ترك برس
شهدت تركيا قبيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي أجريت الأحد الماضي، هجمة وصاعة على اقتصادها وعملتها المحلية، وصفها الخبراء والمتابعون للشأن التركي بأنها "حرب عملات" ضد أنقرة، وسط اتهامات الساسة الاتراك جهات خارجية لم تسمها، بالوقوف وراء هذه الهجمات وتعمد ذلك بغية التأثير على نتائج الانتخابات ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم وزعيمه أردوغان.
وفي اليوم التالي للانتخابات التركية، ارتفع مؤشر بورصة إسطنبول المئوي بنسبة 3.55 بالمئة، كما ارتفعت الليرة أكثر من اثنين بالمئة لتصل إلى مستوى أقل من 4.55 ليرة للدولار مقارنة مع 4.6625 ليرة عند الإغلاق يوم الجمعة (آخر جلسات للتداول قبل الانتخابات).
ويعول الحزب الحاكم في تركيا على نظام الحكم الجديد في إعطاء دفعة قوية للنهوض الاقتصاد، وإتمام مشاريع رؤية عام 2023، التي تهدف إلى مشروع "تركيا الجديدة".
وفي تصريحات سابقة قبيل الانتخابات، أكد الرئيس التركي رجب طيب أدروغان، أن النظام الرئاسي ستؤدي دورا كبيرا في جذب رأس المال العالمي للاستثمار في تركيا ما يؤدي إلى رفع معدل الدخل القومي والتوظيف.
من جهة أخرى، رأى خبراء اقتصاد ومحللون أن تذبذب سعر صرف الليرة التركية، خلال الشهور الماضية، المائل للهبوط إلى مستويات قياسية، لا يخرج عن كونه حربا تستهدف العملة المحلية، مدفوعة ببعض العوامل الداخلية المتعلقة بالاقتصاد التركي.
في هذا السياق، تناول تقرير لدى موقع "عربي 21" الإلكترونية، مصير حرب العملات وأسعار الصرف مقابل الليرة التركية، في ظل نتائج الانتخابات التي أدت إلى اكتساح أردوغان الرئاسة من الجولة الأولى، وفوز حزبه العدالة والتنمية بأغلبية البرلمان
وبحسب الخبير الاقتصادي أحمد ذكر الله، فإن إمكانيات الاقتصاد التركي في الانطلاق خلال الفترة القادمة، هي إمكانيات كبرى، ستنقل الاقتصاد التركي من مصاف الاقتصاديات الناشئة إلى مصاف الاقتصاديات الكبرى، إذا ما استطاعت الحكومة التركية أن تنفذ ما وعدت به على أرض الواقع، وفقاً لما نقله "عربي 21".
وأكد الخبير الاقتصادي، أن الحرب لا تزال مستمرة بين النظام التركي وبين من يسعون إلى تخريب الاقتصاد التركي، وهو ما قد يؤدي إلى تأخر تعافي الليرة التركية في الأجل القصير، موضحاً أنه "من المتوقع أن يكون التأثير الإيجابي لنظام الحكم الجديد على الليرة التركية في الأجل المتوسط والأجل البعيد، ولن يحدث تأثير إيجابي ضخم على قيمة الليرة في الأجل القصير، ولو حدث فإنه سيكون بنسب طفيفة".
وأشار ذكر الله إلى وجود فرق بين المؤشرات الاقتصادية سريعة الاستجابة كالعملة المحلية والبورصة، وبين المؤشرات الاقتصادية الكلية الطبيعية التي تحتاج إلى ترتيبات وإجراءات بل وقوانين تعتزم الحكومة التركية سنها بعد النجاح في الانتخابات، مضيفاً: "تابعنا ارتفاعا مباشر لمؤشرات سوق المال التركي في اليوم التالي للانتخابات، أما بالنسبة لسعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، فالموضوع أكثر تعقيدا، لأن هبوطها خلال الفترة الماضية كان مرتبطا بمجموعة من العوامل من بينها المضاربات الخارجية التي أدت إلى تذبذب كبير في سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية الأخرى".
وتابع قائلاً: "لا يمكن تصور أن يقوم المضاربون بسحب كل أموالهم في فترة واحدة، لأنهم على المستوى الاقتصادي سيحققون خسائر كبيرة، وعلى المستوى السياسي لن يسعى هؤلاء إلى سحب أموالهم من السوق التركي بصورة مفاجئة للتأثير سلبا على صورة الحكومة التركية الجديدة وإظهارها في مظهر العاجز عن التحكم في تذبذب سعر صرف الليرة".
وأوضح الخبير الاقتصادي أن هبوط الليرة خلال الفترة الماضية وتذبذب سعر صرفها، كان مرتبطا أيضا بمجموعة من العوامل الداخلية، مثل عجز الموازنة العامة للدولة، وعجز الميزان التجاري، وإجراءات السياسة النقدية، وهذه العوامل لا تزال أيضا موجودة، وتحتاج لوقت كي تتحسن.
وأشار إلى أن الحكومة التركية أعلنت أنها ستقوم بعد الانتخابات بحزمة من الإصلاحات الاقتصادية على أكثر من مستوى، منها تعديل المناخ الاستثماري والسماح بدخول المستثمرين ببعض المشروعات التي كان يعتبرها الأتراك سابقا مشروعات سيادية استراتيجية ولا يمكن الدخول فيها، مثل مشروعات التعليم والصحة وخلاف ذلك، وسيسمح للأجانب بتملك هذه المشرعات.
واستطرد: "من بين هذه الإجراءات توفير رعاية خاصة للمستثمرين، خاصة العرب منهم، وتغيير نظام الإقامات، وتحديد نوافذ خاصة لهم للحصول على إقامة، إضافة إلى أن توفير رعاية خاصة للمشروعات الصغيرة المتوقع أن تشكل خلال الفترة المقبلة رافعة قوية للاقتصاد التركي القائم في الأساس على الإنتاج".
وحول جذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية بعد تلاشي ضبابية المشهد السياسي في تركيا عقب إعلان نتائج الانتخابات، قال ذكر الله إن رؤوس الأموال الكبيرة لا تتحرك إلا وفق استراتيجية عالمية تحدد وتحجم حركة هذه الأموال العالمية، مضيفا أن "هذه الاستراتيجية تتحكم فيها إلى حد كبير السياسات العالمية تجاه دولة بعينها، وبالتالي من المتوقع ألا يكون هناك جذب كبير لهؤلاء المستثمرين، نتيجة للمواقف السياسية العالمية من النظام التركي".
ودعا الخبير الاقتصادي الحكومة التركية الجديدة إلى التركيز على جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال المتوسطة والصغيرة لأنها تكون أقل تأثرا بالمواقف السياسية، وتتحرك وفقا للمصلحة الاقتصادية وليس للمصالح السياسية، مؤكدا أن عملية جذب الاستثمارات الأجنبية إلى تركيا، خاصة الاستثمارات الكبرى التي تتحكم فيها السياسة العالمية، لا تتوقف على نجاح الحزب الحاكم في الانتخابات، وإنما تتوقف على مجموعة من الإجراءات تقوم بها الحكومة الجديدة.
من جهة أخرى، توقع المحلل المالي عمرو السيد، أن يشهد سعر صرف الليرة التركية، تحسنا ملحوظا خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد حلف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليمين الدستورية، وتشكيل الحكومة الجديدة، معتبراً أن ما شهدته سعر صرف الليرة التركية من ارتداد عكسي بعد الصعود الذي حققته في بداية تعاملات اليوم التالي للانتخابات أمر طبيعي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!