ترك برس
أجمع محللان سياسيان على أن إصرار رئيس إقليم شمال العراق مسعود البارزاني على إجراء الاستفتاء الشعبي على الانفصال، وتجاهله لتحذيرات القيادة التركية، أدى إلى تدهور العلاقات الثنائية وساهم في تحقيق تقارب بين أنقرة وبغداد.
الباحث في الشأن التركي سعيد الحاج، أشار إلى أن البارزاني أتى بالاستفتاء دون مشاورة لأصدقائه في المنطقة، أو حلفائه من الأتراك خصوصا، ما أثار غضب الحكومة بأنقرة من جهة، ومخاوف تخطي خطوط حمراء متعلقة بالأمن القومي التركي من جهة أخرى.
ومن المعروف أن تركيا ترفض نشوء أي كيان سياسي أو دويلة أو دولة على أساس عرقي، خوفا من أن تنفجر حالة من الفوضى والصراعات البينية والداخلية في المنطقة، إن كان ذلك في العراق أو في الجوار.
ونقلت صحيفة "عربي21"، عن الحاج قوله إن إنشاء دويلة أو دولة على الحدود العراقية مع جيرانها جمع بين أنقرة وبغداد وطهران بعد سنوات على التنافس في الإقليم، إن كان ذلك على مستوى العلاقات التركية الإيرانية، أو حتى تضارب المصالح والمواقف والسياسات بين أنقرة وبغداد.
ولكن الحاج قال إن هذا لا يعني أن التحالفات تغيرت تماما، ولا يعني أن العلاقات بين المثلث التركي الإيراني العراقي ممثلا بحكومة العبادي هي علاقة استراتيجية، أو تحالف استراتيجي.
وأوضح أن "تلاقي الفرقاء كان بسبب المهددات والمخاطر المشتركة أكثر من كونه تحالفا استراتيجيا، وذلك لوجود مخاوف لمست هواجس استراتيجية بالنسبة لتركيا وإيران بالنسبة للمشروع الكردي، واحتمال التفتيت والتشظي والتقسيم بالنسبة للحكومة المركزية في بغداد، وهذا ما جمعهم".
ورأى الحاج أن "تركيا لم تذهب إلى نهاية الطريق تماما بعلاقاتها مع أربيل، من خلال إجراءات عقابية تجاهها، وذلك لأنها تريد أن تحتفظ بالعلاقة قدر الإمكان".
وشدد الحاج على أن "تركيا حريصة أكثر على ألا تنقطع تماما العلاقات مع البارزاني والإقليم، وعلى عدم تدمير البارزاني".
واعتبر أن تركيا كانت تريد الضغط على البارزاني من خلال التنسيق مع طهران وبغداد، ليعود عن مسار الاستفتاء، وتركت الباب مفتوحا للعلاقات مع أربيل، وتحدثت عن أن الوقت ليس متأخرا أبدا، وأنه يمكن فعلا التراجع عن مسار الاستفتاء وإلغاؤه والعودة إلى مسار التفاوض مع بغداد".
ورأى أن استقالة البارزاني تعد فرصة مهمة للعودة إلى نقطة البدء في العلاقات الثنائية بين أنقرة وأربيل، للعودة إلى ما قبل الاستفتاء، بغض النظر عن أن البارزاني يعد المسؤول عن الكارثة من وجهة نظر تركيا.
وأكد أن استقالة البارزاني وتنحيه عن قيادة الإقليم، شكل فرصة مع أنقرة، فغيابه الآن وظهور سلطات أخرى أو قيادات أخرى أو هيئات أخرى، يعطي مجالا لتصحيح مسار التفاوض بين أربيل وبغداد على العلاقة بين الحكومة المركزية والإقليم، والحقوق السياسية والاقتصادية وما إلى ذلك، وثانيا لإعادة مسار العلاقات بين تركيا وأربيل.
ولكنه ذهب إلى أن هذا الأمر لا يتوقع له أن يكون سريعا جدا، أو بوقت قريب جدا، لكنه عبر عن اعتقاده بأن الإمكانية موجودة والرغبة التركية موجودة، بعودة العلاقات، مشيرا إلى أن تركيا تعد حليفا سياسيا جيدا بالنسبة للإقليم.
أما الكاتب والمحلل السياسي التركي، إسماعيل ياشا، فأكّد" أيضا ما ذهب إليه الحاج من أن علاقات أنقرة مع أربيل والبارزاني كانت جيدة للغاية، ولكن إصرار الأخير على إجراء الاستفتاء الشعبي على الانفصال وتجاهله لتحذيرات القيادة التركية، أدى إلى تدهور العلاقات كما أنه أدى إلى التقارب بين أنقرة وبغداد.
وحول إن كان التحسن المتوقع للعلاقة مع أربيل بعد فشل الانفصال، سيؤثر على العلاقة بين تركيا وبغداد، أوضح ياشا أن "علاقات تركيا وكردستان العراق مهما تحسنت، فإن أنقرة لن تتراجع عن تعزيز علاقتها مع بغداد، لأنها ترى تلك العلاقات ضمانا لإفشال مشروع تقسيم العراق".
وتوقع الكاتب التركي أن تستجيب تركيا لدعوة العبادي للمساعدة في الإعمار، وقال: "من المتوقع أن تساهم الشركات التركية في إعادة إعمار المناطق المدمرة في العراق، لأن تركيا لديها الخبرة الواسعة في مجال البناء".
وتوقع أيضا أن في تركيا ستشرع بعد حلفها مع بغداد، بضرب منظمة حزب العمال الكردستاني، في جبال قنديل، بالتنسيق الثلاثي التركي الإيراني العراقي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!