ترك برس
نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية تقريرًا للباحثين "مايكل سينغ" و"جيمس جيفري"، حول مستقبل العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، في ضوء التوتر القائم منذ فترة.
ورأى الباحثان أن "الانفصال عن تركيا سيكون بمنزلة إيذاء ذاتي متعمد. فتركيا لا تقتصر على الرئيس (رجب طيب) أردوغان فحسب، بل هي عملاق جغرافي واقتصادي في المنطقة، يؤدي دور الفاصل بين أوروبا والشرق الأوسط، وبين الشرق الأوسط وروسيا".
واعتبرا أن "خسارة تركيا كحليف للغرب تعني وضع الشرق الأوسط على عتبة باب أوروبا، وإلغاء الحاجز المحتمل أمام النفوذ الروسي بما يسمح لهذا الأخير التوغل إلى قلب الشرق الأوسط"، وفق ما أورد موقع "عربي21".
بالإضافة إلى ذلك، "تُعد تركيا دولة في أفضل وضع يؤهلها تحقيق التوازن مع إيران التي تتعاظم طموحاتها ونفوذها بالتزامن مع شراكتها مع روسيا. من هنا فإن التبعية متبادلة بين البلدين؛ فمن دون الولايات المتحدة، ستصبح تركيا تحت رحمة طهران وموسكو".
وأشَارا إلى أن الحفاظ على التحالف التركي - الأمريكي وعلى القيمة الاستراتيجية التي يستمدها الطرفان من هذا التحالف، يتطلب "إعادة التركيز على التهديدات الاستراتيجية المشتركة بين البلدين، على غرار التحالف المتنامي بين روسيا وإيران، مع التوصل إلى حلول وسط فيما يخص الخلافات التي تشتت تركيزهما عن هذا الهدف".
وفي حين لا تستطيع الولايات المتحدة القيام بالكثير لتهدئة ارتياب أردوغان ومخاوفه الأكبر، إلّا أنّه يمكنها إظهار مرونة أكبر عندما يتعلق الأمر بالأكراد السوريين.
وأضاف التقرير أنه "لن يكون من المنطقي من الناحية الاستراتيجية معاداة تركيا بسبب المسألة الكردية. فتركيا تحتل المرتبة السابعة عشر (17) بين أكبر اقتصادات العالم، وهي واحدة من أبرز القوى العسكرية في الشرق الأوسط.
وفي سوريا نفسها، لا يمكن تزويد ما يقرب من 2000 جندي أمريكي في شمال شرق البلاد بشكل موثوق، دون الطرق البرية والجوية التي تمر عبر تركيا، نظرا إلى أن العراق عرضة للنفوذ الإيراني.
وبالفعل، من الصعب تخيل تحقيق الولايات المتحدة أي إنجازات تذكر من الناحية العسكرية أو الدبلوماسية في سوريا بوجه مقاومة إيرانية وروسية حازمة، إذا لم تتمكن حتى من إيجاد أرضية مشتركة هناك مع حليفها المفترض".
وقال الباحثان إنه "على نطاق أوسع، يتطلب الجهد الأمريكي لمواجهة إيران في الشرق الأوسط والنجاح فيما وصفته إدارة ترامب بالمنافسة الاستراتيجية العالمية مع روسيا والصين، وجود حلفاء.
وبغض النظر عن مغامراتها التكتيكية، تبقى تركيا معارضة لنزعة إيران التوسعية وحذرة من روسيا لأسباب تاريخية وجغرافية.
وبالنسبة للصين، تعد تركيا مرشحا مغريا لتوسيع "مبادرة الحزام والطريق" غربا باتجاه أوروبا، علما أن العلاقة بين أنقرة وبكين لا تخلو من الخلافات الشائكة.
وإذا افترقت الولايات المتحدة وتركيا، فلن تكون إيران وروسيا والصين الدول المُلامة، ولكنها ستكون حتما البلدان المستفيدة".
ويختم التقرير إشارته إلى أنه "لا يخفى أن تركيا حليف صعب. ولكن إذا ابتعدت الولايات المتحدة عن كل حليف صعب لها في الشرق الأوسط، فلن يبقى لديها أي حليف على الإطلاق.
وبالنظر إلى الطبيعة المزاجية لأردوغان والتوتر المتراكم لسنوات في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، فلن يكون من السهل إيجاد أرضية مشتركة مع أنقرة بشأن سوريا وقضايا أخرى.
إلّا أنّ ذلك أمر ضروري في عالم من التنافس الاستراتيجي مع قوى تزداد شراسة يوما بعد يوم"، على حد تعبير الباحثين الأمريكيين.
في سياق متصل، يرى الباحث في الشؤون التركية سعيد الحاج، في تقرير نشره المعهد المصري للدراسات، إن العلاقات الثنائية بين تركيا والولايات المتحدة تقوم على أسس دبلوماسية وسياسية واقتصادية وأمنية معقدة تبني على عشرات السنين من التعاون والمؤسسات والمواقف والقرارات والمصالح، ما يجعل النكوص عنها باهظ الثمن للطرفين.
ويقول الحاج إنه ليس هناك ما يشير إلى أن الولايات المتحدة في صدد الانقلاب تماماً على شريكتها الاستراتيجية، ورغم أنها غير راضية عن بعض سياساتها الخارجية وتعمل ضد مصالحها في سوريا مثلاً، إلا أن ذلك لا يتم على أساس المواجهة المباشرة وإنما ما زالت واشنطن حريصة على عدم وصول العلاقات لحالة القطيعة.
ويُضيف الباحث: "دبلوماسياً واقتصادياً وسياسياً، ليس ثمة أي إشارات على تراجع العلاقات التركية – الأمريكية البينية أكثر في المدى المنظور، ولا على تحسنها بشكل مفاجئ، سيما وأن الكثير من الملفات محسومة على مستوى الدولة وليس على مستوى وزير أو وزارة الخارجية".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!