د. علي حسين باكير - عربي 21
في آب/أغسطس من العام 2016، قامت الحكومة التركية بتأسيس صندوق الثروة التركي، وهو صندوق ثروة سيادي يضم أصولا بعشرات المليارات من الدولارات تشمل حصصا في شركة ومؤسسات تركية تنتمي إلى قطاعات مختلفة كالطيران، والبنوك، والاتصالات، وغيرها من القطاعات، وذلك لتعزيز وتطوير أصول الدولة الاستراتيجية وتوفير المزيد من الموارد الاستثمارية.
أهداف طموحة
وفقاً لبعض التقارير، فإنّ من أهداف الصندوق الرئيسية توليد نمو سنوي بنسبة 1.5% على مدى السنوات العشر المقبلة، بالإضافة إلى تمويل مشروعات بنية تحتية أو شراء أوراق مالية تركية لتحقيق الاستقرار في الأسواق. وقد ذكر رئيس مجلس إدارة الصندوق في حينه، محمد بستان، أنّ من أهداف الصندوق تحسين قيمة الأصول العامة وتطوير الصناعات الاستراتيجية المهمّة في البلاد ودعم استثمارات البينة التحية بالإضافة إلى مساعدة الشركات التركية الصاعدة للمنافسة على الصعيد الدولي وزيادة قوة الأسواق المالية في تركيا.
وينظر العديد من المراقبين إلى هذه الأهداف على أنّها طموحة للغاية، مقارنة بالأداء المتواضع للصندوق ورئيس مجلس إدارته، أو هكذا قيل عندما تمّ اتخاذ قرار إقالة محمد بستان من منصبه بعد حوالي عام واحد فقط من تأسيس الصندوق. خضع الصندوق منذ ذلك الوقت إلى إعادة هيكلة وجرى تعيين رئيس بورصة إسطنبول، همت قرة داغ في منصب رئيس مجلس إدارة الصندوق بالإنابة مؤقتاً إلى حين استكمال العملية.
إدارة جديدة
قبل عدة أيام فقط، قام رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان بتعيين نفسه رئيسا لمجلس إدارة صندوق الثروة السيادي في البلاد، كما عيّن وزير الخزانة والمالية براءت ألبيرق نائبا له في رئاسة الصندوق، وجرى تغيير مجلس الإدارة بالكامل. برر البعض هذه الخطوة في سياق التعديلات الجديدة الأخرى التي جرت على عدد من المؤسسات الرسمية في البلاد والتي خضعت هي الأخرى لسلطات رئاسة الجمهورية مع التحول إلى النظام الرئاسي. وفقاً لهؤلاء، فإن القرار يساعد على تحفيز الصندوق للعمل بشكل فعّال وسريع لإدارة أصول بقيمة 200 مليار دولار.
لكنّ آخرين لا يزالون ينظرون إلى خطوات من هذا النوع بشكل سلبي ويجري تفسيرها في إطار إحكام السيطرة السياسية على مؤسسات من المفترض أن تتم إدارتها من قبل متخصصين وليس سياسيين. فضلاً عن ذلك، يرى هؤلاء أنّ سقف الهدف المعلن كبير جداً لدرجة أنّه يجعل من الأداء المبذول للصندوق هزيلاً حتى وإن كان يؤدى بشكل إيجابي.
فاتورة باهظة
قبل إنشائه، كانت تركيا الدولة الوحيدة في مجموعة العشرين الكبار (G20) التي لا تمتلك صندوقاً سيادياً للثروة. بعض المتشائمين يشير إلى أنّ استمرارية هذا الصندوق ستكون مسألة صعبة للغاية في ظل الأهداف الموضوعة. فعلى عكس معظم الدول الأخرى التي تمتلك صناديق سيادية، فإن تركيا لا تحقق فوائض مالية من تجارتها الخارجية، وليست دولة بترولية حتى يتم استثمار الفوائض في صناديق سيادية.
تركيا دولة مستوردة لمعظم واردتها من الطاقة ولا تزال تدفع فاتورة باهظة لهذه الواردات، كما أنّ المشوار لا يزال طويلاً أمامها لمراكمة فوائض مالية من تجارتها الخارجية، ولذلك، تبدو مهمّة الصندوق عسيرة للغاية، على الأقل في هذه المرحلة، فأداء الشركات التركية التي تمّ تحويل أصولها إليه ستعتمد ـ فضلاً عن إنتاجيتها الذاتية أو ربحيتها ـ كذلك على وضع البلاد الكلي والأداء الاقتصادي العام الذي لا يزال يخضع لضغوط من المتوقع أن تستمر إلى أجل غير قصير.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس