ترك برس
أعلنت الحكومة التركية أن قنصلية تركيا العامة في مدينة القدس تقوم حالياً بمهمة سفارة فعلية لدى دولة فلسطين، ردًا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أحادي الجانب، حول الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم: "سفيرنا المقيم في القدس هو سفير تركيا لدى فلسطين، وفيما عدَانا، لا يوجد أي بعثة لدى فلسطين على مستوى سفارة في القدس". مشدّدا على أن "قبول أو رفض إسرائيل لا يغير هذه الحقيقة".
وتناولت صحيفة "عربي21"، أبعاد ودلالات الخطوة التركية، مشيرة إلى أنها تأتي بعد أيام من استضافة قمة منظمة التعاون الإسلامي التي اعترفت في بيانها الختامي بأن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية وأعلنت رفضها للقرار الأمريكي.
واعتبرت الصحيفة الإلكترونية، في تقرير، أن التصريحات التركية تتماهى مع ما قاله الرئيس الفلسطيني محمود عباس، من أنه يعتزم الحصول على اعتراف كامل بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، ردا على القرار الأمريكي.
ودفعت الخطوة التركية الكاتب الصحفي جمال الهواري، للتساؤل عبر صفحته على "فيسبوك": "هل تستطيع مصر أو الأردن أو غيرهما إرسال سفير مقيم في القدس كسفير لدى فلسطين كما فعلت تركيا؟".
فيما اعتبرتها الناشطة إيمان غيث، "خطوة جيدة"، مطالبة بتحرك جماعي حتى تصبح ذات قيمة، وتحرك دولي سريع بمواجهة قرار ترامب.
بدوره، أكد المحاضر بمعهد الشرق الأوسط بجامعة سكاريا التركية الدكتور محمد الزواوي، أنه "حتى الآن يظل رد الفعل التركي هو الأقوى بين كل دول العالم الإسلامي بشأن قرار ترامب، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، وأكدته تركيا بالدعوة إلى قمة طارئة لمنظمة التعاون الإسلامي، بالرغم من أن الحضور الرسمي فيها كان دون المتوقع".
وأضاف الزواوي أن "تصريحات رئيس الوزراء التركي جاءت لتضيف مزيدا من الزخم على مركزية قضية القدس"، مؤكدا أن القضية الفلسطينية بشكل عام لها رؤية سياسية خاصة في السياسة الخارجية التركية الراهنة، بحسب "عربي21".
وتابع قائلا: "تلك التصريحات التركية يتوقع أن تتبعها خطوات أخرى، ولكن تظل شبكة التحالفات الراهنة داخل العالم الإسلامي غير مناسبة لإجراء تحرك قوي، بالنظر إلى ارتباط بعض الأنظمة الحالية بالكيان الصهيوني وتقاطع مصالحها معه وكذلك مع واشنطن".
ورغم أن الزواوي يرى أن التصريح التركي حتى الآن لا يعبر عن خطوات فعلية، ويجب أن ننتظر ما سيجري بعده، إلا أنه أكد أن "تحركا أقوى من تركيا يجب أن يسانده زخم إسلامي وترميم سريع لشبكة التحالفات الجارية في المنطقة".
من جهته، أكد الصحفي بالتليفزيون التركي سمير العركي، أن الخطوة التركية التي أعلن عنها رئيس وزرائها بن علي يلدريم، باعتبار قنصليتها في القدس بمثابة سفارة لدى دولة فلسطين، تتوافق مع الموقف التركي الواضح منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وأضاف أن "الخطوة التركية تتماشى مع مخرجات قمة مجلس التعاون الإسلامي الطارئة التي دعت إليها تركيا، وعقدت في إسطنبول"، مطالبا بأن "يتم تدعيم تلك الخطوة بقرارات مماثلة من الدول العربية والإسلامية؛ حتى لا تبقى أنقرة وحيدة في مواجهة الغطرسة الأمريكية، والصلف الإسرائيلي".
من جانبه يرى الباحث في الشؤون الأمريكية بمجلة السياسة الدولية عمرو عبد العاطي، أن الخطوة التركية، تأتي في ظل التوتر الحاصل مؤخرا في العلاقات بين واشنطن وأنقرة، وأن لدى الدولة التركية أهدافا عدة من القرار.
وأشار إلى أن التوتر التركي الأمريكي؛ يأتي على خلفية عدة ملفات عالقة بين البلدين، منها الدعم الأمريكي للكرد في سوريا، إلى جانب إيواء واشنطن زعيم الكيان الموازي وحركة (خدمة) فتح الله غولن، المقيم في أمريكا والذي تتهمه أنقرة وجماعته بمحاولة الانقلاب منتصف 2016.
وأكد عبد العاطي أن "الملف الثاني الذي يشكل توترا أمريكا تركيا هو الملف الإيراني، وخاصة بعدما نشر عن دور تركي في تخطي العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على طهران قبل الاتفاق النووي مع الغرب في 2015، عن طريق رجل أعمال تركي".
وأوضح عبد العاطي، أن "تركيا اتخذت هذا القرار، لما لديها من رغبة للانخراط في أزمات الشرق الأوسط، والمشاركة الفعالة في الأحداث تماما كما كانت روسيا لها دور فاعل وقوي في أحداث سوريا العامين الأخيرين".
وأضاف أن "الدولة التركية تحاول أيضا إعادة نفوذها من خلال ملف قوي وهام ويشغل بال ملايين المسلمين والعرب وتعزيز شعبيتها عربيا وإسلاميا بقضية القدس وفلسطين".
وعن إمكانية أن تحذو إحدى الدول العربية حذو تركيا، استبعد عبد العاطي، أن تقوم إحدى الدول العربية الفاعلة والتي تربطها علاقات متينة وجيدة مع الولايات المتحدة بإعلان وجود سفارة فلسطينية لها في القدس، موضحا أن جميعها لا تمتلك القدرة على مواجهة واشنطن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!