ترك برس
بنيت محطة القطارات "حيدر باشا" في العقد الأول من القرن العشرين لتصبح بوابة أوروبا إلى الشرق، حيث تقف محطة السكك الحديدية بشموخ على الجانب الآسيوي من مضيق البوسفور، وتلوح أبراجها ذات الطراز القوطي بالأفق.
شهدت وصمدت الواجهة العالية للمحطة أمام العديد من اضطرابات التاريخ العنيفة والمأساوية أحياناً، حيث حضرت حقبة انهيار الإمبراطورية العثمانية، والحرب العالمية الأولى، والانقلابات العسكرية، والحريق المخرب الذي دمر سطحها في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2010، ولكن هذه المحطة ذات الحضور الأكبر تاريخياً بين قريناتها تفتقد لأهم عنصر أساسي فيها، ألا وهو القطارات.
فمنذ عام 2013، لم تشهد المحطة الشهيرة أي حركة قطارات بعد إغلاقها للقيام بأعمال ترميم، وإجراء ترقية رئيسية لشبكة السكك الحديدية التركية.
وبعد توقف عمليات الصيانة والتجديد، تحدث بعض من كبار المسؤولين المحليين بشكل علني عن خطط محتملة لبيع المحطة، أو تحويلها ربما إلى فندق أو مركز تسوق أو مجمع ترفيهي، ما أثار حالة من الانزعاج بين نشطاء العمارة والتراث التركي، الذين نظموا بدورهم مظاهرات أسبوعية لإنقاذ مستقبل المحطة.
في عام 2012 عندما كانت القطارات تسحب إلى خارج المحطة وتم بالفعل حينها إغلاقها، وضعت محطة حيدر باشا التي سميت تيمناً باسم الحي الذي تقع فيه، على قائمة مراقبة الأماكن المهددة بالانقراض من قبل منظمة صندوق الآثار العالمية غير الحكومية.
لكن مع ذلك، فإن نشطاء العمارة الأتراك والمسؤولين المحليين إضافة إلى مؤسسة السكك الحديدية التركية أكدوا أن مستقبل حيدر باشا كمحطة للقطارات سوف يبقى على حاله، بعد فترة من عدم اليقين التي راودت مصير المحطة.
ومن جانبه قال "أيكورت نوح أوغلو" رئيس بلدية كاديكوي في إسطنبول، حيث تقع المحطة: "سوف تبقى المحطة ملكية عامة، وهناك العديد من المناقشات حول هذا الموضوع لكن لا يوجد أي خطر حالياً من خصخصة لمحطة القطار، وسوف تبدأ القطارات في الوصول اعتباراً من عام 2019".
وفي ذات السياق صرح مسؤول من مؤسسة الخطوط الحديدية التركية، بأنه يتم حالياً ترميم المحطة لعودتها لعملها كمحطة للقطارات، ولم يتم بحث أي شيء آخر، وبمجرد إعادة فتح المحطة سوف تصبح الوجهة النهائية للقطارات الجديدة عالية السرعة التي تنطلق من أنقرة وتتوقف حالياً في منطقة "بندك" خارج مركز القسم الآسيوي من إسطنبول، فضلاً عن كونها مركزاً لركاب القطارات مجدداً.
افتتحت محطة القطارات حيدر باشا، التي صممها اثنان من المهندسين المعماريين الألمان على شكلها الحالي في عام 1909، أي قبل خمس سنوات من اندلاع الحرب العالمية الأولى.
واعتبرت المحطة حينها رمزاً للصداقة بين الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية الألمانية إبان حكم القيصر "ويلهيلم الثاني" الذي كان يتوق إلى توسيع تأثير برلين في عمق الشرق الأوسط، وأقام علاقة قوية مع السلطان العثماني عبد الحميد الثاني.
كانت محطة قطارات حيدر باشا محطة مزدحمة بالقطارات والركاب قبل أن يتم إغلاقها قبل خمس سنوات لأعمال الترميم والصيانة، وقدمت أيضاً خدمة الرحلات الليلية التي تصل إلى ولايات شرق تركيا مثل "كارس" و"فان"" إضافة إلى رحلات كانت تصل إلى طهران.
كما كانت المحطة نقطة لانطلاق رحلات قطار إسطنبول - بغداد، عبر شركة "تاوروس إكسبرس" التي ذكرتها الكاتبة الانجليزية "أغاثا كريتسي" في الفصل الافتتاحي لرواية "جريمة في قطار الشرق السريع".
وقال "إسحاق كوجا بيك" الأمين العام السابق لاتحاد عمال النقل التركي إن محطة حيدر باشا ليست مجرد مبنى ذو أهمية معمارية ولكنه أيضاً نقطة محورية بالنسبة لخطوط السكك الحديدية.
وأضاف كوجا بيك: "كانت هناك محاولات لتحويل هذه الأرض إلى مركز تجاري وميناء رحلات بحرية، لكننا استطعنا إيقاف هذه المحاولات مستخدمين حقنا بالاعتراض".
ويؤكد الناشطون المعماريون على أنه كان هناك ضغط لتحويل المحطة إلى فندق أو مجمع للتسوق من قبل المجتمع المدني فقط. وفي هذا الصدد أشار المحامي "أرسين ألبوز" أحد القوى الرئيسية في حملة الحفاظ على المحطة إلى أن التضامن في إطار الحملة كان مهمة سوف يذكرها التاريخ، وسوف يستمر حتى تصل جميع القطارات إلى المحطة، وعندها تنتهي الحملة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!