هاشميت بابا أوغلو – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

قمت ليلة الاثنين الماضي بالتنقل بين القنوات التلفزيونية الغربية، ومواقعهم الإخبارية، وصحفهم، لأطلع على أبرز العناوين الإخبارية التي يتحدثون عنها هذه الأيام، لأني كنت أريد متابعة تغطيتهم لنتائج انتخابات اليونان.

لكن ما رأيته يتصدر المشهد هو أحداث إحياء الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير المصرية، فكانوا ينتقدون السيسي بشدة، والصور والفيديوهات تأتي تباعا لما يجري في كل أزقة مصر وشوارعها، ثم بدأت بالتدقيق أكثر في تفاصيل تلك الأخبار التي كانت تحتل المرتبة الأولى في نشرت الأخبار والصحف والمواقع الالكترونية.

لاحظت من خلال تلك الأخبار مشاركة الشعب بكل أطيافه، اليساريين والمنظمات الليبرالية والحركات النسائية والألتراس في تلك المظاهرات التي عمت شوارع مصر بمختلف محافظاتها، والأبرز كان سير تلك المظاهرات إلى ميدان التحرير من أجل الدخول إليه. إلا أنهم قتلوا شيماء الصباغ إحدى المشاركات في حزب الشعب الاشتراكي، وألقوا القبض على رؤساء الأحزاب الليبرالية.

دأب الإعلام الغربي منذ الانقلاب في مصر على تقزيم تغطيته لأخبار احتجاجات الإخوان المسلمين وما تعرضوا له من ظلم عقب الإطاحة بالرئيس مرسي، لكن أنْ يعود نفس الإعلام الآن للحديث بصورة موسعة عن الاحتجاجات التي حصلت في مصر في الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، لكأنه يشير إلى إعادة "معايرة" نظام السيسي.

***

تعلمون أنني كنت دائما ما أكتب عن إعادة إحياء مفاهيم الاستعمار الجديد، فالغرب لم ولن يولي أي اهتمام لكل ما قدمه المسلمون للعالم من "قيم أخلاقية عالمية"، لأنها لا تدخل ضمن إطار اهتمامهم، والغرب اليوم لم يكتف بكونه مراقب ومشاهد لما يجري في الشرق، وإنما يريد الاستقرار والاستيطان فيه، لذلك هم يبحثون الآن فقط عمن يخدم مصالحهم بغض النظر عن انتمائه أو شكله أو تفكيره، حتى إنهم اضطهدوا الكثير ممن يعيش في الغرب لوقوفهم تجاه سياستهم تلك برغم كونهم غير مسلمين، وقد دافعت عن هذه الفكرة مرارا، ولطالما غضب مني البعض بسبب وجهة نظري هذه.

لهذا لم يكتف الغرب بالتحكم بإعلامه وسياسته وسياسييه، وإنما أمر أبرز الفلاسفة مثل باديو، وآغامبن ونيجري "بتصحيح" تحليلهم وآرائهم تجاه بعض القضايا والمسائل.

لذلك مثل هؤلاء الفلاسفة الذين كانوا يتحدثون عن استخدام مبدأ "حقوق الإنسان" كوجه خادع من أجل فرض السيطرة الغربية على العالم، عندما يصبح موضوع النقاش الشرق الأوسط، تجدهم يتحدثون عن البعض بأنهم "يشبهوننا فلندعمهم"، وعن آخرين "هؤلاء ليسوا منا ولم يروا ما عانيناه، فليروا ذلك الآن".

ولذات السبب تجد الإخوان المسلمين بالنسبة لهم ليسوا من ذات الإطار، ولذات السبب يستبعدون الحديث عن ما يعانيه السنة في سوريا، ولذات السبب ثاروا من أجل كوباني، فيما لم يحركوا ساكنا عندما استبيحت أربيل بأكملها.

لهذا سننظر كيف للسيسي أنْ يرضي أصدقائه الغربيين الآن، فهل سيكفيه أنْ يرسل لهم صورته وهو يركب الدراجة الهوائية في شوارع الإسكندرية "كزعيم اسكندنافي"؟

دعونا نضع هذه الملاحظات في ذهننا، وسنعود لنتكلم عنها بالتفصيل لاحقا.

عن الكاتب

هاشمت بابا أوغلو

كاتب في صحيفة صباح