تورغاي غولار – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
قرأت المقابلة التي أجراها "أوكان كونورالب" لصحيفة "حريّت"، التابعة لحزب المعارضة الرئيس(حزب الشعب الجمهوري)، حيث كانت المقابلة مع رئيس الحزب كمال كيليتشدار أوغلو.
المقابلة كانت ممتعة، وقرأتها باستمتاع، لأن الأسئلة والأجوبة التي كانت تحتويها في الحقيقة ممتعة للغاية، ولو أنّ المقابلة قام بها "جيم يلماز" (كوميدي تركي)، لما خرجت بمثل هذه الصورة، لأنها كانت كمزاح، وربما كانت فعلا مقابلة كوميدية.
كان عنوان المقابلة التي شغلت حيّز صفحة كاملة :"اردوغان لا يعرف الدولة العثمانية"، وفوق العنوان الرئيسي كُتب "بينما السيد كمال يعرف"، ومن أجل إيصال رسالة أقوى وضعوا صورة كبيرة جدا لكمال كيليتشدار أوغلو، حيث تم تصويرها في مكتبته وهو يحمل أكبر وأضخم كتابين فيها، ليقول لنا "أنا أقرأ".
وتحت العنوان الرئيسي والفرعي كتبوا "السيد كمال صاحب 10 آلاف كتاب"، بمعنى أنه قرأ هذه الكتب.
اعتقد أنّ تعريف رئيس الوزراء داود أوغلو "بالبروفيسور" شكلت حساسية لكمال كيليتشدار أوغلو، ولسان حاله يقول :"أنا لست بروفيسور، ولكني قرأت 10 آلاف كتاب".
وقد كُتب أيضا في المقابلة على لسان كليتشدار أوغلو :"في الدولة العثمانية كان هناك استشارة، ديوان، فلم يكن السلطان يتخذ القرار لوحده، لكن الواضح أنهم لا يعرفون تاريخ الدولة العثمانية، وهذه هي مشكلتنا الحقيقية".
اللهم ثبّت علينا العقل والدين، من أين أبدأ الآن لتصحيح ما في هذا النص؟
ألم تكن تقولون أنّ الكلام الذي كان يخرج من فم السلطان هو قانون، وأنّه كان يعدم الناس بلا رحمة، ولهذا أنهى أتاتورك حُكم السلاطين، وجلب لنا الجمهورية، ألم تكن السلطنة بالنسبة لكم شيئا سيئا؟
من أغرب الأمور السياسية التي رأيتها، هي أنّ رئيس حزب الشعب "الجمهوري"، خرج ليمدح السلاطين العثمانيين، لكنه لم يكتف بذلك حتى، بل أراد بكلماته تلك أنْ ينتقد اردوغان لأنه يريد ترأس اجتماع مجلس الوزراء.
لكنه بذلك يناقض نفسه بشدة، أليست هذه هي الاستشارة، والديوان، والقرار المشترك؟
ثم قال "المثقف" كليتشدار أوغلو:"سأرسل إلى اردوغان 6 مجلدات عن التاريخ العثماني، ليقرأها ويتعلم منها".
لكن برغم كل ذلك، أنا سعيد جدا لما جرى في تلك المقابلة، لأنني كنت شاهدا لأول مرة، على رئيس لحزب الشعب "الجمهوري" يمدح ويفتخر بتاريخ الدولة والامبراطورية العثمانية.
بعد ذلك سأل "كونورالب" قائلا:"منذ مدة طويلة يرى الناخب التركي أنّ حزب الشعب الجمهوري علاقته ونظرته سلبية تجاه الدين، وأنتم منذ مدة تحاولون تغيير هذا المفهوم لدى الناس، هل استطعتم حصد نتائج من ذلك؟". حيث حاول تلطيف السؤال للغاية، لأنه كان من المفترض أن يسأل التالي:"هل حزب الشعب الجمهوري عدوٌ للدين؟".
لنتجاوز هذا الأمر، ولنرى ماذا أجاب كليتشدار أوغلو، وسأقتبس ما كتب بالنص دون تغيير ولا حرف ولا نقطة، حيث قال:"اذهبوا إلى أي مكان في تركيا، إلى أي بلدة تُدار من قبل مسئولي حزب الشعب الجمهوري، فستجدون أنّ مساجد تلك البلدة أنظف مساجد المنطقة، والالتزام بخدمات التنظيف هناك أمرٌ صارم بالنسبة لنا، ونقوم بها على أكمل وجه، وكما يجب، ليس فقط على مستوى النظافة، وإنما حتى المشاهد والمناظر الطبيعية حول تلك المساجد".
هذا هو جواب كمال كيليتشدار أوغلو، ربما يمزح، ففي الماضي كان الكماليون يقولون "قلوبنا نظيفة"، لكن اليوم ماذا يقولون؟ "مساجدنا نظيفة"!
تلك المقابلة تحتوي في طياتها المزيد والمزيد من هذه الأمور، تحسبها مقابلة كوميدية للترفيه عنا، لكن لا يتسع المقام هنا للكتابة عنها جميعا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس