ترك برس
منذ أن أُعطي "وعد بلفور" والأزمات في منطقة الشرق الأوسط تكاد لا تنقطع، خاصة بعد أن احتل الإسرائيليون الأراضي الفلسطينية سنة 1948، بل إنها أطماعهم طالت الدول المجاورة كلبنان، وسوريا، ومصر.
تعتبر الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية البريطانية آرثر جيمس بلفور، عام 1917 إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية في تلك الفترة والتي عرفت فيما بعد باسم وعد بلفور، أول خطوة يتخذها الغرب لإقامة كيان لليهود على تراب فلسطين. وقد قطعت فيها الحكومة البريطانية تعهدا بإقامة دولة لليهود في فلسطين.
ويُشير تقرير بوكالة الأناضول التركية إلى انطواء مئوية الوعد الذي منحه وزير الخارجية البريطاني بلفور، لليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، لكن مقاومة الفلسطينيين له لم تنطوِ حتى اليوم، وسبقهم في ذلك السلطان العثماني عبد الحميد الثاني.
وبحسب التاريخ فإن السلطان عبد الحميد اعترض هذا الوعد، ووقف ضده قبل تحرك اليهود إلى أرض فلسطين، وهو ما أجمع عليه كافة المؤرخين والسياسيين الفلسطينيين، وفق ما يؤكده المسؤول الإعلامي بحركة "حماس" في بيروت، رأفت مرّة.
ويقول مرّة في حديث للوكالة التركية، إن "العرب أجمعوا على أنّ الوحيد الذي وقف ضد المشروع الصهيوني الاستيطاني هو السلطان العثماني عبد الحميد الثاني".
وعلى الرغم من المغريات المادية الكبيرة والحوافز التي عرضت عليه، فإن عبد الحميد رفض بيع فلسطين أو السماح بهجرة اليهود إليها، مقابل سداد ديون الدولة العثمانية بشكل كامل، وفق مرّة.
ويضيف مرة: "لم يكتفِ السلطان العثماني برفض هذا الطرح (سداد الديون) بل إنه طرد مؤسس الحركة الصهيونية، تيودور هرتزل".
وفي سنة 1897 عُقد أول مؤتمر للحركة الصهيونية (نشأت بالأساس في أوروبا الشرقية) بزعامة هرتزل، في مدينة بازل السويسرية، وبدأ المخطط حول كيفية احتلال فلسطين، كما بدأت جهود الحركة الصهيونية لجلب الدعم لإقامة مشروعها.
وقد لاقى ذلك دعما ماديا ومعنويا من معظم الدول والزعماء باستثناء السلطان العثماني، لذا بدأ التخطيط لخلعه وهدم الإمبراطورية العثمانية، بحسب مرّة.
ويتابع: "لايزال الفلسطينيون يقاومون لإبطال هذا الوعد البريطاني (بلفور) دون استسلام، وأن هنالك بصيص أمل بعودة الأرض لأصحابها".
لم تكن نيّة الحركة الصهيونية احتلال فلسطين فقط؛ بل كانوا يسعون لإقامة دولتهم في دول أفريقية كأوغندا وأثيوبيا، لرفضهم الاندماج في المجتمعات الأوروبية، هربا من معاداة السامية كما يرددون عبر التاريخ.
هذا ما أكده مرّة حين قال إنه "على الرغم من بحثهم (اليهود) عن دولة في أفريقيا أو قارة أخرى، فإن أنظارهم كانت متجهة صوب فلسطين لما تحمله من تاريخ وحضارة وموقع جغرافي مهم".
ويضيف مرّة: "كما أن مصالحهم التقت مع مصالح بريطانيا فجرى اختيار فلسطين".
ويرى أن "السيطرة الصهيونية" على فلسطين أخذت جوانب عدّة ومراحل كثيرة، أهمها قيام حكومة بريطانيا التي كانت تحتل فلسطين بتسهيل السُبل للسيطرة على أهم المرافق الاقتصادية والجغرافية في البلاد.
وتزامن الدعم البريطاني مع السماح لليهود بتصنيع الأسلحة واستيرادها من دول أوروبية وغيرها، فأصبح لديهم قوة عسكرية.
ومن القليلين الذي خرجوا من فلسطين قسرا عقب احتلال إسرائيل سنة 1948، الحاج الفلسطيني أسعد غوشة ( 85 سنة) المقيم في مخيم للاجئين جنوبي بيروت، ولا يزال على قيد الحياة.
في حديثه مع "الأناضول"، يدين غوشة كما آلاف الفلسطينيين بالفضل للسلطان عبد الحميد، "الذي حاول وقاوم وبذل قصارى جهوده لمنع هذا الاحتلال (الإسرائيلي)، لكنه كان وحيداً وسط أطماع العرب بالمناصب والمال"، حسب تعبيره.
ولحماية فلسطين من الهجرات اليهودية أصدر السلطان عبد الحميد الثاني عام 1876 مذكرة قانونية بعنوان "مذكرة الأراضي العثمانية" أو كما هي في اللغة العثمانية "عثمانلي أراضي قانوني"، وفق وكالة الأناضول.
وحسب المذكرة، فإن السلطان العثماني عبد الحميد الثاني منع بيع الأراضي العثمانية، خاصة الفلسطينية لليهود منعا باتا وجهز وحدة شرطة خاصة للقيام بهذا الأمر ومتابعته، كما خصص أوقاتًا محددة وقصيرة لليهود الراغبين في زيارة فلسطين.
واعتبر هرتزل آنذاك أن السلطان العثماني يشكل عائقا كبيرا أمام الأهداف الصهيونية في فلسطين، فقرر التحرك دبلوماسيًا والعمل على إقناع عبد الحميد الثاني بكل الوسائل للحصول على وطن في فلسطين، وهو ما قوبل بالرفض.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!