ترك برس
تتباين آراء المراقبين حول مصير محافظة إدلب السورية، آخر معاقل المعارضة، خاصة بعد تصريحات روسية ألمحت إلى احتمال استخدام الخيار العسكري ضد الفصائل المسيطرة على المحافظة، رغم انتشاء نقاط المراقبة التركية في إطار تفاهمات "أستانة".
ويرى محللون أن مصير إدلب معقد أكثر مما شهدته مناطق حلب والغوطة الشرقية، ومن بعدها الجنوب السوري الذي عاد إلى سيطرة النظام بعد ست سنوات من سيطرة قوات المعارضة.
وتستعرض قناة الجزيرة القطرية، تعقيدات مصير إدلب في جوانب عدة، أبرزها:
**العدد الكبير من قاطنيها والمقدر بنحو أربعة ملايين، نصفهم تقريبا ممن هجروا إليها من بقية محافظات سوريا، وهو ما سيجعل تكلفة أي عملية عسكرية على المحافظة باهظا جدا من الناحية الإنسانية.
**وقوعها ضمن منطقة النفوذ التركية، ولا سيما أن تركيا طرف رئيس في مفاوضات أستانا، وما تتمتع به أنقرة وموسكو من علاقات وتفاهمات بات خبراء يضعونها في الإطار الإستراتيجي بين البلدين.
**المساحة الشاسعة لإدلب وتعقيدات شن عملية عسكرية واسعة عليها ستكونان مكلفتين للنظام السوري وحلفائه، وتمتع المعارضة هناك بوجود قوات كبيرة وسلاح ثقيل عززه انتقال آلاف المسلحين إليها من مناطق سيطرتها السابقة.
ويبدو أن أنقرة قد استشعرت الخطر الذي يحيق بإدلب مبكرا، فقبل أسبوع اتصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الروسي فلاديمير بوتين وركز على وضع إدلب، حيث أكد أردوغان لبوتين أن "تقدم قوات النظام نحو محافظة إدلب بطريقة مماثلة لما جرى في درعا يعني تدمير جوهر اتفاق أستانا".
تتحدث مصادر سورية، بحسب الجزيرة، عن أن تركيا عقدت ولا تزال محادثات مكثفة مع أطراف المعارضة السورية السياسية والعسكرية لمحاولة التوصل إلى صيغة اتفاق يجنب إدلب أي عملية عسكرية روسية.
المصادر ذاتها قالت إن تركيا تريد أن تضمن حلا سياسيا ودبلوماسيا لا عسكريا لإدلب، وأنها إضافة إلى أهمية المنطقة إستراتيجيا لها فإن مصير أربعة ملايين مهجر فيها يقلق أنقرة التي تستضيف نحو ثلاثة ملايين سوري بين لاجئ ومقيم على أراضيها.
ويبدو أن مصير إدلب سيظل ملفا ساخنا في الاتصالات الروسية التركية، وسيكون ربما ملفا أساسيا في مباحثات أستانا التي ستعقد جولتها الجديدة في سوتشي الروسية نهاية الشهر الجاري.
غير أن هناك من المحللين من يرون أن العلاقات الروسية التركية باتت أمام اختبار حقيقي في ظل احتمالات صدام المصالح بينهما.
ويرى الخبير العسكري والإستراتيجي السوري عبد الله الأسعد، أن ما يجري حاليا هو محاولات تركية روسية للوصول إلى تفاهمات بشأن مصير إدلب دون اللجوء لأي حلول عسكرية.
وقال الأسعد أن إستراتيجية روسيا باتت واضحة، وهي إعادة النظام إلى كل المناطق التي فقدها خلال الثورة السورية، بعد أن غير التدخل الروسي الخريطة من سيطرة المعارضة على معظم مناطق سوريا لتصبح الغلبة لنظام الأسد اليوم.
وبرأي الأسعد، فإن مصير إدلب تحدده روسيا فقط وليس النظام السوري "الذي لا يمكن لقواته أن تنفذ عملية واسعة في إدلب نظرا لظروف التعقيدات الجغرافية والعدد الكبير من السكان عوضا عن القوة التي تتمتع بها المعارضة".
ويذهب الأسعد إلى اعتبار أن النظام وروسيا سيسعيان إلى إعلان التوصل لاتفاقات مع فصائل معارضة يقودها من وصفهم بـ"المخترقين لصفوف الثورة"، وأن موسكو وقوات الأسد ستسعيان إلى حشد القوات حول إدلب ومناطق نفوذ المعارضة لممارسة الضغط على تركيا والمعارضة المسلحة لتنفيذ اتفاق يرضي موسكو.
ولا يستبعد الخبير الإستراتيجي والعسكري حدوث تفاهمات دولية تجنب إدلب كارثة إنسانية كبيرة، معتبرا أن هذه الجهود في حال نجحت ستمكن تركيا من إبقاء نفوذها في الشمال السوري.
لكن الأسعد يستبعد أن تؤدي التفاهمات إلى أي علاقات بين أنقرة في ظل حكم أردوغان ونظام الأسد. وبرأيه، فإن الحل سيظل رهينة التفاهمات الروسية التركية "وبغير ذلك فإن إدلب ستواجه كارثة ربما تكون الأكبر في سوريا منذ عام 2011".
من جهته، قال المختص بالشأن التركي الدكتور علي باكير، إن اتصال الرئيس التركي بنظيره الروسي، رسالة تذكيرية لموسكو، بأن تحقيق الاستقرار في سوريا يتطلب بالضرورة الحفاظ على التفاهمات التركية الروسية، والمطلوب من روسيا كونها طرف رئيس في اتفاق الأستانا، الحفاظ عليه.
واعتبر باكير، في حديث إلى موقع "عربي21"، أن أنقرة لديها خشية حقيقية من أن يقوم نظام الأسد بالتمدد عسكريا الى إدلب، ولذلك يحاول المسؤولون الأتراك تفادي إمكانية حصول إشتباك مع الأسد قبل وقوعه من خلال التعويل مجددا على آليات التفاهم القائمة مع روسيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!