ترك برس
شهدت تركيا الأحد الماضي انتخابات برلمانية ورئاسية اعتبرت الأهم والأكثر حساسية في تاريخ البلاد، نظراً لاحتدام المنافسة بين مرشحي الرئاسة، وطبيعة الظروف والشروط الداخلية والخارجية المحيطة بالبلاد، وانتقال تركيا عقبها إلى النظام الرئاسي الجديد.
ولاقت الانتخابات ونتائجها اهتماماً إعلامياً وسياسياً كبيراً تخطت حدود تركيا، ويرى خبراء أن نتائج الانتخابات ومعادلات تصويت الناخب، شكلت رسائل للسياسة الداخلية والقوى الخارجية أيضاً.
وبموجب هذه الانتخابات، أصبح الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان الرئيس الأول لنظام الحكم الجديد عبر حصوله على 52.6 من أصوات الناخبين. كما حصد "تحالف الشعب" الأغلبية في البرلمان. وبحسب النتائج شبه النهائية فإن توزع المقاعد في البرلمان سيكون على الشكل التالي: حزب العدالة والتنمية: 295 مقعداً، حزب الشعب الجمهوري: 147، حزب الحركة القومية: 48 والحزب الجيد: 43 مقعداً. كما سيكون هناك نواب في البرلمان من أحزاب السعادة، والديمقراطية والاتحاد الكبير.
ويرى برهان الدين ضوران، الكاتب السياسي ومدير وقف "سيتا" للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أن نتائج الانتخابات الأخيرة تعد نجاحاً كبيراً بالنسبة للعدالة والتنمية وزعيمه أردوغان، بعد خبرة وتجربة 16 عاماً من الحكم، وأنها نتاج سياسة أردوغان القادر على التوفيق بين الاستقرار والتغيير، وبين الخدمة والهوية.
وبحسب الخبير التركي، هناك العديد من العبر والدروس الأخرى التي يجب استخلاصها من الانتخابات الأولى في نظام الحكم الجديد. وعلى الأحزاب السياسية التركية أن تأخذ بعين الاعتبار هذه الدروس والعبر التي وجهها لهم الناخب. الامر نفسه ينطبق على القوى الخارجية المهتمة بتركيا.
ويلخص ضوران، في مقال له على موقع "أخبار تركيا"، رسائل الناخب التركي للداخل والخارج على الشكل التالي:
1- على العدالة والتنمية أن تعتبر من وجود فارق كبير بين نسب أصوات أردوغان وأصوات الحزب، وتحلل ذلك جيداً وتستمر في سياسات التجديد. وستكون الانتخابات المحلية في مارس/آذار 2019، أول اختبار للعدالة والتنمية لإظهار أدائه ضمن نظام الحكم الجديد.
2- مرشح حزب الشعب الجمهوري، محرم إنجه، أظهر من خلال حصوله 8 نقاط أكثر مما حصل عليه حزبه، أنه سيستمر في تصدر المشهد داخل الحزب. وتطرق لذلك عبر إشارته بحصول حزبه على أكثر من 30 في المئة لأول مرة بعد 41 عاماً. إلا أن أداء "إنجه" لم يكن كافياً لحسم الانتخابات الرئاسية في الجولة الأولى، مما أظهر مرة أخرى ضعف المرشحين الآخرين أمام أردوغان. كما يتضح لنا أن ناخب "الشعب الجمهوري" صوت بشكل استراتيجي في محاولة للمساهمة في تجاوز حزبي الجيد والشعوب الديمقراطي، العتبة الانتخابية ودخول البرلمان. لذا سيواجه الشعب الجمهوري بعد الآن انتقادات لمساهمته في دخول "الشعوب الديمقراطي" إلى البرلمان.
3- اتضح من خلال الانتخابات الأخيرة، أن عتبة 10 في المئة (اللازمة لدخول الأحزاب البرلمان)، لم تعد ذات أهمية كبيرة بعد الآن في ظل نظام التحالفات بين الأحزاب السياسية. لذا قد يكون هناك حديث في النظام الرئاسي عن تقليص العتبة الانتخابية، أو الذهاب إلى نظام انتخابات مصغرة في مناطق محددة.
4- استطاع حزب الشعوب الديمقراطي، تجاوز العتبة الانتخابية في الانتخابات الأخيرة كما كان من قبل في انتخابات الأول من نوفمبر/كانون الثاني 2015. لكن اتضح أن سياسات مكافحة الإرهاب وتعيين الأوصياء على البلديات المتواجدة في مناطق نفوذ الحزب المذكور، أدى إلى انخفاض نسب أصواته. أي أنه عندما غابت ضغوط "بي كي كي" على الناخب الكردي، رأينا أن "الشعوب الديمقراطي" خسر أصواته في الولايات الشرقية والجنوبية الشرقية، بنسبة تراوحت بين 5-12 في المئة. ولم يتجاوز العتبة الانتخابية إلا بمساندة "الشعب الجمهوري" في مراكز المدن الكبرى.
5 - الرسالة الأخيرة هي للعواصم الغربية. باتت الدول الغربية مضطرة لإعادة تقييم سياساتها والسعي للعمل مع أردوغان. كما عليها التراجع عن ممارسة الضغوط، واختيار التعاون بدلاً من ذلك.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!