ترك برس
وصف المحلل السياسي الباكستاني، سلمان رافي شيخ، عملية غصن الزيتون التي أطلقتها تركيا لتحرير منطقة عفرين من سيطرة الميليشيات الكردية بأنها أكثر بكثير من مجرد إحراج الولايات المتحدة، حيث تمثل هزيمة مهينة لها في أكبر حرب في الشرق الأوسط في العصر الحاضر، وقد تكون نهاية لسيادتها في المنطقة أيضا.
وقال رافي شيخ في مقال نشره موقع نيو إيسترن أوت لوك، إن الولايات المتحدة اختارت خلال الحرب السورية الأكراد صراحة حلفاء لها، كقوة برية تابعة لها على الأرض. بيد أن هذا الخيار جاء على حساب إبعاد حليف يعد ثاني أكبر قوة عسكرية في حلف شمال الأطلسي وهي تركيا.
وأضاف أن التوسع في الدعم الأمريكي للأكراد لم يؤد على الفور إلى قطيعة في العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وتركيا، فحتى عام 2015، واصل البلدان العمل كحليفين، ولكن استمرار التحالف في الحرب السورية لم يمر دون توتر كبير تحت السطح، حيث كانت تركيا دائما مستاءة من الدعم الأمريكي للأكراد.
ولفت المحلل الباكستاني إلى أن السياسة الخارجية التركية وتوجهها الإقليمي تغير بشكل كبير خلال الحرب في سوريا، على الرغم من بقائها في حلف الناتو، فمن ناحية، أصبحت الصين وقطر مستثمريها الأجانب الرئيسيين، ومن ناحية أخرى تحولت إيران وروسيا إلى حلفاء استراتيجيين رئيسيين لها.
ووفقا لرافي شيخ، فإن هذا التحول يفسر السبب في أن واشنطن على الرغم من مقتل مئات من المقاتلين المتحالفين معها في الأسبوع الماضي لم تتمكن من تقديم رد ملائمة لتركيا، واكتفت بإصدار تصريحات تعبر عن "القلق والحذر".
وأشار إلى أنه على الرغم من الهجوم التركي على حلفاء الولايات المتحدة في سوريا، فإن أسواق تركيا والبورصة التركية لم تُعانِ من تداعيات، حيث لم تتمكن الولايات المتحدة من فرض عقوبات اقتصادية على تركيا بسبب هذا التحدي السافر لها.
وأوضح أن السبب في استقرار السوق التركية يرجع إلى أن تركيا خفضت اعتمادها على أوروبا والولايات المتحدة، ووجدت مصادر مالية جديدة في قطر والصين، ومصادر أسلحة وأنظمة دفاعية جديدة في الصين وروسيا.
وتابع بالقول إن قطر هي بالفعل أكبر مستثمر أجنبي في تركيا باستثمارات تصل إلى 20 مليار دولار مع 19 مليار دولار أخرى ستطرح في عام 2018. ومن ناحية أخرى أصبحت تركيا ضامنة لأمن دولة قطر، بعد التطورات التي حدثت في الأزمة الخليجية والحصار المفروض على الإمارة الخليجية من تحالف تقوده السعودية.
وبينما يعد الاستثمار الصيني في تركيا صغيرا نسبيا مقارنة باقتصاد قطر، فإن تركيا تمثل مفتاحا إقليميا رئيسيا في مبادرة الصين حزام واحد طريق واحد، حيث تعمل الصين على ربط طهران بتركيا وأوروبا بشبكات السكك الحديدية، كما تقوم الصين باستثمارات كبيرة في قطاع الاتصالات في تركيا،كجزء من هدفها المتمثل في توسيع عملياتها عبر الأسواق الرئيسية المشمولة من خلال مبادرة "حزام واحد، طريق واحد" فى بكين.
ورجح المحلل الباكستاني أن تؤدي عملية غصن الزيتون إلى نتيجتين رئيسيتين: إلحاق ضرر كبير بقدرة الولايات المتحدة على التأثير في الوضع في سوريا، وفي المقابل تعزيز الموقف الروسي هناك بعد التفاهم الروسي التركي على العملية.
وتوقع رافي شيخ أن تزداد حدة التوتر بين واشنطن وأنقرة، إذا قررت تركيا الهجوم على منبج شرقي نهر الفرات التي أقامت فيها الولايات المتحدة قاعدة عسكرية، وأعلنتها منطقة آمنة، وحذرت تركيا من الهجوم عليها، مشيرا إلى أن التهديد الحقيقي لتركيا يكمن في منبج، ولذلك فإن تحركها في عفرين ليس سوى خطوة تكتيكية نحو الهدف الاستراتيجي النهائي المتمثل في طرد القيادات الكردية خارج نهر الفرات.
وتساءل في ختام مقاله هل ستحدث مواجهة بين الولايات المتحدة وتركيا في حال هاجمت الأخيرة منبح؟ وهل تظهر تركيا نفس الجرأة التي أظهرتها في عفرين؟ وأجاب بأن ذلك سوف يعتمد كثيرا على كيفية تواصل الاستراتيجية التركية مع روسيا وإيران. وستكون منبج اختبارا للاستراتيجية الأمريكية،وقد تكون آخر ضربة للولايات المتحدة لطردها خارج رقعة الشطرنج.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!