ترك برس
بجبالها الضبابية، وغاباتها الكثيفة، وثقافتها الغنية، ليس من الغريب أن آرتفين (Artvin) قد اختيرت واحدةً من أفضل الوجهات السياحية حول العالم. توفر ارتفين مجموعةً واسعةً من الأنشطة باعتبارها جوهرة البحر الأسود التي يجب على الجميع أن يزوروها مرةً واحدةً على الأقل في حياتهم.
أثناء القيادة في الطرق المؤدية إلى آرتفين، يشعر الشخصُ أنه متجهٌ إلى مدينة الأساطير والحكايات فوق الغيوم. هذه الأرض التي تشبه الأحلام تفتنُ زوّارها بجبالها التي يصل ارتفاعها إلى 4 آلاف متر، وبصخورها التي يمر من بينها واحدٌ من أطول الأنهار الجارية في تركيا. وتغطي آرتفين غاباتٌ من أشجار الصنوبر الطويلة.
ربما هي مدينةٌ صغيرةٌ من مدن البحر الأسود، لكنها بطبيعتها الأخّاذة يجب على الجميع أن يستغلّوا الفرص لرؤيتها والتمتّع بزيارتها.
تقعُ آرتفين على حدود جورجيا، وقد أُدرجت مؤخرًا ضمن قائمة "أفضل الوجهات السياحية في العالم"، والتي قامت بإعدادها شركة يورومونيتور الدولية. تحيط بآرتفين وديانٌ شديدة الانحدار يتخللها نهر تشوروه، وجبال كاتشكار، وكارتشال، ويالنيزتشام، وغاباتٌ وحدائق وطنية مثل كاراغول سهارى، والتي تضمُّ بحيرة شافشات وبورتشكا. آرتفين هي الوجهة السياحية المُثلى لأولئك الذين يحبون أن ينسوا صخب الحياة في أحضان الطبيعة الخلّاقة.
تشهدُ آرتفين مناخًا مشابهًا لمناخ مدن البحر الأسود، فهي رطبةٌ ومعتدلةٌ في الساحل، وتزورها الأمطار بشكلٍ مستمر. أما المناطق المرتفعة فيها فهي مغطاةٌ بالثلوج، وتعيش قممها أجواء باردةً جدًا في الشتاء.
أما عن الثقافات التي تسكنُ آرتفين، فتعد الثقافات القوقازية وثقافة البحر الأسود الثقافتان المهيمنتان فيها، وتعد آرتفين موطنًا لشعب اللاز والكابتشاك والجورجيين المسلمين الذين هاجروا إليها بعد حرب الاستقلال التركية.
الجذب السياحي
يجذبُ (آرتفين باري) أو المعروف بـ (أتاباري) آلاف السياح سنويًا إلى آرتفين، في مهرجاني: قتال الثور التقليدي وكافكاسور؛ وهو مهرجان القوقاز الثقافي. وتعد الأتاباري الرقصة التقليدية للمدينة، وقد صُمّمت خصيصًا من أجل مؤسس الدولة التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.
ومع ذلك، فإن عامل الجذب الرئيسي للمدينة هو بلا شك طبيعتها الساحرة. وبما أن الطبيعة هي جزءٌ كبيرٌ من المدينة سواءً جغرافيًّا أو ثقافيًّا، فإن طرق السياحة البديلة كالتخييم والتزلج والسفاري والتجديف تنال شعبيةً كبيرةً فيها.
هناك العديد من الخيارات للزوار من أجل استكشاف المنطقة، وواحدةٌ من أبرز تلك الطرق بلا شك هو تسلق جبل كاتشكار، أحد أكبر جبال تركيا ارتفاعًا. وتقوم مجموعاتُ تسلق الجبال بسلوك طريق كاتشكار من خلال المرور بقرية يوسوفيلي يايلالار وصولًا إلى مرتفعات ريزة - تشامليهامشين آيدر.
وإذا كان الطريق صعبًا بعض الشيء، بإمكانك سلوك طرقٍ متعددة من خلال جبال التيبارماك.
وتتيح المدينة موسمًا مفتوحًا للصيد، ويُنصح الصيادون بتوظيف دليلٍ محلي من أجل تجنب الضياع في غابات ارتفين الكثيفة.
معالم المدينة
يوجد في آرتفين ثلاثةُ قلاع:
1- قلعة شافشات في حي سوغوتلو. بُنيت من قبل مملكة باغراتونيس الأرمينية في القرن التاسع، واستخدمها العثمانيون لاحقًا. ولم يبقَ منها اليوم سوى أبراجها التي لا تزال مرئية.
2- قلعة آرتفين بالقرب من نهر تشوروه. وكما شافشات، قامت ببنائها مملكة باغراتونيس في القرن العاشر.
3- قلعة أردانوتش، تعد من بين أهم الآثار في المنطقة، ويعود تاريخها إلى الحضارات القديمة التي سكنت المدينة. امتلكت القلعةُ جاذبيةً فريدةً لعدة قرون نظرًا لتصميمها الداخلي الفريد. وحتى السلطان سليمان، أولى اهتمامًا خاصًّا بها.
وبالإضافة للقلاع، يوجد في آرتفين عددٌ من الحدائق الوطنية، أكثرها شهرةً حديقةُ كاراغول- سهارى. دخلت الحديقة تحت حماية الدولة سنة 1994، وتغطي مساحة 3 آلاف و251 هكتار. وتُقسم الحديقةُ إلى جانبين: جانب كاراغول الذي يحتوي على أشجار كثيفة حيث يتنزه السكانُ المحليون، وجانب سهارى حيث يمارس السكان المحليون تقاليد حياة المرتفعات في البحر الأسود.
أما حديقةُ وادي هاتيلا الوطنية، فتتكون من وادٍ نهري شديد الانحدار يقع في الطرف الشرقي من جبال كاتشكار. ربما الأرض التي تقوم عليها الحديقة قريبةٌ من البحر الأسود، إلا أنها تمتلك مناخ البحر الأبيض المتوسط؛ حيث دفء الصيف، وبرودة الشتاء، والأمطار الوفيرة على مدار العام.
غاباتُ الحديقة والمناطق المحيطة بها غنيةٌ بالحياة البرية، وتشمل الثدييات الكبيرة الموجودة هناك الذئب الرمادي، والثعلب الأحمر، والفهد، والماعز البري، والوشق، والدب البني، والظبي، والخنزير البري، والأيل، والأرنب الأوروبي.
آرتفين وجهةٌ سياحيةٌ رئيسية
اختيرت آرتفين عالميًا كوجهةٍ رئيسيةٍ في تركيا جنبًا إلى جنب مع إسطنبول، وأنطاليا، وإدرنه. الأمر الذي أثار سعادةً ردود فعلٍ إيجابية من قبل السكان المحليين والحكومة على حدٍّ سواء.
يقولُ والي آرتفين، عمر دوغوناي: "مدينتُنا لديها ثرواتٌ طبيعية وثقافية فريدة، فبحيراتها الطبيعية، وغاباتها، ومصادر المياه، والأنهار، والثروات الثقافية، تجعلها أشبه بقطعةٍ من السماء. وأعتقد أن آرتفين ستكون عنصرًا رئيسيًا في صناعة السياحة التركية في السنوات المقبلة".
وأوضح رئيس بلدية آرتفين، محمد كوجاتيبة، أن شهرة آرتفين ترتفع بين السياح كل عام، حيث يقول: "رحبت المدينةُ بـ2.4 مليون زائر في العام الماضي، وقد أصبحت بالفعل واحدةً من بين أفضل 100 وجهة سياحية في العالم. ونحن نتوقع أن تستقبل آرتفين 2.8 مليون سائح بحلول العام 2020".
ويضيف: "آرتفين هي واحدة من أكبر ست مدن صالحة للعيش في تركيا، وهدفنا هو تعزيز السياحة في مدينتنا دون أن نلحق الأذى بطبيعتها الغنّاء وثقافتها العريقة".
دراسات يورومونيتور الدولية
أطلقت شركةُ يورومونيتور الدولية، والتي تتخذ من لندن مقرًّا لها، قائمة بأهم الوجهات السياحية في العالم. وقد ضمت القائمة أربعة مدنٍ تركية: إسطنبول، وأنطاليا، وإدرنه، وآرتفين.
ووفقًا للقائمة، فإن هونغ كونغ هي المدينة الأكثر جذبًا في العالم مع أكثر من 26.5 مليون زائر، وجاءت بانكوك في المرتبة الثانية مع أكثر من 21.2 مليون زائر، تليها لندن بأكثر من 19.2 مليون زائر.
وجاءت إسطنبول في المرتبة الخامسة عشر، مع أكثر من 9.2 مليون زائر. أما أنطاليا ففي المرتبة التاسعة والعشرين بأكثر من 6.1 مليون زائر. وإدرنه في المرتبة الثامنة والستين مع ما يقرب 2.8 مليون زائر، وآرتفين في المرتبة الخامسة والثمانين مع ما يقرب 2.4 مليون زائر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!