ترك برس
قالت الإعلامية إينس بول، رئيسة تحرير مؤسسة "دويتشه فيله" (DW) الألمانية، إن استقالة اللاعب الدولي من أصل تركي، مسعود أوزيل، من المنتخب الوطني لكرة القدم بألمانيا، كشفت وضعا خطيرا تمر به ألمانيا.
وأشارت بول إلى أن ألمانيا "في طريقها لفقدان القدرة على تبادل الحجج وتحول كل سؤال جوهري إلى حرب معتقدات"، حسب ما جاء في تقرير للنسخة العربية للمؤسسة.
وقبل أيام، أعلن لاعب أرسنال الانجليزي أوزيل، اعتزاله اللعب على المستوى الدولي، بسبب "غياب الدعم من الاتحاد الألماني لكرة القدم"، و"البروباجندا اليمينية المتطرفة" في الاعلام الألماني ضده، و"معاملته بشكل عنصري"، بعد ظهوره في صورة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مايو/ أيار الماضي.
يذكر أن أوزيل توج مع المنتخب الألماني بكأس العالم عام 2014 في البرازيل.
وأضافت الإعلامية الألمانية: فجأة أصبح مسعود أوزيل، ذلك اللاعب المعني بالأمر، كبش الفداء للإخفاق الرياضي وبات هدفا للسهام من كل حدب وصوب؛ وبذلك فقد النقاش معايير ضبطه.
وسادت العنصرية المجردة الخطاب العام، وأصبح المجال ضيقا جدا لنقد موضوعي لقضية قرب أوزيل من الرئيس رجب طيب أردوغان.
وفجأة أصبح الادعاء بأن ذوي الأصول المهاجرة يفتقدون الولاء، مهيمنا على أجزاء واسعة من النقاش العام في المجتمع.
ألمانيا في طريقها لفقدان قدرتها على خوض نقاش مبني على أساس الاختلاف حول أفضل الحجج. ويبدو واضحا أننا فقدنا حتى قواعد السلوك الأدبي التي توفر إطارا يحمي خوض نقاش سياسي شجاع حقا من أجل جدال عادل وتبادل للحجج.
الاختلاف حول هذه القضية انتقل أيضا إلى الحكومة بعد أن هيمن على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحولت التقييمات المختلفة إلى قضية معتقد، وقضية التفوق إلى مبدأ، ولم تفهم الحجة المعارضة كحجة، بل كهجوم مضاد يجب مكافحته.
يبدو الأمر تافها، لكن حيوية النقاش تقول على استماع كل طرف للآخر. ولكي تتمكن المجتمعات من تطوير ذاتها، يجب أن تكون هناك مجالات يتقابل فيها المرء بشكل إيجابي بدافع الرغبة لفهم ما يقوله الآخر ومن ثم لتحديد موقفه.
ولخوض نقاش مثمر عموما، يجب أن يكون في مقدمة البديهيات أن النقاش يتمحور فقط حول الحجة والحجة المضادة وليس حول تأكيد قناعات موجودة مسبقا.
تكشف كيفية إدارة قضية مسعود أوزيل حالة الاستقطاب في ألمانيا وكم الخطر كبير هنا كما في الكثير من الدول الأخرى، بأن ينتهي الأمر بهيمنة الرغبة في قدوم قائد قوي يقوم بتكميم أفواه من لديه رأي مخالف.
وكثير من الآراء المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي تفصح عن وجود هذا المنعطف الفكري المرعب. وفي نهاية المطاف، تغيير هذا الواقع مهمة كل واحد منا، وذلك من خلال سلوكياتنا والمتابعة النقدية لها في النقاش.
في السياق، قالت وزيرة التعليم، انيا كاريليك، في تصريحات لصحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية (خاصة)، إن ردود الفعل حول اعتزال أوزيل "أظهرت أن هناك شيء كسر في المجتمع".
وتابعت: "من الضروري إجراء نقاش هادئ وشامل حول اندماج الأجانب في ألمانيا"، وفق تقرير نشرته وكالة الأناضول التركية.
كما رأت أنه من الضروري "أن يكون النقاش حول كيفية العيش معا في المجتمع، وما يعيق التسامح"، مضيفة: "من المهم الحديث حول القيم والقواعد، والأطر الخاصة بالاندماج".
بدورها، قالت مفوضة الحكومة الألمانية لشؤون الاندماج، انيته فيدمان ماوتس، في تصريحات لشبكة "دويتشلاند" الاعلامية (خاصة): "يجب اتخاذ موقف واضح ضد العنصرية".
ومتحدثة عن الجدل حول العنصرية في المجتمع الألماني، المصاحب لقضية اعتزال أوزيل، قالت ماوتس إن "مكافحة العنصرية في الحياة اليومية في ألمانيا، مهمة كل فرد في المجتمع".
وتابعت أن "الجميع مطالبون بموقف واضح ضد العنصرية، سواء في الخطابات السياسية أو داخل المدارس أو في مقرات العمل"، لافتة إلى أن "ألمانيا بحاجة لثقافة مقاومة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!