ترك برس
نشرت صحيفة "آر بي كا"، تحليلًا للباحث الأول في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية "قسطنطين ترويفتسيف"، يُشير فيه الأخير إلى أن "التحالف الثلاثي بين روسيا وإيران وتركيا يقوم على صبر موسكو".
ويرى ترويفتسيف أن العلاقات بين روسيا وإيران على الجبهة السورية تتخطى إطار الشراكة، لتأخذ طابع التحالف عمليًا، وفق ما أوردت وكالة "RT".
ووفقًا للكاتب، فإن "تركيا، على عكس إيران، شريك مهم بشكل استثنائي، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن تكون حليفة، وليس فقط لأنها جزء من حلف شمال الأطلسي (ناتو)".
ويُضيف: "في البداية، كانت تركيا من جهة وروسيا وإيران من جهة أخرى على جانبين مختلفين من الصراع السوري، وما زالت خطوط الترسيم المرتبطة بهذا الظرف قائمة في أكثر من مكان.
لذلك، أجبرت العملية التركية في عفرين دمشق على اتهام أنقرة بالعدوان والاحتلال غير الشرعي للأراضي السورية، ووضعت موسكو في موقف محرج".
ويقول ترويفتسيف إن "تصريحات الجانب التركي حول الضوء الأخضر المزعوم من موسكو حول هذه العملية، تلقي بظلالها على علاقات روسيا، ليس فقط مع الأكراد السوريين، إنما ومع حكومة البلاد.
إلا أن صبر موسكو على العملية التركية في عفرين يمكن أن يحمل مكسبا استراتيجيا. فالهزيمة الثقيلة يجب أن تدفع الأكراد على التفاوض مع دمشق، بحيث تصبح مساعدة الأمريكيين ووجودهم فائضة عن الحاجة".
وهناك جانب لا يقل أهمية، وربما أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية، هو ميل جناح الناتو الجنوبي للتآكل، حيث لروسيا وإيران مصلحة متساوية، وفق رأي الكاتب.
أحدث التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حول إمكانية إدخال قوات عسكرية فرنسية إلى سوريا والرد الحاد الذي أبدته تركيا عليها يدل على تطور في هذا الاتجاه.
في السياق، كتب الخبير "إيليا بولونسكي"، مقالًا في صحيفة "فوينيه أوبزرينيه"، عن أن أحدا لا يوقف جموح تركيا في سوريا والعراق. فما سبب صمت الروس والأمريكان؟
وجاء في المقال: قبل أيام، حذر وزير الدفاع التركي، نور الدين جانيكلي، فرنسا من خطط إرسال قوة فرنسية إلى سوريا. ووفقا لرئيس المؤسسة العسكرية التركية، فإن الجماعات الإرهابية في سوريا دُمرت بالكامل تقريبا.
ولا يوجد سبب لدى باريس لإرسال جيشها إلى البلاد، وإذا كان للجيش الفرنسي أن يظهر في سوريا، فيمكن أن ينظر إلى ذلك على أنه احتلال، وفق تصريحات جانيكلي.
مثل هذا التحذير من تركيا ليس وليد الصدفة. ففي الآونة الأخيرة، تنشط أنقرة بشكل متزايد في سياسات الشرق الأوسط.
فالقوات التركية موجودة على أراضي سوريا والعراق، ولا يخفي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رغبة أنقرة في تعزيز سيطرتها على الوضع في الدولتين العربيتين المجاورتين.
حتى الآن، لم تتخذ روسيا أي خطوات ضد العمليات التركية في سوريا والعراق، على الرغم من أنه ليس من المفيد لموسكو تعزيز مواقع أنقرة العسكرية والسياسية في الشرق الأوسط. إيران صامتة أيضًا.
الشيء الأكثر إثارة للاهتمام هو أن الولايات المتحدة، التي رعت الأكراد مؤخرًا، هي أيضًا لا تفعل شيئا. من الواضح أن الدوائر المؤثرة في واشنطن تعتقد أن النفوذ التركي في سوريا والعراق أفضل من الروسي أو الإيراني.
وبما أن أردوغان لم ينضم إلى الحملة المناهضة لروسيا التي بدأتها لندن، فإن موسكو لا يمكن إلا أن تكون راضية عن الموقف الحذر للزعيم التركي، الذي يناور بين القوى العظمى، محاولا تعزيز مواقعه في سوريا والعراق، ما دامت القوى العظمى مشغولة في حربها الباردة الجديدة.
صحيفة "فزغلياد" الروسية، تقول إن موسكو عرضت على الأكراد الحكم الذاتي داخل سوريا وتحت سلطة دمشق. ولكن، فضل الأكراد الوعود الأمريكية، ما أثار غضب الأتراك ودفعهم إلى إطلاق عملية "غصن الزيتون".
في الأثناء، لم توقف موسكو الأتراك لأنه ستكون لهذه العملية نتائج إيجابية تخدم المصالح الروسية، وفق تقرير الصحيفة الروسية.
وبينت الصحيفة أنه "يجب أن تتحول علاقات الحلف الثلاثي بين تركيا وروسيا وإيران إلى ضمانة للسلام في سوريا، فضلا عن تعزيز موقف روسيا في المنطقة ككل.
كما يجب على تركيا الابتعاد عن نطاق الولايات المتحدة والانفصال عن منظمة حلف شمال الأطلسي. ومن جهة أخرى، يجب أن يحصل الأكراد على حكم ذاتي محدود، إلى جانب بعض الضمانات، دون تقسيم سوريا".
وأكدت الصحيفة أن "التحرك نحو تنفيذ هذه النقاط سيساعد روسيا على تعزيز موقفها في الشرق الأوسط، وتوطيد علاقات روسيا مع بعض بلدان المنطقة، كما سيعزز دورها كبلد قادر على حل النزاعات والصراعات الإقليمية.
وبالتالي، يبدو جليا أنه لا غنى عن هذه العملية العسكرية في سبيل زيادة الوزن الجيوسياسي العام لروسيا في العالم الجديد متعدد الأقطاب".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!