سنان أوغان - موقع فالداي - ترجمة وتحرير ترك برس
انخفضت ثقة الشعب التركي في حلف الناتو في الآونة الأخيرة، بسبب تصرفات من قبيل تصوير قادة تركيا "كأعداء" فى تدريبات عسكرية مشتركة. إن استهداف مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك، ورئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، أمر لا يمكن قبوله وينبغي التحقيق في الحادث بالتفصيل، وتوضيح أسباب هذا الموقف العدائي تجاه تركيا.
على أن هذا الحادث هو جزء من صورة أكبر، إذ أن لتركيا مشاكل خطيرة مع الغرب وصلت إلى مستوى أزمة مؤسسية واسعة النطاق. ويمكن النظر إلى مشكلة تركيا مع حلف الناتو بوصفها انعكاسا للأزمات مع ألمانيا وهولندا والولايات المتحدة. وقد نوقشت النقاط المثيرة للمشاكل في العلاقات بين تركيا والناتو منذ اليوم الأول لانضمام تركيا إلى الحلف.
ولعل أبرز القضايا محل الخلاف هي قلة دعم الناتو لتركيا في حربها على الإرهاب، وعدم تلقيها مساعدات كافية من الناتو، لمواجهة التهديدات الأمنية على الحدود التركية. وقد عزز سحب صواريخ باتريوت التي تم نشرها فى تركيا، من إدراك أنها تستخدم ورقة رابحة للضغط على تركيا. وعلاوة على ذلك، فإن شراء تركيا صواريخ S-400 من روسيا هو عامل يزيد من قلق الناتو. ولكن في الوقت الذي أكدت فيه تركيا تصميمها على شراء S-400، فقد وقعت أيضا اتفاقا مع مجموعة يوروسام الإيطالية الفرنسية لإنتاج صواريخ أرض – جو طويلة المدى من طراز سامب تي، ومن ثم فإن علاقات تركيا بالغرب لم تنهر تماما.
ومن وجهة نظر الحكومة التركية، فإن المخاوف بشأن تورط الناتو في محاولة الانقلاب الساقط لم تتم إزالتها بعد، كما أن عدم تسليم زعيم تنظيم فيتو، فتح الله غولن، إلى تركيا يوتر العلاقات التركية الأمريكية. وفي الوقت نفسه أعطت روسيا التي فرضت حظرا على مدارس فيتو وأغلقتها منذ سنوات، مزيدا من الثقة لتركيا في عملية مكافحة فيتو.
عندما يتم تحليل الفترة التالية لـ 15 تموز/ يوليو 2016 مع العوامل المذكورة أعلاه، يلاحظ أن تركيا، التي تواجه مشاكل مع الناتو والاتحاد الأوروبي، تميل ببطئ نحو روسيا، وهذا أحد أسباب الزيارات المتكررة بين قادة الجانبين. وعلى النقيض من الفترات السابقة، أصبح موقف تركيا في الشؤون الإقليمية أكثر انسجاما مع روسيا وإيران، وخاصة فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية. ويجري اختبار هذه السياسة من خلال عملية أستانا.
وفي حين فضلت الولايات المتحدة المضي قدما مع وحدات حماية الشعب، فإن الاتفاق بين تركيا وروسيا وإيران يمكن أن يغير موازين القوى في المنطقة، إذا ما تم حل المشاكل المتعلقة بميليشيات حماية الشعب. وعلى ذلك يجب على روسيا توضيح موقفها من وحدات حماية الشعب والاعتراف بأنها منظمة إرهابية. إن تحركات تركيا تجاه روسيا هي رسالة عن تقييم البدائل في السياسة الخارجية التركية.
تدور المواجهات الدورية والخلافات والتباين في الآراء بين تركيا والناتو حول القضايا الإقليمية في جو من التوتر يدعمه عدم التحديد الدقيق لوضع تركيا في سياق المفهوم الجديد لحلف الناتو وسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. انتهى دور تركيا في الحرب الباردة بوصفها "محطة أولى لمحاربة الشيوعية" كما انتهى الدور التركي مع الربيع العربي. ولم تحصل تركيا التي تعد ثاني أكبر جيش فى الحلف على الاهتمام اللازم المتوقع فى فترة تحول الناتو.
والواقع أن حلف الناتو يعني "الولايات المتحدة" من نواح كثيرة. ولذلك، يبدو من الصعوبة بمكان أن تقيم تركيا علاقات مثمرة مع الناتو قبل حل المشاكل المتعلقة بقضية ضراب في الولايات المتحدة وتسليح منظمة وحدات حماية الشعب الإرهابية في سوريا.
لا يطرح الناتو آلية للحوار لحل المشاكل. وعلى الرغم من ذلك كله فإن الانسحاب من الناتو هو عملية صعبة تماثل صعوبة الانضمام إلى مثل هذه المنظمات الدولية. وإذا أخذنا في الحسبان تشغيل أنظمة الدفاع التركية داخل الناتو، والقواعد الموجودة في تركيا تحت مظلة الناتو، فإن الانسحاب من الحلف أمر مستبعد للغاية، لا سيما عند التعامل المشاكل الحيوية في المنطقة. وبدلا من ذلك، تحاول تركيا حماية موقفها بالبقاء في الحلف، حيث تملك حق النقض.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس