فديمة أوزكان – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس
رفض المجتمع التركي نموذج العلاقات التركية-الأمريكية ولم يتبنّاه منذ البداية، وأراد التخلص من النظام الهرمي وتأسيس علاقات متوازنة وشريفة بين الدولتين.
تركيا تخوض حرب الاستقلال للمرة الثانية، وبدأت هذه الحرب بتحرير إرادتها أولاً، وأصبحت تستطيع اتخاذ قراراتها بنفسها والتأثير على الجهات الأخرى ووضع الخطط وإفشال المخططات والحصول على نتائج ملموسة، ويعود الفضل في ذلك إلى الجهود والطاقة المبذولة خلال العهود السابقة، وتسير في هذا السبيل بكل ثقة وإيمان وواقعية وذكاء وتصميم في الإرادة.
فيما ظهرت مؤخراً خلاصة ما تفعله أمريكا في تركيا والمناطق الجغرافية المجاورة لها أيضاً، وفي هذا السياق توضّح البحوث الاجتماعية التي أُجريت مؤخرا في تركيا أن المعارضة تجاه أمريكا قد وصلت للذروة.
ووفقاً للدراسات التي أجرتها مؤسسة "أوبتيمار" من خلال التحدث مع 1508 مواطن تركي في 26 ولاية تركية نلاحظ أن 71.9% من هذه النسبة تصف نفسها بالمعارضة لأمريكا، فيما وصف 22.7% أنفسهم بالمعارضة لأمريكا جزئياً، أي أن نسبة المعارضين لأمريكا في المجمل تصل إلى 94.6%.
تشير هذه الدراسات إلى هبوط واضح في مستوى العلاقات التركية-الأمريكية خلال الفترة الراهنة، لكن يجب لفت الانتباه إلى نقطة مهمة وهي أن هذا الوضع لا يدعو للتشائم، بل على العكس تماماً نلاحظ أن الثقة تجاه تركيا تزداد باستمرار، في حين أن الثقة تجاه أمريكا قد انخفضت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة.
تثبت البحوث التي أجرتها مؤسسة "أوبتيمار" أن المجتمع التركي يترقّب الذكرى السنوية المئة لتأسيس الجمهورية التركية بعد أن قام بتحديد أهدافه والتقدم من أجل تحقيقها، ويجدر بالذكر أن نسبة 32.7% قد أجابت على سؤال "كيف تتوقعون أن يكون موقف تركيا في الساحة الدولية في سنة 2023؟" بعبارة "ستكون في قائمة الـ 10 دول الأقوى في العالم"، في حين أجابت نسبة 25.3% على السؤال ذاته بـ "الدولة الأقوى في المنطقة والعالم الإسلامي"، أي أن نسبة الذين يتوقعون مستقبل مزهر لتركيا تصل إلى 58%، وعند إضافة النسبة التي لا تؤيد التوقعات التي تشير إلى الهلاك والدمار تصل هذه النسبة إلى 87.1%.
نظراً إلى ارتفاع هذه النسبة نلاحظ أن المجتمع التركي يتوقع مستقبل مزهر لتركيا، وذلك على الرغم من الدول الضعيفة والمنظمات الإرهابية وحروب الوكالة الموجودة في المنطقة، على الرغم من أن العالم بأجمعه يعاني من زعزعة منهجية في الوقت الحالي، على الرغم من أن أمريكا وأوروبا أصبحت دون قائد، على الرغم من وجود العديد من الأمور المجهولة وارتفاع العنصرية في الفترة الأخرى، على الرغم من عدم وجود أي جواب لسؤال "هل ستدخل تركيا في حرب ضد أمريكا في منطقة منبج السورية؟"، على الرغم من دعوة زعيم حزب الشعب الجمهوري لسحب القوات التركية من عفرين ومنبج ومسامحة قوات الـ بي كي كي في المنطقة.
فيما تؤكد المقارنات التي أجريت لعديد من السنوات السبب في انخفاض الثقة اتجاه أمريكا وزيادتها تجاه تركيا، وبناء على ذلك جاءت نسبة 21.7% في سنة 2014 كأعلى نسبة كانت تتوقع أن تركيا ستتقسم وينقص حجمها، لكن ماذا حدث في سنة 2014؟
كانت الموجات الارتدادية لأحداث "مظاهرة تكسيم" مستمرة، كما كانت الاشاعات التي تزعم أن أردوغان دكتاتوري منتشرة على ألسنة مؤيدي بي كي كي وتنظيم الكيان الموازي، إضافةً إلى أن تنظيم الكيان الموازي قد حاول إسقاط الحكومة التركية، في حين تخلت بعض الأسماء المهمة في الدولة التركية بما فيهم بعض الأسماء من حزب العدالة والتنمية عن أردوغان وتركته وحيداً خلال صراعه ضد هذه المنظمات الإرهابية، واستمر بي كي كي في حفر الخنادق في مدن جيزرة ونصيبين التركية على الرغم من استمرار "فترة الحل" التي اقترحتها أنقرة للوقوف في وجه الهجمات الإرهابية، في حين يحاول عناصر تنظيم الكيان الموازي المتسربين إلى مواقع عليا في الحكومة التركية أن يبقوا تركيا معرضة ومنفحتة للهجمات، ونتيجة لذلك يستمر بي كي كي وداعش وجبهة حزب التحرر الشعبي الثوري في تنفيذ الهجمات الإرهابية ضد تركيا.
كانت سنة 2014 عصيبة بالنسبة إلى تركيا، لكن في النهاية تمكنت من تجاوز هذه المصاعب بفضل أغلبية الشعب والرئيس أردوغان الذين آمنوا بأن تركيا ستتقدم وتزداد قوةً في المستقبل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس