقوبات اقتصادية قاسية على الإقليم الكردي في العراق بعد أن لم يستجب رئيس الإقليم، مسعود بارزاني، لمناشداتها بعدم إجراء استفتاء.
ولفت إلى أن الاستفتاء ليس إعلانا للاستقلال، وحتى نتائجه لا تمنح الأكراد الشرعية الدولية الضرورية لإنشاء دولة مستقلة، لأن هذا يتطلب اعتراف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وموافقة أعضاء مجلس الأمن، ولكن الخطوة الرمزية التي اتخذها الأكراد ألزمت البلدان المجاورة بقتل الطموح في المهد وأدى إغلاق المجال الجوي لإقليم شمال العراق، وإغلاق المعابر الحدودية البرية بين الدول الثلاث والإقليم واحتلال كركوك والتجاهل الدولي إلى تحويل واقع الإقليم إلى مستحيل.
وعلى عكس قطر التي تمتلئ خزانتها بالدولارات والنفط والغاز، فإن العقوبات الاقتصادية على الإقليم الكردي الذي عانى من أزمة عميقة، جمدت اقتصاده على الفور. وحتى احتلال الجيش العراقي كركوك، كان الأكراد يصدرون ما بين 500-600 ألف برميل من النفط يوميا، نصفها تقريبا من حقول كركوك، باتجاه ميناء التصدير في تركيا. ومنذ العقوبات، انخفض عدد البراميل بأكثر من النصف. وكان خط الأنابيب يدين بأكثر من 3.5 مليار دولار لشركات النفط الأجنبية التي دفعت سلفا لشراء النفط - وكان الضمان الوحيد هو النفط. والآن ليس هناك تأكيد بأن خط الأنابيب سوف يكون قادرا على الوفاء بالتزاماته ودفع ديونه، وهو القلق الذي دفع شركات النفط لوقف الاستثمارات في المستقبل.
وبعد استعراض برئيل للتداعيات الاقتصادية الكبيرة على الإقليم نتيجة الحصار وتردي الوضع الاقتصادي ذهب إلى أن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة يكمن في قدرة الأكراد على التفاوض مع العراق على استمرار تصدير النفط وسداد الديون المستحقة للحكومة العراقية. والرافعة الرئيسية للنجاح هي اعتماد الحكومة العراقية على خط أنابيب النفط الذي يمتد من كركوك إلى تركيا ويمر عبر المنطقة الكردية، وهو خط الأنابيب الوحيد الذي يربط بين العراق وتركيا، وسيسبب تعليقه خسائر فادحة للحكومة العراقية.
وأضاف أن لتركيا مصلحة في التوصل إلى اتفاق مع الأكراد؛ لأن التجارة بين تركيا والعراق تمر أيضا عبر الإقليم الكردي، وقد يؤدي تعليقها إلى خسائر تتراوح بين 8 و9 مليارات دولار وفقدان فرص العمل في الجانب التركي الذي يتمتع بتوفير الخدمات للتجار والشاحنات والسياح الذين يصلون إلى المنطقة الكردية.
ولكن المحلل الإسرائيلي يستدرك في ختام مقاله بأن الاعتبارات الاقتصادية لا تملي دائما النتائج السياسية، وأن السؤال الآن إلى أي مدى يستطيع بارزاني الصمود أمام الضغوط الخارجية والداخلية التي تتزايد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!