حسن بصري يالتشين – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس
يتصعّب على العديد من الأشخاص فهم وإدراك سبب محاولة إيران دخول عفرين ودعم حزب الاتحاد الديمقراطي ومعاداتها لتركيا، هذه هي الحالة الطبيعية للعلاقات الدولية، لا يمكن لأي دولة الوثوق بدولة أخرى أو أن تكون صديقةً لها، لذلك لا يمكن التحرك بناء على مثل هذه الحسابات، إذ تعتمد الدول على نفسها فقط وتدير أمورها بنفسها.
هناك اعتقاد ينتشر بسرعة لدى العامة ويكرر نفسه باستمرار، وهو أن حسن تعامل تركيا مع إيران قد يدفع الأخيرة إلى الاعتماد على تركيا وأن تكون صديقةً لها، وعندما تتعرض تركيا للخيانة يبدأ الجميع بإثارة الضجيج والفوضى، ويزعمون أنها لعبة من الشيعة والعجم.
في الواقع ليس هناك ما يدعو لذلك، لأنه يجب علينا إدراك أن الجميع يعتمد على هذه السياسة، لأن المبدأ العام في السياسة الدولية هو عدم الثقة بأي دولة أخرى وليس العكس، وحينها لن يكون لدى تركيا أي توقعات أو خيبة أمل، أي يمكننا القول إن إيران لا تتحرك إلا بما يناسب مصالحها الشخصية.
في هذا السياق يجب على تركيا أن تدرك هذا الواقع وتعطي الأولوية لمصالحها القومية، وليس هناك أي أهمية لما يحدث خارج هذا الإطار.
لا يمكن لتركيا الوثوق بإيران، وكذلك هو الحال بالنسبة إلى روسيا وأمريكا أيضاً، لأن هذه الدول تهتم بمصالحها القومية فقط، وتتحرك بناء على هذا الأساس.
هذه هي طبيعة النظام الدولي، وإضافةً إلى ذلك يمكن أن تتواجد خواص مختلفة في المناطق التي يتضمنها هذا النظام، على سبيل المثال نذكر أن الدول التي تقع في شرق وغرب الأناضول كانت على عداوة ضد بعضها البعض منذ بداية التاريخ، إذ تهتم جميع الدول بضمان مصالحها القومية بصرف النظر عن أسماء أو أديان وطوائف هذه الدول.
في السابق كانت الدولة الصفوية تقف ضد الدولة العثمانية، واليوم نرى أن تركيا تقف في جهة وإيران في جهة أخرى، وليس هناك ما يدعو للغرابة في هذا الأمر، إذ تهدف إيران إلى الفوز في الساحة السورية وبالتالي تريد خسارة تركيا للوصول إلى هذا الهدف.
في بداية الحرب السورية كانت تركيا على وشك الفوز وإيران على وشك الخسارة، لكن فيما بعد تغيرت الأوضاع وبدأت تركيا بالخسارة عندما عادت إيران للفوز، والآن عادت تركيا للفوز وإيران للخسارة، في هذا السياق تحاول إيران أن تدعم حزب الاتحاد الديمقراطي في منطقة عفرين كي تعود للفوز وتدفع تركيا للخسارة، ويجدر بالذكر أن إيران لا تقوم بذلك بسبب تأييدها للحزب، إذ يمكن لإيران أن تدخل في صراع ضد الحزب في مجالات أخرى، لكنها تريد أن يخسر الجميع وتحظى بالفوز لوحدها.
لهذا السبب يجب أن لا يشعر أي شخص بالغرابة تجاه دعم إيران لحزب الاتحاد الديمقراطي، لأن إيران تسعى من خلال هذا الدعم إلى الحد من قدرات وإمكانيات تركيا في الساحة السورية.
لكن لا أعتقد أن النظرة المترددة التي تنظرها تركيا تجاه إيران موجود لدى إيران أيضاً، لأن إيران تجري هذه الحسابات بشكل واقعي جداً، على سبيل المثال لا يمكن أن نجد لدى الشعب الإيراني أو السياسة الإيرانية مثل هذه النظرة المترددة تجاه تركيا.
إن الشعب الإيراني قد خضع نتيجة الثورة الإيرانية لتعليم وتوعية تعطي الأولوية لمصالح الدولة الإيرانية، لذلك لا يهتم أي شخص في إيران بفكرة إقناع تركيا، كما لا يزعم أي رجل سياسة إيراني أنه يجب على الحكومة الإيرانية أن تحسن معاملتها تجاه الحكومة التركية من أجل اكتساب ثقة تركيا.
الحرب السورية دفعت تركيا إلى إدراك أهمية السياسة الواقعية، لكن ذلك لا يغير حقيقة وجود بعض المجموعات التي لم تدرك هذا الواقع، ولهذا السبب يجب على تركيا أن تصرف النظر عن وجود هذه المجموعات.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس