سامي كوهين – صحيفة – ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
يبدو وكأنّ الاعتداءات الإرهابية الأخيرة التي وقعت في العاصمة الفرنسية باريس وما أعقبها من أحداث، من شأنها أن تؤدّي إلى ابتعاد أنقرة عن الاتحاد الأوروبي.
فالتّصريحات المتعاقبة التي صدرت من قِبل المسؤولين المقرّبين من الحكومة التركية حول هذه الأحداث وردّة الفعل التي أظهرها الشّارع التركي، تعطي إشاراتٍ بأنّ تركيا بدأت تضع حدّاً لعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي.
لكنّ هذه التّكهّنات لم تنعكس حتّى الآن على العلاقات الرّسمية بين الدّولة التركية والاتحاد الأوروبي. فالدّولة التركية قامت برفع مستوى التّبادل الاستخباراتي والتّعاون الأمني مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية لكثير من دول الاتحاد، وذلك عقب الاعتداءات الإرهابية الأخيرة في فرنسا.
لكن في المقابل لو نظرنا إلى ماهية وأسباب ما جرى في الآونة الأخيرة، نجد أنّ هناك اختلافاً واضحاً بين وجهات النّظر حول هذه القضايا بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة. لا سيما أنّ تصريحات بعض المسؤولين والكُتّاب والأكاديميين السياسيّين الأتراك، تظهر بأنّ هناك تباعداً بين هذين الطّرفين.
وعلى ضوء التّصريحات الرّسمية التي أدلى بها رئيس الجمهورية "رجب طيب أردوغان" ورئيس الوزراء "أحمد داود أوغلو" ومن خلفهما الوزراء والمسؤولين البارزين في قيادات الدّولة التركية، تتّضح لنا المعالم الرّئيسية للموقف التركي حيال هذا الموضوع، حيث من الممكن أن نلخّص الموقف التركي كما يلي:
- تندّد تركيا عادةً بكل عمل إرهابي يستهدف المدنيّين في أي مكان. فمع بداية الأحداث في فرنسا، صرّحت السّلطات التركية بهذا الموقف على الملأ ولم تتردّد في التّنديد بهذه الجريمة البشعة. لكن مع اتّضاح تبعات هذه الحادثة، أخذ مجرى التّصريحات الرّسمية طابعاً مختلفاً بعض الشّيء.
- بعد أن ظهرت جليّاً نوايا بعض الأوروبيّين المعادين للإسلام، أصبحت التّصريحات التركية الرّسمية على الشّكل التّالي (نحن نندّد بالإرهاب ولكن) حيث دأبت على تذكير المجتمع الغربي بالإرهاب الذي يحدث في منطقة الشّرق الأوسط وبتنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في القارّة الأوروبية، وأنّ مثل هذه الاعتدءات الإرهابية ناجمة عن تهميش المسلمين في منطقة الشّرق الأوسط وفي هذه القارة، وذلك عِبر تقوية ظاهرة الاسلاموفوبيا.
- لم تكتفِ أنقرة بالتّنديد بالاعتداءات الإرهابية، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك لتتحدّث عن الأنانية التي تتميّز بها القارة الأوروبية وعن العلاقات ذات الوجهين والتي تتبنّاها قيادات القارة في تعاملاتهم مع الأخرين.
فمثل هذه التّصريحات تعكس النّظرة السلبية للأتراك تجاه الاتحاد الأوروبي ومدى استيائهم من السياسات الأوروبية القائمة على التّمييز العنصري والدّيني. كما أنّ التّصريحات الرّسمية انعكست على ردّة فعل الشّارع التركي وغيّرت من آراء الكثيرين حول مسألة الانضمام إلى الاتحاد.
سياسة خارجية جديدة
إنّ الموقف التركي الجديد تجاه السياسات الأوروبية الأخيرة له عدّة أسباب. وبلا أدنى شكّ فإنّ قسماً كبيراً من هذه الأسباب ناتجة عن النّظرة الأوروبية السلبية تجاه تركيا، بالإضافة إلى العداء الأوروبي للإسلام والذي بدأ يتنامى في الآونة الأخيرة.
كما أنّ من الواضح أنّ المواقف التركية هذه ناتجة عن الأهداف التي تسعى الحكومة التركية إلى تحقيقها على الصّعيد الخارجي. فعلى ما يبدو أنّ المواقف التركية جاءت نتيجة ردود فعل مبنية على أساس حماية الدّين الإسلامي ونتجت عن رغبة الدّولة التركية في لعب دورٍ قيادي في العالم الإسلامي.
وهناك عامل أخر يكمن وراء المواقف التركية هذه، وهي الرّغبة التركية في تحقيق الاستقلالية في اتّخاذ قراراتها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس