برهان الدين دوران - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
تعتبر زيارة الدولة التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى ألمانيا أول خطوة هامة على طريق تطبيع العلاقات بين أنقرة وبرلين.
من المؤكد أن تجاوز التوترات الحاصلة في العامين الماضيين، وتقريب مصالح البلدين سيستغرق بعض الوقت، لكن يمكن اعتبار الأبعاد الرمزية والاستراتيجية للزيارة رفيعة المستوى "بداية طيبة".
خلال المؤتمر الصحفي بين أردوغان والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أظهر الزعيمان من خلال إجاباتهما ورسائلهما مدى دقة وحساسية الطريق الذي يسيران فيه.
***
زيارة أردوغان هذه أزالت قبل كل شيء حالة غير طبيعية في العلاقات بين أنقرة وبرلين. فعدم تواصل البلدين، المجبرين على مواجهة أخطار مشتركة، على مستوى رفيع مثّل مشكلة خطيرة.
على الجانب الألماني، كان الحوار على مستوى رفيع مع تركيا متعطلًا بسبب الغضب من انتقادات أنقرة حول "الممارسات الشبيهة بالعهد النازي"، والشكوى من "حبس مواطنين ألمان" في تركيا.
أما الجانب التركي، فكان ممتعضًا بشدة من استضافة ألمانيا أعضاء تنظيمي "غولن" و"بي كي كي"، ومكسور الخاطر لعدم تلقيه الدعم المنتظر عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو 2016.
الإعلام الألماني، وعلى الأخص صحيفة داي ولت، انتقد الزيارة وأوصى بـ "ممارسة ضغوط على أردوغان الذي يعاني اقتصاده من ضائقة".
اتخذت ميركل، وهي سياسية عقلانية، موقفًا مؤيدًا للتطبيع، في مسعى لمراعاة مصالح بلدها. والمؤتمر الصحفي المشترك لأردوغان- ميركل أتاح فرصة الحوار المنطقي بشأن القضايا الحساسة، أمام وسائل الإعلام.
فقد تحدث الجانبان عن التطورات الإيجابية بخصوص تطلعاتهما من بعضهما البعض، وعددا مطالبهما من بعضهما. كما أنهما ناقشا المشاكل القائمة وعبرا عن تحفظاتهما بشكل متبادل.
***
شكلت الأزمة السورية بعناوينها الرئيسية؛ إدلب واللاجئين وإعادة إنشاء المناطق الآمنة وعملية الانتقال السياسي، مادة رئيسية على أجندة المباحثات.
بإلحاح من أردوغان وميركل تنعقد قمة إسطنبول الرباعية في أكتوبر القادم بمشاركة تركيا وألمانيا وفرنسا وروسيا لبحث الملف السوري ومسألة إدلب.
وأخيرًا تظهر مؤشرات أوروبية إزاء الإقدام على خطوة فعالة في الأزمة السورية. حملة البلدان الأربعة هذه لن تروق بالتأكيد للولايات المتحدة. ومشاركة فرنسا في القمة هامة على الرغم من الامتعاض الأمريكي. الاحتمال كبير بأن ميركل نجحت بإقناع ماكرون بالمشاركة.
***
تقع على عاتق ميركل مهمة صعبة في تطبيع العلاقات الألمانية التركية. تعلم المستشارة الألمانية جيدًا أن بلادها وأوروبا بحاجة إلى تركيا. لكن يتوجب وضع حد لتصاعد العداء لتركيا وأردوغان لدى الشارع الألماني منذ عدة سنوات. وهذا سيكون له دور في تهدئة الرأي العام الأوروبي أيضًا.
ولا بد من موقف ألماني متعاون اقتصاديًّا في هذه الهزة التي تعيشها أنقرة جراء الهجمة على اقتصادها. كما يتوجب حتمًا على برلين إزالة الضغوط على الوجود التركي في ألمانيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس