جمال الهواري - خاص ترك برس
ما إن أنهى قائد الإنقلاب العسكري في مصر "عبد الفتاح السيسي" كلمته أمام القمة العربية ال29 والمنعقدة في مدينة "الظهران" شرقي السعودية والتي ندد فيها بالصواريخ التي تطلقها جماعة "الحوثي" اليمنية والمدعمة إيرانياً من وقت لآخر وتستهدف الأراضي السعودية، دون أن يسميها صراحةً واكتفى بالقول "إن مصر لن تقبل قيام عناصر يمنية بقصف الأراضي السعودية بالصواريخ البلاستيكية في نطق خاطيء لمصطلح "الصواريخ الباليستية".
وأعقبت كلمته تلك إنطلاق موجة عارمة من السخرية اجتاحت وسائل التواصل الإجتماعي، وانبرى جميع المعارضين له في السخرية من أخطاءه الإملائية المتكررة وطريقة نطقه للكلمات وانطلق مؤيدوه في الدفاع عنه ومحاولة إيجاد المبررات وضرب الأمثلة وتبيان أنه قد نطقها بطريقةصحيحة، وفي الواقع لا يعنيني إن كان يتلو خطاباته بطريقة صحيحة أم لا، لكن ما يعنيني هو هل سيتكرر الأمر كل مرة فبينما ينشغل الشعب المصري "مؤيدين ومعارضين" في تتبع أخطاء السيسي اللغوية والإملائية ونسيان ما يقوم نظامه بتمريره والقيام به من قرارات وإجراءات "كوارث" على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والإجتماعية والعسكرية وحتى الثقافية والدينية.
لو كان السيسي ساذج أو مغفل كما يعمل هو وإعلامه على إظهاره -من وجهة نظري- بتلك الصفات بطريقة غير مباشرة لما دعمه الغرب والصهاينة وأوصلوه بتخطيطهم وأموال حلفائهم في الخليج "السعودية والإمارات" لسدة الحكم في مصر منفذين بهذا الخطوة الأكبر وواضعين اللبنة الأهم في منظومة الثورات المضادة لوأد وتصفية ثورات الربيع العربي.
حسن النية لدرجة تقترب من السذاجة من يعتقد أن الدول الكبرى التي دعمت وغضت الطرف عن الإنقلاب العسكري وجرائمه بحق الشعب المصري وشعوب المنطقة وتستقبل السيسي على أراضيها بكل ود وترحاب، أنها قد تتخذ قراراتها اعتباطياً هكذا دون الرجوع لمراكز البحث والتخطيط الإستراتيجي السياسي والعسكري والإقتصادي والإعلامي.
لا أنكر أن السخرية هي أحد وأهم وسائل محاربة الطغاة والأنظمة القمعية والديكتاتورية ولكن أن تتحول للسلاح الأكبر ويكاد يكون الوحيد فهذا هو جل ما يطلبه من يحركون السيسي ومبتغاهم، لو حاولنا حصر الكوارث والمصائب التي تسبب فيها السيسي وانقلابه لاحتجنا إلى مجلدات لحصرها، فمن إنهيار إقتصادي وانغلاق الأفق السياسي وانتشار القمع والإعتقال العشوائي والقتل خارج إطار القانون وتمزيق النسيج المجتمعي إلى نزع سيطرة الدولة المصرية على ممتلكات ومقدرات الوطن وتنازلات مخزية لا حصر لها سياسياً وجغرافياً وعسكرياً في خطوات لا يستفيد منها إلا الكيان الصهيوني وامتدادته وحلفاءه في المنطقة الواضحين والآخرين المختبئين والمتعاونين "من تحت الطاولة".
السيسي وانقلابه حولوا مصر حرفياً وعلى أرض الواقع لشبه دولة لا تملك من قرارها ولا أمرها شيئاً ورهن حاضرها ومستقبلها للدول الدائنة والمسيطرة على كل ما تخلي ويتخلى وسيتخلى عنه نظام السيسي من أراضٍ وشركات ومقدرات وممتلكات.
ما يبيعه السيسي ونظامه يقبضون هم ثمنه الآن وفاتورة سداده تقع على عاتق مصر وشعبها والأجيال الحالية والتي لم تولد بعد، حجم الكوارث التي تسبب بها السيسي ونظامه تحتاج إلى عقود من الزمن والكثير من العمل لإصلاحها هذا لو افترضنا سقوط نظامه الإنقلابي لحظة كتابة هذه السطور، مصر ستدخل بسبب قرارات نظام السيسي الغير محسوبة حسب وجهة نظر المعارضين له ولانقلابه والمقصودة والمرتب لها مسبقاً حسب وجهة نظر الكثيرين من الخبراء والمحللين المتابعين للشأن المصري والشرق الأوسط، ستدخل مصر بسببها مستقبلاً آتون معارك إقتصادية وسياسية وقانونية وربما عسكرية لإصلاح ما أفسدته منظومة الإنقلاب العسكري.
لكل المصريين لا تكتفوا بالسخرية فبقدر إنغماسكم فيها بقدر ما يبقى كفلاء السيسي ومحركوه في منتهى السعادة ويسخرون منكم أيضاً وبنفس الدرجة إن لم يكن بأكبر منها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس