مليح ألتنوك – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
نلاحظ أن الانتقادات بخصوص استقلال البنك المركزي التركي برزت كثيرًا في الجدل الدائر حول التقلبات الاقتصادية الأخيرة.
لا أحد يتحدث عن الحرب الاقتصادية التي أعلنها ترامب صراحة، ولا عن الرسوم الجمركية الإضافية التي تعد بمثابة مقاطعة، ولا عن بوادر حرب عالمية، ولا عن تلاعب الصين بالأسواق العالمية.
كل الحديث منصب على زيارة محافظ البنك المركزي لرئيس الجمهورية، وكأن ذلك محرم في الأعراف الديمقراطية.
لا ترى الأوساط التي توجه الانتقادات مذكورة "استقلالًا" للبنك المركزي إلا إذا كان هناك "خلاف" بينه وبين الحكومات الوطنية.
وبحسب وجهة النظر السطحية هذه، التي تعتبر الاقتصاد العالمي مستقلًّا عن السياسة "المخالفة للقواعد"، فإن مؤشر استقلال البنك المركزي واضح.. وهو أن يعترض على البرامج الاقتصادية الوطنية عندما تخالف سياسات الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، الذي يلعب دور البنك المركزي في الولايات المتحدة.
بمعنى أن الوضع المثالي هو أن يكون البنك المركزي مستقلًا عن حكومة بلده، إلا أنه "يعطي البيعة" للاحتياطي الفدرالي، الذي يسيطر على الأسواق والقطاعات المصرفية في الغرب والبلدان النامية.
***
لكن ماذا عن هذا الاحتياطي الفدرالي، الذي علينا اتباع خطواته، حتى وإن أبقى تركيا منذ تأسيسه في دوامة الدول الأقل نموًّا؟ هل هو مستقل عن الولايات المتحدة؟
دون أن أطيل، أقدم لكم الإجابة من خلال التعريف بمالكي الاحتياطي الفدرالي.. إنها "أسر الأعمال" الأغنى في العالم.. روكفيلر، غولدمان ساكس، ليمان براذرز، روتشيلد، واربورغ، لازارد، موزس سيفس.
بنك خاص يمتلك صلاحية طباعة النقود.. اختراع رائع أليس كذلك؟ وإذا وضعتم صلاحية تعيين مدراء البنك في يد المسؤولين السياسيين، فلا يبقى هناك أي مشكلة!
***
نعود من وراء المحيط، حيث تكتسي السياسات النقدية المخالفة للقواعد بغطاء شرعي من خلال ربطها بالقانون، إلى بلادنا حيث المساعي لتطويع البنك المركزي باستمرار..
أمس الأول، أقدم البنك المركزي على ما كان مطلوبًا منه، ورفع الفائدة 6.25 نقطة دفعة واحدة، بعد أن خضع لضغوط كبيرة من أجل القيام بحملة ضد إصرار أردوغان على الفائدة المنخفضة.
نظرت إلى الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي فرأيت من يستهزؤون بعبارة "لوبي الفائدة"، في غاية الفرح. بل إن البعض منهم يقول إن "البنك المركزي أثبت بلوغه سن الرشد".
آمل أن تكون هذه آخر أفراح من يسعون لإقناع الناس بالفائدة العالية من خلال الإشارة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار.
لأن كل نقطة تمنح للفائدة، تُخصم من خانة التوظيف والنمو الاقتصادي وحتى البنك المركزي، وبالتالي من مستقبل تركيا..
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس